حوارات ولقاءات

أحمد عباس: العمل العام أفقرني “ما عندنا مشكلة فى الزراعة”


يدافع الرجل الذي مكث في منصب والي ولاية سنار لأكثر من عشرة أعوام، بلا هوادة عن منهجه في إدارة ولايته دون أن تثبط همته، لم يتزحزح عن قناعاته و”لم يداهن مطلقاً”، بحسب وصفه لنفسه، ولم يعلن أيضاً نهاية لمشاريعه وأحلامه في الارتياد بسنار قمة النهوض. ينفي بوضوح إعلانه لبرنامج انتخابي في العام 2010م معلناً عن إنجازه لأهداف أربعة هي (الماء، الكهرباء، الصحة، والتعليم) فهو يرى أنها أولوية أكبر من أن تتم المساومة بها بين مرشح وناخب. أدناه نص حوار “أحمد عباس” فطالعوه.

* السيد الوالي، سبع محليات فى ولاية سنار.. كم عدد السكان؟
– حوالي سبعة ملايين وزيادة.

* كم مساحة الولاية؟
– مساحتها حوالي 40 ألف كيلو متر مربع.
* ما هي مساحة الأراضي الزراعية بالولاية؟
– حوالي ستة ملايين فدان صالحة للزراعة وهي حوالي 90% من أراضي الولاية وتحتل محمية الدندر ربع مساحتها بالضبط أي حوالي 10 آلاف فدان.
* ما هي المساحة المستغلة من هذه الأراضي؟
– يمكن أن يكون استغلالها بوضع اليد فقط، أما عملياً فغير مستغلة وكل ما في الأمر هو عملية إثبات ملكية فقط.

* أقصد التي تزرع فعلياً؟
– هى حوالي 500 ألف فدان مروي و2 مليون فدان هي مساحة مشاريع زراعية مخططة وهذا هو المستغل استغلالا حقيقيا والباقي أراضي بور ولكن هنالك من يحاول أن يثبت ملكيته عليها أكثر من كونه يحتاجها أو يستطيع استغلالها.
* تحاملك على محمية الدندر ليس جديداً وسبق أن طالبت بقليص مساحتها، لماذا هذا التحامل؟
– صحيح كما ذكرت محمية الدندر تمثل ربع مساحة الولاية وأنا افتكر أنها لم تستغل اقتصادياً حتى هذه اللحظة ولابد أن يأتي يوم ويستفيد فيه الناس من هذه المساحة الشاسعة.

* هذه ذات مطالبتك القديمة بطرد الحيوانات وتسليمك المحمية؟
– لا، ليس طرد الحيوانات وإنما استغلالها استغلالاً أمثل يحقق الفائدة القصوى للولاية وللحيوانات نفسها.
* كيف؟
– لازم يتم تسليم أمرها لبيت خبرة عالمي حتى يستفيد الناس من الحياه البرية ويستفيدوا من الأرض وكذلك من الغابة لتؤدي دورها تماماً.
* السيد الوالي.. أنت سفارة متحركة، كثير الترحال بين الدول، الصين والجزائر والبرازيل.. إلخ؟
– (أضاف من عنده): والفلبين ودول عربية كثيرة، (ثم ضحك): هذا صحيح، (ثم صمت قليلاً وأردف): أنت إذا لم تر بعينك فلن يكون لديك طموح لأنك إذا لم تر الأشياء بعينك لن تتطلع لها وتحلم بها، ولهذا لابد أن ترى العالم من حولك إلى أي اتجاه يسير ولابد أن تقف على التكنولوجيا والمستجدات الأخرى من حولك.

* كم تكلف الرحلة الواحدة خزينة ولايتك ومن الذين يرافقونك دائماً؟
– لا يذهب معي إلا من تقتضي ظروفه ذلك ومن سفرياتي الشهيرة كانت إلى فرنسا والفلبين وكان الغرض منها هو توطين الموز فى 2005 و2006 وكان معي مدير الاستثمار “أمين عثمان” وكان هدفنا محددا وهو إحضار سلالات معينة من النوع المسيطر على صادرات العالم والحمد لله نجحنا جدا، فأحضرنا نوعا معينا من فرنسا واليوم لدينا يومياً ما بين 15 إلى 20 برادة تطلع من ولاية سنار إلى العالم نحونا.
* ما هو داعي القبضة الحديدة لأحمد عباس؟.. أنت الكل في الكل في سنار؟
– معروف الإدارة مدرسة ومعروف الإدارة فن ولابد للشخص أن يقدر متى يقبض ومتى يرخي ولهذا أنا بعرف كيف أدير المهنة وأقول لك بكل صراحة، لا أسمح لوزير بمغادرة الولاية دون علمي قط.

* هل أنت مصدوم فى معتمد أو وزير؟
– في بعض الأحيان تجد عملا كنت تضعه كحدث كبير، كمؤسسة نريد أن يفتتحها الرئيس مثلاً وكل الأمور مبرمجة ومرتبة وتصلك التقارير بأن كل شيء عال العال وبعد يومين أو يوم من الافتتاح تكتشف أن كل الذي كانوا يحدثونك عنه ليس موجوداً على أرض الواقع وأن الموضوع لا زال فى بداياته فهذه ليس صدمة فقط إنما “موت أحمر”.
* متى حدثت مثل هذه الصدمات؟
– في العام قبل الماضي حدثت هذه الكارثة (ضحك).
* ماذا حدث للمسؤول عن التقصير؟
– بالطبع يتم الاستغناء عنه حالاً، لكن يأتي الإخراج بصورة مختلفة شوية.

* عشرات المشاريع الزراعية لا يفصلها عن النيل إلا أمتار ولكنها غير مستثمرة؟
– فعلا هذا مؤسف ولكن لابد من سؤال: لماذا حدث هذا ومتى؟ عندما أتيت لهذا المنصب فى 2005 كانت كل المشاريع غير مستثمرة ولا مشروع واحد شغال مافي وحتى المشاريع المكهربة غير شغالة وإذا ضربت مثالا بمشروع الوفاق بمحلية السوكي فقد كان من المشاريع الحديثة والمكهربة ولكن مديره وجدته مقبوضا فى الحراسة والمشروع معطل لأنهم أخذوا تمويلا من البنك والمشروع فشل فدخل المدير السجن والآن 90% من المشاريع تم تجميعها وكهربتها و10% يجري العمل فيها وبهذا يمكنني أن أقر: ما عندنا مشكلة فى الزراعة.
* كان لديك برنامج انتخابي رائع هل تتذكر من تفاصيله شيئا؟
– لم يكن لدي أي برنامج انتخابي وأنا قلت نريد أن نكمل الإنجاز (ضحك بأريحية) ولكن أنا عندي أهداف مصر عليها والحمد لله وفقنا.

* هل هذه أهداف خاصة أم كانت مضمنة فى الورقة الحزبية السرية؟
– الحزب لم يضع أهدافا وانما هنالك توجيهات فمثلاً أهداف الألفية والأمومة والطفولة والاستثمار وكل هذه توجيهات لكن أنا شخصياً لدي اشياء محددة لا زالت أعمل على تنفيذها.
* كم في المائة حققت منها حتى اليوم؟
– الحمد لله حققتها بالكامل والكمال لله وحده، ولعلمك هي أهداف الألفية الأربعة مياه الشرب والتعليم والصحة والكهرباء والآن أنجزناها جميعاً.
* ماذا تعمل لو ترجلت؟
– ياخ أنا مزراع وهذا العمل العام أفقرني جداً وأقسم لك بالله أنا في العام الماضي بعت من ممتلكاتي الخاصة لكي أواصل حياتي العادية.
* كم مرة تم استدعاء أحمد عباس للمركز؟
– ولا مرة وعلى مدى العشر سنوات الماضية لم يتم استدعائي قط.

* إذاً، أنت تبصم بصمت على كل طلبات المركز؟
– أريد أن أؤكد لك، أنا منذ صرت والياً لم أزر مسؤولا ففى بيته مطلقاً وإذا عندي غرض بمشي المكتب ياخ أنا ما بعرف أتونس بتاتاً وأقسم لك بالله ثلاث مرات لم تتم مساءلتي ولا يوم مطلقاً.
* ألا تدعم الآراء المطالبة بتبعية وزارات الزراعة للمركز كغيرها من الوزارات السيادية على غرار الخارجية والداخلية والدفاع؟
– هذا خطأ يمكن أن ينهي الحكم الفيدرالي تماماً لأن وجود الوزارة الاتحادية ينحصر فى ثلاث مهام فقط وهي التخطيط والبحوث والسياسة القومية.
* توصف بأنك انفعالي ومثير للمشاكل؟
– طبعا ليس من السهولة أن أصف نفسي ولكن هنالك بعض بعض الأشياء إذا لم تدفعك للانفعال يجب أن يلقى بك فى البحر طوالي وبعض الأشياء تتطلب منك أن (تقطع غبينتك في مصارينك وتسكت)، وعموماً أنا لست شخصاً بارداً.

* تسير بدون حرس وكذلك تنام؟
– يحرس شنو؟ (قالها بطرف شفتيه) وأضاف: ما في حاجة يحرسوني منها وهذه شكليات ليس لها معنى مطلقاً.. وما بجيب لي زول بسلاح عشان يحرسني والله أنا دي ما بعملها أبدا (كررها ثلاث مرات).
* من تتوقع أن يخلفك فى منصب ولاية سنار؟
– (ضحك بصوت عالٍ) ثم أضاف: شخص ولكن أنا حريص جداً على أن يأتي شخص بعدي تفكيره يتفق مع تفكيري حتى تستمر الأشياء كما هو مخطط.

* هل تعلم أن سكان الولاية لا يحبونك؟
– من الذي قال؟، لو سكان الولاية هم الناس الذين نلتقي بهم كل يوم بالتأكيد يحبونني وأحبهم وإلا يكونوا منافقين ساي.
* كثيراً ما اعتبرت مواطني سنار معيقين للاستثمار؟
– هذا ليس في سنار فقط، بل كل السودان لأن المواطن متعلق بالأرض التي يراها مثل هويته (جنسيته)..
* دائماً وضوحك فى الإدلاء برأيك يجلب لك المشاكل؟
– ما عندي غير كدا ولو ما عملت كدا أعمل شنو؟ وانا واضح فى كلامي وما بعرف الدغمسة والتدليس.

* ما هو تقييمك للثروة الحيوانية؟
– تقييم الثروة الحيوانية في السودان كله (فالصو) لأن الحيوان في النيل الأزرق يحصونه وعندما يأتي ولا سنار يحدث ذات الشيء وفى الجزيرة والقضارف كذلك، وبهذا يتم إحصاء القطيع الواحد خمس مرات.
*هل لديكم عدد إحصائية محددة للضأن مثلاً؟
– ليست لدينا احصائية ولكن العدد الموجود بالولاية يؤرقنا جداً لأنه دائماً يتسبب فى جفاف وتصحر المراعي نسبة للأعداده الكبيرة مقابل مراعٍ ضيقة ومحدودة ولمعالجة هذه المشكلة نحن الآن نسعى لنجعل الرعاة يهتمون بالنوع وليس العدد، فما هي الفائدة لو كان لدى المربي مئات الرؤوس ولكنها كلها عجفاء وهزيلة ومن فصيلة لا تصلح لا للبيع داخلياً ولا خارجياً!!

* إذن، هل هنالك حل؟
– الحل واحد لا غيره لابد من الترويج لعمل مشاريع مقفولة.
* ظللت والياً لعشر أعوام، هل لازلت بجُعبتك أفكار لم تطرحها بعد؟
– لو قلت لى إنك جلست فى الكرسي طويلاً لقلت لك نعم، ولكن أن تقول لي ألم تكمل مشاريعك فسيكون ردي ليس هنالك شخص ينهي كل مشاريعه مهما مكث في موقعه.
* من من الولاة تراه قدم إنجازاً ملموساً؟
– عبد الرحمن الخضر هو أنجح وال في السودان ليس لأنه فى الخرطوم ولكن منذ أن عملت بجانبه فهو شخص موفق جداً.

* ترى من هو أسوأ والٍ؟
– ما بقولها ما بقولها والله (كررها ثلاث مرات، ثم ضحك).
* معضلة الطرق لديكم كبيرة جداً؟
– أولاً هنالك رسوم تتم جبايتها عبر كل طرق السودان وهذه الرسوم قانوناً لا يحق لأي جهة التصرف فيها في غير تشييد وصيانة الطرق والله لو فعلاً وجهت هذه الرسوم لتشييد وبناء طرق جديدة لاكتملت كل طرق السودان.
* كثيرة هي صراعاتك الإعلامية.. ما السبب؟
– لأنني لا أحترم من يجافي الحقيقة وأكره الملفقين والكذابين.

حوار – محمد عبد الباقي
صحيفة اليوم التالي