سياسية

حزب الأمة.. نفيُ التواصل مع الوطني.. وتراجُعٌ عن الحوار المشروط


محرجة لحزب الأمة القومي تلك التصريحات التي رمى بها الرئيس “البشير” في وجوه جميع الأطراف بأن اتصالات الحكومة مع “الصادق المهدي” لم تنقطع، وأن ثمة (أوراق متبادلة) توثق هذه الاتصالات، محرجة لحزب ظل منذ مايو الماضي ـ لحظة اعتقال رئيسه عقب انتقاده قوات الدعم السريع ـ مستعصماً عن أي محاولة للتواصل مع الحكومة ومصعداً من لهجته ضد كل ما ينتمي للإسلام السياسي ليصبح الحزب الأعلى صوتاً في معارضة النظام منقلباً على حالة (الوئام) التي كانت تزين علاقته بالنظام وحزبه الحاكم. لعلها الرغبة في نفض ما علق من غبار هذه التصريحات الأشبه بالاتهامات على ثوب الحزب النضالي الذي يحرص أهله هذه الأيام على حفظه ناصعاً وخالياً من أي آثار لأصابع النظام عليه، بجانب توضيح ما التبس من أمر مشاركة الحزب في المؤتمر التحضيري للحوار مع الحكومة بأديس أبابا دون شروط، وحسم الجدل حول توقيت انعقاده ما بين قبل وبعد (13 أبريل) موعد الانتخابات المقبلة.
تلك وغيرها من قضايا الراهن السياسي دفعت حزب الأمة للمسارعة لعقد مؤتمره الصحفي المرقوم بالرابع والستين، ليشهد عودة نائب الرئيس د.”مريم الصادق” للحديث أمام وسائل الإعلام المحلية منهية ما يشبه المقاطعة للإعلام السوداني.
خياران.. المؤتمر أو الانتخابات
هكذا أعلنها حزب الأمة مؤيداً بيان الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال “ياسر عرمان” بأن لا مشاركة في المؤتمر التحضيري المزمع عقده بأديس أبابا كمخرج أساسي لـ(إعلان برلين)، إلا إذا كان موعد انعقاده قبل الانتخابات المقبلة أي قبل الثالث عشر من أبريل المقبل موعد توجه الناخبين لصناديق الاقتراع. ونبهت نائبة رئيس حزب الأمة القومي د.”مريم الصادق” إلى أن السبب الأهم لاستجابة حزبها للمشاركة في المؤتمرـ الذي لم يحدد موعد انطلاقه بعد ـ هو توقيته، معلنة أن التزام حزب الأمة والجبهة الثورية بالمشاركة في المؤتمر التحضيري دون شروط مرهون بعقده قبل موعد الاقتراع. وأشارت إلى أن الدعوة للمؤتمر عقب الانتخابات لن تكون مستوفية لشروط المشاركة فيه. وقالت: (هذا أمر واضح وضوح الشمس لا يمكن المشاركة في المؤتمر إن تمت الدعوة له عقب الانتخابات وحينها لكل حادث حديث).
قوى الإجماع .. الحوار عبر وسيط
هكذا يبدو موقف قوى تحالف قوة الإجماع الوطني المعارض من الحوار من النظام. فرغم تأكيداتهم المتكررة بأن لا حوار مع النظام إلا بعد إنفاذه جميع اشتراطات التحالف، إلا أن ما يبدو هو تنازل طرأ على مواقفه خلال مشاركته في مؤتمر برلين الأخير، إذ إن ممثلي التحالف في برلين اتخذوا قراراً أشبه بـ”حوار النظام عبر وسيط”، بتفويضهم الجبهة الثورية وحزب الأمة لتمثيلهم في مؤتمر “أديس أبابا” التحضيري، وفي حال تحققت اشتراطاتهم خلال المؤتمر يأتي دور التحالف لتمثيل نفسه في المؤتمر الدستوري الذي يعقب التحضيري، وهو موقف انتقده الناطق السابق باسم التحالف، الناطق باسم حزب البعث “محمد ضياء الدين” مقارناً بينه وبين موقف المؤتمر الشعبي الذي عوقب بالطرد من التحالف بسبب قراره بمحاورة النظام، مشيراً إلى أن موقف (الشعبي) هو الأفضل لأنه حاور أصالة عن نفسه، بينما أناب التحالف غيره في محاورة النظام. إلا أن د.”مريم” حاولت خلال المؤتمر الصحفي إيجاد العذر للتحالف بالتأكيد على على أن قوى الإجماع لا زالت متمسكة بموقفها برفض الحوار دون شروط. وحصرت تفويضهم لحزب الأمة والثورية في الوصول عبر المؤتمر التحضيري لخارطة طريق تحقق ما حواه (إعلان برلين) من اشتراطات، معلنة أنه في حال الفشل في فرض هذه الشروط سيتم إيقاف الحوار مع النظام
أطراف المؤتمر
قوى (نداء السودان) تطرح رؤيتها بأن المؤتمر التحضيري بطبيعته لا يحتمل مشاركة جميع الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية، مع التأكيد على أن الجميع من حقهم المشاركة لكن مع اعتماد طريقة لتمثيل هذا العدد الكبير من القوى. واستبشرت “مريم” بظهور تكتلات مختلفة للمعارضة تسهل من إمكانية اختيار عينات ممثلة للجميع، لتأتي بعدها مرحلة تمثيل كل القوى منفردة في حال الوصول لاتفاق على عقد المؤتمر الدستوري. وأعلنت أن قوى (نداء السودان) حينها ستكون ملتزمة بمشاركة جميع مكوناتها في الحوار داخل السودان.
نفي العودة للمربع الأول
سؤال ألقت به (المجهر) على منصة المؤتمر الصحفي التي جلس عليها نواب الرئيس “برمة ناصر” و”مريم الصادق” بجانب الأمينة العامة “سارة نقد الله”، عن تفسير قبول حزب الأمة بما كان يرفضه سابقاً بدخول الحوار دون شروط ما يعني عودة الحزب للمربع الأول من الحوار الذي غادره مغاضباً، إلا أن د.”مريم تصدت للإجابة مبتدئة بالإقرار بأن الحزب قبل محاورة النظام دون شروط من خلال المؤتمر التحضيري وفق توقيتات محددة وبرعاية إقليمية ودولية. وقالت: (لكن هذا لا يعني أننا عدنا للمربع الأول من الحوار) مؤكدة أن حزبها يمضي للمؤتمر برفقة الجبهة الثورية وهما ممثلان للقوى الوطنية الأعرض والأكبر في الساحة السياسية. ووصفت الخطوة بأنها (تطور كبير في العمل السياسي السوداني). وألحقت “سارة نقد الله” توضيحات حول الأمر بالتأكيد على أن مشاركة حزبها في المؤتمر تنبني على خيارات فحواها إما الوصول لخارطة طريق تنتقل بالمتحاورين للمؤتمر الدستوري، أو العودة لخيار الانتفاضة الشعبية. بالمقابل بدا اللواء “برمة ناصر” غاضباً من احتواء السؤال على تنازل الأمة عن شروطه المسبقة فمضى للتقرير بأن العمل السياسي لا يقبل الحديث عن اشتراطات بل استحقاقات ومتطلبات. ونبه إلى أن حزبه لا يمكن أن يرفض دعوة للمؤتمر مقدمة من ألمانيا برعاية من الاتحادين الأفريقي والأوربي.
أبرزوا لنا أوراقكم
هكذا صاحت الأمينة العامة لحزب الأمة “سارة نقد الله” في نبرة تحدٍّ للمؤتمر الوطني لإثبات أن اتصالاته برئيس حزب الأمة “الصادق المهدي” موثقة بالأوراق وأنها لم تنقطع. وأقرت في الوقت ذاته بأن محاولات النظام للجلوس مع “المهدي” متكررة عبر وسطاء هم نجله “عبد الرحمن”، و”مصطفى عثمان إسماعيل”، والمرشح الرئاسي السابق “كامل إدريس”، إلا أنها أعلنت أن “المهدي” أكد للجميع بأنه لا لقاءات ثنائية بينه والنظام وأنه لا حوار إلا عبر خارطة (إعلان برلين).
يا “عبد الرحمن”.. ما أتعبتنا
وكأنها تحاكي الكوميديا السودانية الشهيرة التي يردد خلالها الممثل في وجه رفيقه كثير المشاكل (يا خلف الله ما عذبتنا!!!) شرعت “سارة نقد الله” في التعليق على الأحاديث المتكررة عن توسط مساعد الرئيس، نجل “المهدي” العميد “عبد الرحمن الصادق” بين والده والحكومة بقولها: (والله “عبد الرحمن فتّرنا وفتّر رقبتو)، مؤكدة أن “عبد الرحمن” يمثل نفسه ولا يمثل الحزب ولا رئيسه “الصادق المهدي”. وقالت: (“عبد الرحمن” مثله و”مصطفى عثمان” و”كامل إدريس” (رسَّلو) الرئيس عشان يقعد مع “الصادق”). وبدت “سارة” متضايقة من تكرار الحديث عن مبادرات نجل “المهدي” وربطها بالحزب لدرجة أنها أخطأت في ذكر موقعه داخل القصر حين عرفته بأنه نائب الرئيس، لتبادر شقيقته مريم بالتصحيح بأنه مساعد وليس نائباً، وتجيب عليها “سارة” مشيحة بيدها بحركة درامية (مساعد مساعد خلاص).

المجهر السياسي