رأي ومقالات

بقَّج من ضواحي الخرطوم..!!


[JUSTIFY]واقع التحامل العنصري البغيض في ذهنية العقل المحلي، أصبح الخطاب المشاع والمعبر عن قضايا مستوى الحكم الولائي وعلى مستوى المركز، وصارت بعض القضايا الموغلة في المحلية عناوين مدهشة ومثيرة للانتباه، وتحسبها حال قوم في تلك البلاد والأصقاع البعيدة، ولكن عندما تقرأ ما كتب بشأن هذه القضية أو تلك، تجد نفسك تقرأ المقال أكثر من مرة، ليس لأهمية ما كتب ولكن لوضاعة ما تقرأ، وإسفاف لما يتناول واعتساف في حق المنظور الوطني والمفهوم القومي الذي بالضرورة أن يكون حال الحاضر، خاصة في ولايات دارفور المأزومة وحالها المشتبكة في تفاصيل الحياة هناك، وممارسات الناس عبر ساعات الليل والنهار، حتماً العفو والتسامح والرضا هو القاسم المشترك بينهم، وتناسي الماضي الأليم هو منهج الحياة التلقائي، الذي تحمله ضمائر الأغلبية.

بهذا القدر من الفهم الذي هو غريزة إنسان دارفور، أن يترفع الإنسان المثقف الذي هباه اللَّه قدر من الفهم والإدراك الذي يخاطب عبره الرأي العام في الصحافة أو التلفزيون أو أي وسيلة من وسائل الاتصال الجماهيري، وأن يحرص على ما يفيد المتلقي في كل تفاصيل العملية الكتابية أو الإبداعية، قرأت مقالاً تحت عنوان لا توقظها يا والي جنوب دارفور فإنها نائمة، وحقيقة قرأت المقال أكثر من مرة ولم أجد هذه الفتنة التي أشار إليها كاتب المقال، إلا في الأفكار التي وردت في المقال نفسه وملخص الفتنة التي وردت في المقال هي زيارة الوالي لمنطقة أبو جابرة التي تقع شمال قريضة، والغرض من زيارة الوالي هو الوقوف على حال النازحين الذين عادوا إلى المنطقة طوعياً، وتحدث الوالي وطمأن المواطنين والتزم بحمايتهم من المتفلتين، وكذلك بناء وتعمير المنطقة وأكد لهم أن هذا حق على الدولة وواجب عليها القيام به نحوهم باعتبار إنه إضافة حقيقية للإنتاج، وإعمال الأرض وكسبها. ولكن كاتب المقال يرى في ذلك فتنة، ويبرر أن الزيارة كانت غير معلنة، وأن الضابط الإداري لمنطقة سعدون وهي مجلس قرية وفي الواقع حيّ من أحياء مدينة قريضة يفصل بينهما الوادي، لم يخطر بهذه الزيارة غير المعلنة، وإن الدعوة وصلت لبعض المناطق دون منطقة سعدون، وحقيقة هذا الاحتجاج الكبير لم أجد له تفسيراً إلا ربما لعدم دراية الكاتب بمشهد المنطقة الجغرافي، وكذلك لقلة خبرته بالنظام بمستويات الحكم المحلي والولائي، ما هي علاقة الضابط التنفيذي بوالي الولاية اللواء الركن آدم محمود جار النبي؟ هذا السؤال ينبغي أن يركز عليه كاتب المقال ومن ثم نخاطب الناس بقاماتها، وليس بما تحمل النفوس من الضغينة والبغضاء، أو ما يحمل إلينا أحياناً وهو مجرد من الحقيقة وفي هذا المحك الضرورة تقتضي تدخل الكاتب في إبداء رأيه مجرداً غير منحاز. ذلك كما ذكر الكاتب أن الوالي يحمل رتبة اللواء الركن، ثم أن الوالي نفسه ليس ظاهرة شخصية، فالوالي مؤسسة تحمل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والتنفيذية والتشريعية، وكل ما يقوم به الوالي هو سياسات من الأجهزة المختصة بما في ذلك زيارة الوالي آدم محمود جار النبي إلى منطقة أبو جابرة سرية أو معلنة، تحددها الأجهزة المعنية هذه وهي التي تقوم بدراستها قبل وبعد الزيارة، وكما ذكر الكاتب في أن الوالي له حق الاختيار في إعلان زيارته، أو عدم إعلانها هذه حقيقة ولكن في الواقع هذه الزيارات مرتبة من الحكومة، وهي ليست من مزاج الوالي، أو رغبته، فالأمر أمر دولة يخضع لمنهج وإطار وإجماع عليه، وهذه أبجديات ينبغي أن لا تفوت على كاتب المقال، عطفاً على أن الوالي والياً لكل جنوب دارفور، وهي أكبر ولاية من الحيث السكاني على مستوى دارفور الكبرى، وهنا الضابط الإداري في مستوى مجلس القرية يروح شمار في مرقة. وإذا أخذ مجمل ما ورد في المقال كمادة يمكن بناء الرأي عليها نجد أن رأي الكاتب متناقض لدرجة الفجاجة، فأمر الزيارة غير المعلنة ليس بالأمر المزعج لاعتبارات أمنية عدة في ولاية جنوب دارفور، ولكن المزعج حقيقة أن الكاتب غاضب على هذه الزيارة غير المعلنة وفي نفس الوقت يؤكد أن لقاءً جماهيرياً قد حدث في منطقة الزيارة والدعوة وجهت لبعض المناطق، وهنا الكاتب غير موفق فالزيارة غير المعلنة دائماً لا يدعو لها الجمهور، لأن الأمر في أساسه غير مرغوب فيه، ونتيجة لعدم موضوعية المقال قد أدى هذا إلى إغماض في الحقائق وعتّم على رؤية الكاتب، حتى أصبح مضمون المقال والفتنة التي أشار إليها هي في الواقع الكاتب نفسه، الذي وضع حبل المشنقة في الزعم والانطباعية في عمق قوله ومقاله.

حيث ذكر أن أهل أبو جابرة من النازحين، بل أكد أنهم من المهجرين أثناء عمليات الحكومة مع حركات التمرد في المنطقة، والصحيح أن المنطقة على مستوى محلية قريضة قد أستبحت ودخلتها بعض الحركات المتمردة، وعاشت فيها فساداً على حساب أهلها الأبرياء، وبعد عمليات قوات الحكومة، استقرت المنطقة، وعاد أهلها إليها، وزارتها حكومة ولاية جنوب دارفور ممثلة في الوالي، هذه ترتيبات لأي عملية بعد السلام، وبناء الثقة، فماذا يعني قول الكاتب أن زيارة الوالي هي خطوة لاستفزاز إخوة لهم في المناطق الأخرى للهجوم عليهم، وهل هذا الاستفزاز يثير أهل سعدون في الهجوم على أبو جابرة؟ خاصة أن الكاتب محتجاً على المدينة والغريب ينفي هذا الهجوم ويؤكد بأنه لا يحدث، طيب لماذا ذكر هذه الجزئية، بأنه ربما هجوماً يحدث للعائدين في أبو جابرة، هذا أمر غريب ورأي غير مبرر. السؤال موجه للكاتب هل أهل سعدون بهذه السذاجة؟ بأنهم يهجمون على العائدين وما سبب الهجوم وما هو الاستفزاز وما هو المكسب والفائدة من قول الكاتب؟ بعض الدراسات العلمية تؤكد أن منطقة سعدون قدمت للسودان أحد رؤساء الوزراء، وبالطبع مثل هذه المنطقة ليست بهذا القدر من الجهل وعلى الكاتب أن يثبت مثل المعلومة خيراً من المغالطات التي وردت في المقال، وفي هذا الجانب ذكر الكاتب بأن مشكلة دارفور هي مشكلة الأرض، وهذه حقيقة إن الحواكير في دارفور تعتبر المشكل الأساسي وقد أريقت دماءً كثيرة وأرواح عديدة، ولكن ليست هذه الممارسات أساليب مرتبة ترعاها الدولة مباشرة كما ذكر الكاتب، وهو يقول أن الأرض متوفرة، إذن لماذا غياب العقول ومن ثم موت الأبرياء؟ هل رعاية الدولة مبرر للاقتتال القبلي في دارفور؟ وماذا يعني إفادة الكاتب بأن هناك وجوداً من الجماعات يمكنهم الهجوم على أبو جابرة، هل هذا الهجوم يعني إبقاء المنطقة خالية من سكانها الأصليين؟ وهل هذا يدخل ضمن المفهوم بأن الدولة سبب المشكلات القبلية بدارفور. شيء أخير ذكر الكاتب قرارات الوالي اللواء الركن آدم محمود جار النبي، بخصوص هذه الزيارة، ومن خلال متابعة مقال الكاتب لم توجد قرارات للوالي كل ما دار هي زيارة ميدانية غير معلنة خاصة بالعائدين من نيالا إلى منطقة أبو جابرة، وقد رتب للاحتفال مفوضية العائدين بالسلطة الإقليمية، وهذا كل ما دار في زيارة الوالي اللواء الركن آدم محمود جار النبي إلى منطقة أبو جابرة التي نزح مواطنوها عام «2006م» إلى مدينة نيالا، وعادوا الآن إلى منطقتهم، وبالتالي من حق الوالي زيارة منطقة سعدون كما زار منطقة حمادة وكل مناطق العودة الطوعية، أما استهجان عموم أهل المنطقة والتحليل لزيارة الوالي بالشكل الذي أورده الكاتب في المقال، إنه مجرد حديث إنشائي، ليست له أي علاقة بالتحليل الموضوعي الذي يمكن أن يفيد في القرار أو الرأي أو الإصلاح فزيارة الوالي أن تكون للإيقاع بين أهل سعدون وقريضة أو يريد الوالي بالزيارة إبدال السكان الذين لم ينزحوا بالنازحين، في المنطقة، هل يعقل أن يكون هذا رأي أهل سعدون؟ هذا أضحل مما ينسب إليهم، وهذا رأي انطباعي يجعلني أشك أن يكون الكاتب على دراية بمزاج أهل دارفور، وخبرتهم السياسية.
وتر اللوم

د. يحيي حماد فضل الله
صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. واعادة تفصيل الموضوع فى مقالك ده .. ونشره فى جريده هو دعاية مجانية .. ولفت نظر لمن لم يقرا المقال الذى تتحدث عنه ..