الصادق الرزيقي

البشير وجولاته الانتخابية


> زيارات السيد رئيس الجمهورية مرشح المؤتمر الوطني لمنصب الرئاسة للولايات، لها بُعد آخر غير قيادته الحملة الانتخابية، فهي تجعل من قضايا الولايات والمواطنين مطروحة أمامه، ويجد بلا شك فرصةً للتعرُّف عليها ومشاهدة وملامسة الأوضاع عن كَثَب. فهناك ولايات عشعش فيها العجز والفقر والتخلُّف، بينما ولايات أخرى تقدمت وازدهرت فيها التنمية والخدمات، ولا توجد مقارنة بين بعض الولايات وصويحباتها الأخريات. والسيد رئيس الجمهورية، لا يحجبه شيء فيما نرى وهو يتجوَّل ليشاهد ويستمع ويراقب ويتابع.. وستتكوَّن لديه رؤية وتصوُّر واضح لهذه الأوضاع، وهو يتأهب لانتخابات قد تدفع به الى دورة رئاسية جديدة، تحتِّم عليه الالتزام ببرنامجه الانتخابي، وما يطرحه على المواطنين هذه الأيام من خُطط وسياسات، في ولايات البلاد المختلفة.
> من المؤكد أن البشير، وجد حواضر الولايات التي زارها تضج بمشكلاتها وهمومها الخاصة، ولو كانت هذه المدن تنطق، لنطقت.. فجُلَّها يعاني من نقص حاد في الخدمات والاحتياجات الضرورة للمواطن، بل بعضها فقد الأمل في تحقيق تطلُّعات مشروعة. فمدن مثل الفولة وكادُقلي والجنينة والضعين ونيالا والدمازين وبورتسودان، تشتكي مُر الشكوى من نقص حاد في خدمات الماء والكهرباء والتعليم والصحة، وبعضها لا تزال تفتقر الى مؤسسات الحكم الولائي وبنياته التحتية. وهذه المدن والولايات أيضاً تجأر بمُر شكواها من تعثُّرها في الوفاء بواجباتها في دفع مرتبات المعلمين وموظفي الدولة او تحمُّل أعباء وكُلفة الخدمات وميزانيتها التسييرية.
> وتذرف بعض المدن الولائية دموعاً غزيرة بسبب التوتُّرات الأمنية وظروف الحرب والخراب الذي خلَّفته. المواطنون عشمهم في السلام وبأن تضع الحرب أوزارها، أكبر من أي مطمح آخر. فالرئيس البشير يعرف وبتفاصيل أكبر وأوفى نتائج الحرب والصراعات القبلية والدمار الذي حلَّ في هذه المناطق، فتوفير الأمن بات أولوية لا غنى عنها وتحتاج الى خطوات وتحرُّكات وقرارات فورية وعاجلة لبسط الأمن وفرض هيبة الدولة وسلطانها.
> لقد تعطَّلت الولايات المنتجة إلا قليلاً، وخرجت من دورة الاقتصاد القومي، مثل ولايات دارفور وجنوب كردفان. فالواجب اليوم هو إعادتها لدورها السابق، ونفخ الروح فيها من جديد حتى تكون واحات ودوحاً للسلام والاستقرار والأمن والإنتاج. فكلنا يتطلع الى عودة الإنتاج الوفير من ولايات كردفان ودارفور للصمغ العربي والماشية والضأن.
> لقد حانت ساعة التغيير في هذه الولايات.. فبعد الانتخابات لا مناص من إطلاق عملية إصلاحية جديدة، وضخ الدماء الفوَّارة الخلاَّقة في أوردة وشرايين الولايات، وتعويضها سنوات من القحط والبؤس الذي جعلها تحترف، والتوقُّف عند محطة واحدة أضاعت التنمية وفشلت في جلب الخدمات الأساسية وراكمت من اليأس. فالتحدي القادم الذي يواجه الرئيس في الدورة الجديدة حتى عام 2020م، يتطلب منه الإحاطة بكل رغبات وهموم مواطنيه وقطاعات شعبه الذي ينتظر منه الجزاء الأوفى للصبر وقوة التحمُّل لمشاق الحياة.
> ولم تبخل قطاعات الشعب بتأييدها الكاسح للبشير كما نرى في اللقاءات الجماهيرية الحاشدة والاستقبالات الكبيرة له، ولم يكن ذلك قاصراً على عضوية المؤتمر الوطني فقط، فالذين خرجوا لتأييده في الولايات التي زارها حتى الآن، هم جماع الشعب السوداني بكل أطيافة السياسية والاجتماعية، وشرائحه المهنية والحرفية المختلفة، وقد ألقوا بمسؤولية كبيرة على عاتق البشير في حال فوزه، وقد وجدوا في خطابه السياسي ما يبتغونه من تطلُّع، فيجب أن يتواصل العمل والعطاء لإنجاز النهضة ومشروعاتها وتحقيق السلام والأمن والاستقرار..
> ومن واقع الحال.. كنا نتمنى لو استطاع كل مرشحو الرئاسة الوصول الى المواطنين في مواقعهم المختلفة كما يفعل البشير الآن. فقضايا البلاد المعقَّدة تحتاج الى إلمام واسع وكبير بتفاصيلها، خاصة لمن يريد التصدي للمسؤولية العامة.. وموسم الانتخابات فرصة لكل اللاعبين السياسيين للوصول إلى الجماهير ومخاطبتها والتحاوُر معها وتفهُّم ما تريده، وهي مهمة شاقة وعسيرة..