الصادق الرزيقي

تضخيم المعارضة..


> أعطى المؤتمر الوطني في خطابه السياسي الانتخابي، قيمةً كبيرةً للحملة المزعومة التي تُسمى (أرحل )، بل وردت في مخاطبات السيد الرئيس البشير مرشح الحزب لجماهيره في عدد من اللقاءات بالعاصمة والولايات، إشارات واضحة وصريحة اتسمت بردة فعل قوية تجاه هذه الحملة المُعارِضة التي حددت هدفها وبرامجها بمقاطعة الانتخابات والتقليل من شأنها، ومطالبة البشير بالرحيل!.. يمكن القول إن حوالي 95% من السودانيين لم يسمعوا بهذه الحملة ولم تطرق آذانهم ولم تزدحم عليها إلا من أفواه المؤتمر الوطني وقياداته .. ولولا الحملة المضادة من حزبنا الحاكم لذهبت حملة (إرحل) أدراج الرياح، كسابقاتها وتلاشت في الهواء مثل مهلة (المائة يوم)، التي أعطتها المعارضة من قبل للحكومة تفصلها من السقوط..
> الرئيس البشير ليس في حاجة للرد على مروِّجي هذه الحملة ضده أو ضد الحكومة، فهي حملات موبوءة بالفشل من بداياتها، ليس وراءها فعل سياسي جاد وفعَّال، مجرد أقوال تُطلق في فضاء واسع يتقبل كل شيء، لكنها لا تقف على ركيزة أو ساقين.. ولو كانت المعارضة قادرة على إجبار البشر أو الإنقاذ على الرحيل، لفعلت دون الحاجة إلى ممارسة المعابثات الكلامية والوعيد الذي ما قتل ذبابة.
> والحملة نفسها التي سُمِّيت (أرحل)، بلا مضامين ومحتوى يؤهلها لتكون في مقام ضريب ونظير ومناهض لبرامج المؤتمر الوطني الانتخابية، وما قدمته الإنقاذ طوال فترة حكمها وكسبها السياسي الذي تفاخر به، والطريقة الشعاراتية التي تُطلق بها المعارضة حملاتها التحريضية الدعائية، منطلقة من محاكاة ما يحدث في بعض البلدان العربية، وخاصة ما تم في مصر أثناء التحريض ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي او قبيل إسقاط حسني مبارك، هي نبتة لا تصلح للغرس في التربة السياسية السودانية ولن تنمو..
> ولذلك يجب أن يخاطب المؤتمر الوطني وقياداته الشعب السوداني بالقضايا الكبرى وأمهاتها، وألا يتصدوا بهذه القوة الدافعة لحملة فاشلة من ساعتها الأولى، حتى أنه لم يكن هناك رجع لصداها عندما أُطلقت، وصنع منها الحزب الحاكم بُعبُعاً، فلو تركها لبحث عنها أصحابها في مزبلة التاريخ دون أن يجدوها ..!
> ومن الواضح أن خلو الساحة السياسية من منافس ذي قيمة للمؤتمر الوطني، أوجد فراغاً حتى على مستوى موضوعات وأجندة العراك السياسي الانتخابي، ولن تصلح حملة (أرحل) المهيضة الجناح، أن تكون هي الغريم والخصم السياسي، رغم حاجة المؤتمر الوطني الى منافس يُشعره بأنه يواجه تحدياً واحتمالاً بالفوز او الفشل والسقوط في الانتخابات..
> ومن الواضح أيضاً أن وقتاً ثميناً ضاع على البلاد في المماحكات والتردُّد والتزايدات السياسية من القوى الحزبية المعارضة، كان الأجدى فيه التوافق من خلال مشروع الحوار الوطني في اللجوء الى صناديق الاقتراع لحسم الكثير من الأمور في البلاد، وكانت تحتاج لامتحان فارق ليعرف الجميع أوزانهم واختبار شعبيتهم وطرح ما عندهم لعامة الشعب، حتى يحكم بينهم. وضاع الوقت كذلك في ما لا طائل تحته في جدل طويل حول الانتخابات، هل تقوم أم لا..؟ وهل هي دستورية تمتلك شرعيتها أم محاولة من الحكم لتبيط وجوده وتثبيط عزيمة خصومه..؟
> لكن كل ذلك لا ينفي على الإطلاق أن هناك أزمة حادة من كل الأطراف في صياغة خطب سياسي بنَّاء ومتطلع وموحِّد لإرادة الأمة في اختياراتها السياسية، حيث يصبح الالتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية وممارستها والتداول السلمي للسطة في مقدمة هذه الاختيارات. فبمقدر إيمان كل الكُتل السياسية الحاكمة والمعارضة بجدوى الانتخابات والسعي في تثبيت دعائمها، يكون الناتج والخلاصة لخير هذه البلاد وشعبها..