تحقيقات وتقارير

يقول عبد الله موسى إن شرق السودان المكاسب التي حققوها “227” لن تسقط ولو سقطت الحكومة.. البرلمان يضمِّن اتفاق سلام الشرق في الدستور


[JUSTIFY]بالنسبة للزعيم السياسي في مؤتمر البجا، عبد الله موسى، فإن تضمين اتفاق سلام الشرق في الدستور تأخر كثيراً، وكان له أن يتم قبل هذا الأوان، لأن التضمين جزء من إعلان المبادئ التي تحاورت عليها الحكومة وجبهة الشرق في 2006. الآن حصل عبد الله موسى على رغبته في اعتراف المركز بخصوصية إقليم شرق السودان؛ ففي البرلمان نال قادة شرق السودان الإشادة والتقريظ، ولم يمتثل حتى آخر نواب البرلمان من المتحدثين في جلسة أمس لحديث رئيسهم الفاتح عز الدين وهو يدعوهم عدة مرات للتعليق لصالح التعديلات الدستورية التي يجيزها البرلمان في تلك الساعة لتضمين اتفاق شرق السودان في الدستور بالمادة (227)، وظل كل حديث النواب يمضي بعبارات الشكر والثناء على الاتفاق وعلى القادة الموقعين من جانب شرق السودان، أكثر منه حديثا لصالح مضمون التعديل وصلاحيته وقدرته على معالجة الإشكاليات. وفي كل مرة، يرسل كل صاحب فرصة تقريظا عاليا على الاتفاق في كتلته الصماء، متجنبين الحديث عن آثار الاتفاق على أرض الواقع وتنفيذاته. يشخص سؤال راهن عن مبررات تضمين الاتفاق في الدستور بهذا التوقيت مقارنة مع الفترة التي قاربت على العشرة أعوام منذ توقيعه، وخمس سنوات منذ انتهاء أجله بعد الانتخابات الماضية، فالبعض يرى أن صوت قيادة جبهة الشرق التي يمثلها رئيس مؤتمر البجا، مساعد الرئيس، موسى محمد أحمد، قد ارتفع، كان آخرها رفضه الصريح للتعديلات الدستورية بانتخاب الولاة، رغم أن موسى نفسه كان حاضرا وينظر بترقب كبير لعبارات الإشادة والتقدير التي طوقها به النواب، بدأت كأنها (جبر خاطر) لموسى الذي ظلت تلازمه لعنات عدم إحراز أي تقدم في اتجاه الشرق. ويقول الزعيم عبد الله موسى.. وهو يتحدث لـ(اليوم التالي)، أمس الاثنين، سعينا لتضمين الاتفاقية في الدستور طيلة السنوات الماضية، واستطعنا الآن أن ننتصر لحقوق شرق السودان في جانب السلطة والحقوق وأصبحت ملزمة دستوراً، ويضيف عبد الله: (لو سقطت هذه الحكومة، فإن المكاسب التي حققناها في الدستور لن تسقط، لأنها أصبحت مكاسب ثابتة، وسيبنى عليها أي دستور دائم متوقع).

رئيس لجنة التعديلات، بدوي الخير إدريس، يرى أن اتفاقية سلام الشرق خطة طموحة للتنمية في ولايات الشرق التي كانت تعاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية، بجانب تعزيز مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، لكن الطيف الواسع من سكان شرق السودان مازالوا ينظرون بعين السخط على الاتفاق، كونه لم يحقق التنمية الحقيقية التي يتطلع إليها المواطن، ويمتد التساؤل عن جدوى تمتين رابطة الاتفاق الذي شهد تشرذما كبيرا لمكوناته. حيث انقسمت الجبهة لأكثر من حزب، واحتفظ كل حزب بقسمته في السلطة بموقف يعزز ما ظل يطلقه الكثيرون بأن الحكومة نفسها ساهمت في ذلك.

على كل حال، تم تضمين اتفاق شرق السودان في وثيقة الدستور الانتقالي، لكن لم يبرح الاتفاق محطة (الشكر والتقدير)، ولم تفتح أية مناقشات على أن التضمين يحوي قسمة جديدة للثروة في الشرق أو حتى تنفيذ ما كان مضمنا في الاتفاق واستعجاله، أو تحديد جدول زمني لذلك، ما دامت الاتفاقية نصت على أن يتم صرف (600) مليون دولار على التنمية في شرق السودان طوال فترة الاتفاق، أو ينبئ بأن الشرق سيحصل على نصيب جديد في السلطة التي يمثلها مساعد رئيس واثنان من وزراء الدولة ونواب في مجلس الولايات ومعتمدو رئاسة في ولايات الشرق فقط.. لكن نائب رئيس جبهة شرق السودان، آمنة ضرار، ترى أن تضمين اتفاق الشرق في الدستور بمثابة ضمانة حقيقية لتنفيذه، فيما أشارت لعدم تنفيذ عدد من البنود في الاتفاق مثل قضية المسرَّحين وملف إدماجهم في القوى المدنية والعسكرية، بجانب الملف المتعلق بالتنمية باعتباره أساس الاتفاق.. فيما يرى مهدي إبراهيم أن أهل الشرق هجروا الحرب وأعلنوا السلام، لذلك فإن تضمين الاتفاق في الدستور أمرا بدهيا وطبيعيا لا اختلاف حوله، وهو ما يعزز رؤية البعض بتغيير في مفهوم الحكومة تجاه قضايا الإقليم من خلال نموذج شرق السودان، وربما بدأت الحكومة في الإحساس بتقصير وحرج تجاه شرق البلاد، ما دفعها لتضمين الاتفاق في الدستور كغاية قانونية لكن بالضرورة فإن الاتفاق في حاجة أكبر لتنفيذات على أرض الواقع مقارنة مع ما قدمه من تجربة حقنت الدماء ومنعت تجدد حمل السلاح، كما حدث في أقاليم أخرى أو حركات وقعت على اتفاقات سلام، لكنها عادت إلى الميدان مرة أخرى بعد فشلها في نيل مطالبها واستحقاقاتها.

الخرطوم حسن محمد علي
اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]