مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : «الخرطوم» و«جوبا» رباطهما «الصين» المسلِّحة!!


رغم تزايد انفجار الأوضاع الأمنية في دولة جنوب السودان وعلى مقربة من حقول النفط بإقليم النوير ـ الذي تستخرجه الشركات الصينية لم تيأس الصين من الاستمرار في الإنتاج، كي تفتح المجال بعد انسحابها للشركات الأمريكية العملاقة التي تحتضن أسهماً يهودية وعودة شركة تلسمان الكندية التي حرضتها واشنطن على عدم الاستمرار في »النفط السوداني« قبل انفصال الجنوب حينما كان نفط إقليم أعالي النيل سودانياً.
والصين لعلها فهمت تماماً أن القارة الإفريقية قارة حروب عنصرية وفتن قبلية تحت غطاءات التمرد والثورة والنضال.. لذلك كانت حساباتها للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول القارة أن تستفيد من المناطق البعيدة عن تبادل إطلاق النار، وأن تحميها إذا استثمرت فيها وتحمي رعاياها بتزويد الحكومة الضعيفة عسكرياً بالسلاح المناسب. وهي فكرة طبعاً أفضل من ترك الجمل بما حمل.. من ترك جمل النفط بكل حقوله للشركات الأمريكية العملاقة وعودة تلسمان الكندية. لكن بم ستزود الصين حكومة جنوب السودان لحماية مواطنيها واستثماراتها؟!
جاء في الأخبار النادرة أن الصين »المستثمر العظيم« قد زودت جنوب السودان بأسلحة مضادة للطائرات لحماية حقول النفط وقد أرسلت إلى جوبا صواريخ »تشانوي2« أرض جو من الجيل الثالث تطلق من الكتف أي »صواريخ كتفية« لو جاز التعبير.
وهنا طبعاً سؤال.. هل تملك قوات »مشار« طيراناً حربياً أم أن الصين تخشى من سوء نية يوغندا التي يمكن أن تزعزع بدعوى صد التمرد استقرار الاستثمار وتقذف الرعب في نفوس العاملين الصينيين ولا تستطيع جوبا أن تحاسبها على أي تصرف ما دامت تعلن أنه استهداف لقوات عدوها مشار؟!
لكن حينما يملك الجيش الشعبي يمكنه أن يهدد أي طيران من أية دولة تدعي أنها تحارب إلى جانب سلفا كير بطيرانها وهي تتأبط شراً وتسعى لتحقيق هدف بعيد تشترك في المصلحة منه مع واشنطن وتل أبيب. خاصة وأن هذه الأيام ارتفعت أصوات جنوبية عالياً تطالب بسحب القوات اليوغندية من جنوب السودان لتهيئة الأجواء للحوار الوطني أو أي مسمى آخر.
يوغندا ما كانت تريد جون قرنق أن يميل إلى الوحدة كل الميل حتى ولو كان من باب الاستهلاك السياسي كما ألمح أتيم قرنق مؤخراً في حوار مع صحيفة سودانية باعتبار أن مسألة استمرار الوحدة أو الانفصال مقيدة بالاستفتاء، وهنا طبعاً لا نقول »الاستقلال« لأن هذا المصطلح الآن نسفت أوضاع الجنوب دواعيه، فقبائل الجنوب نفسها تسعى الآن للاستقلال عن بعضها.
ويوغندا ربما كانت ــ وهذا غالب ــ تريد الوحدة بين الشمال والجنوب على أساس أجندة الحركة الشعبية.. لكن طبعاً هذا لا يمكن أن يكون بعد عملية تفاوضية طويلة، فهذا لا يتحقق إلا بالطريقة التي وصل بها موسفيني إلى السلطة في كمبالا.. وظن أن قرنق يمكن أن ينجح مثله وهو يتجه بأبناء القبائل الجنوبية المتناحرة عبر القرون إلى الخرطوم.
سيظل هذا السؤال قائماً بقوة »أي عدوان جوي زودت له الصين قوات سلفا كير بالصواريخ الكتفية؟!«.
لكن على العموم فإن السودان المستفيد من رسوم مرور النفط الجنوبي عبر أراضيه، وأن شعب السودان المستفيد من عائد هذه الرسوم بضخ العملة في شرايين الاقتصاد.
لكن شعب »الجنوب« لم ينعم منذ 2005م بعائد النفط.. وهو تاريخ توقيع اتفاقية »نيفاشا« التي بدأت بكونها كارثة على »الشمال« ثم على القبائل الجنوبية ثم على قادة وجنود النوير في الجيش الشعبي وتتجه الآن لضحيتها الأخيرة.. وهو سلفا كير. إن سلفا كير لا يستطيع أن يتكهّن بمصيره لكن واشنطن »وتل أبيب« تعرفان.
والخرطوم تستفيد من أي دعم عسكري صيني كان أو أمريكي أو حتى إسرائيلي لحماية نفط الجنوب وشكراً للصين.