حوارات ولقاءات

نانسي عجاج: مهمة الفنان ترميم الصدع وتقريب المسافات وتجاوز حدود اللغة والجغرافيا


ولكأن الشاعر قد ضرب في عالم الغيب فعناها بقوله “يا صوتها لما سرى” ولما يسري صوت نانسي عجاج تحتشد كل أزمان الطرب في صوتها أصالة الزمن الجميل، وفي اختياراتها أناقة الذوق الرفيع, وفي حضورها كاريزما لافتة لها سطوة قوية عندما تقف على المسرح، وما أن تحاورها حتى تكتشف فيها ثقافة رفيعة المستوى، ونانسي تحترم فنها جدًا وتعتقد أن فنها رسالة، هي مبدعة لا شك في ذلك، هي مطربة يلمس ذلك كل من أوتي السمع الجميل هي نانسي عجاج وهذا يكفي ولكن لابأس أن نضيف أنها سليلة أسرة فنية عريقة.

هذه السطوة وتلك الكاريزما لابد أنها تكونت مع بداياتك الفنية كما أني أعتقد ان هنالك عوامل عدة شكلت تجربتك الإبداعية؟

أشكرك كثيرًا على هذا الإطراء والواقع أنه لم تك هنالك نقطة بداية محددة لمسيرتي الفنية، فقد نشأت في محيط وبيئة موسيقية، وذلك بحكم أن والدي موسيقار وملحن، كنت منذ طفولتي وصباي الباكر أمارس العزف على آلة الكيبورد، ثم بدأت أولى محاولاتي اللحنية، وكان للوالد “الموسيقار الكبير بدر الدين عجاج” أثر كبير في بداياتي الفنية فقد وجدت التوجيه والدعم والتشجيع من والدي، وبدأت محاولاتي الغنائية، مشاركة له بالغناء في المناسبات العامة، مما أكسبني الخبرة وأعطاني الثقة اللازمة لبناء مشروع غنائي وموسيقي خاص.
وبالنسبة لما أشرت إليه من عوامل شكلت تجربتي الفنية إضافة لما ذكرته لك فإن السفر كان أحد الأعمدة الأساسية لتجربتي الغنائية والموسيقية، ففيه الاغتراب، والتعرف على آخر مختلف، والانفتاح على موسيقى العالم، إلى جانب ما يصاحب ذلك من تجارب حياتية صعبة وقاسية أحيانا. وأنا أعتقد أن تجربتي قد تغذت من كل تلك العوامل التي ذكرتها لك.
هل يمكن الحديث عن أن هنالك نقطة معينة شكلت انطلاق نانسي فنيا؟
نعم يمكن ذلك وأعتقد أن انطلاقتي كانت من خلال أول البوم غنائي وهو البوم (سحر النغم) 2006 ، وأعتقد أن هذا الألبوم قد وجد ترحيباً ولقي انتشارًا كبيرًا، واستطعت من خلال هذا الألبوم الوصول إلى عدد مقدر من المستمعين . وبالفعل أنا أعتبره نقطة انطلاقتي الحقيقية.
ثم بدأت مسيرة نانسي الغنائية؟
نعم هذا صحيح، ثم كان أول لقاء لي مع الجمهور السوداني بالسودان وكان ذلك في عام 2006م وأعتقد أنني قد وجدت قبولاً.
بعد ذلك كان لك عدد من الألبومات؟
هذا صحيح فقد كانت أول تجربة البوم غنائي وهو(سحر النغم) في عام 2006 كما ذكرت لك، حيث لاقى نجاحاً واسعاً، وكانت الأعمال الفنية التي احتواها ذلك الألبوم من أغنيات (ولي المساء) ، (ومسامحك يا حبيبي) صاحبة الشعبية الأوسع ، ثم كانت لي تجربة أخرى في عام 2008م عندما أنتجت البوم (رفقة) ، وفي ذلك الألبوم قدمت مجموعة من الأغنيات الخاصة وهي (رفقة) ، (بلدًا هيلي أنا) ، (ما ذنبي) وإلى جانب ذلك حوى الألبوم على عدد من الأغنيات من الأعمال المسموعة.
ثم كانت لي تجربة فنية أخرى مع البوم (موجة) الذي أنتج في عام 2011م ، وقد احتوى على مجموعة من الأغنيات الخاصة، والمسموعة وكذلك على أغنيات تراثية.
كان البوم “موجة” أكثر اختلافاً من سابقيه؟
نعم، وأزعم أن فيه نضوج فني أكبر، وفكرة ورؤية موسيقية أكثر اكتمالاً. وشهدت تلك الفترات كذلك تقديم ألحاني الخاصة على المسرح وأعتقد أن الجمهور قد تجاوب معها كثيرًا.
لاحظت مقدرتك الكبيرة على توظيف التراث، واختيار الألحان والنصوص، وهي اختيارات تنمُّ على ذكاء فني وموسيقي كبير. أيضاً ماهي رؤيتك للموسيقى السودانية؟
الحقيقة أن السودان يمتاز بتنوع وتعدد ثقافي وموسيقي ضخم، وأرى أنه يصبح من الضروري الاستفادة من هذا الإرث الكبير في عكس تنوع وتعدد شعوب السوادن، وفي الثرات تكمن الخصوصية، وكذلك تكمن الأصالة والاختلاف.
أمام هذا الواقع الذي ذكرتيه ماهي رسالة الفنان أو المبدع ؟
في اعتقادي أن مهمة الفنان هنا هي، ترميم التصدع وتقريب المسافات وتجاوز حدود اللغة والجغرافيا وعكس رسالة فنية وإنسانية أشمل، وأعتقد أنه عبر عملية تقديم الأعمال التراثية في قوالب موسيقية جديدة ومعاصرة، يمكننا إخراج هذه الأعمال إلى حيز استماع أكبر، ويتيح كذلك للأجيال الجديدة والقادمة الارتباط بي تاريخ وثقافات راسخة وقديمة
نعود إلى سؤال “شوفك” للموسيقى السوداني؟
الموسيقى السودانية مميزة في اعتقادي وهي موسيقى معبرة ومتجددة، وتحتوي على تنوع لحني وإيقاعي كبير كما أسلفت. وربما لم تجد حظها من الانتشار الذي يليق بها لكن تبقى موسيقى جميلة وعميقة ومحبوبة.
وكيف تنظرين إلى إسهام المرأة في الموسيقى السودانية؟
في ثقافات السودان كانت المرأة السودانية حاضرة، كمؤلفة، وملحنة، ومغنية في جميع المناسبات الخاصة والعامة. ولكن تجدر الإشارة إلى رائدات في مجال الغناء. انتشرت أسماؤهن في جميع أنحاء السودان عن طريق الإذاعة والتلفزيون : مثال منى خير، ومهلة العبادية، وعائشة الفلاتية، وحنان النيل والبلابل.

جلس إليها .. علاء الدين محمود– التيار


تعليق واحد