جمال علي حسن

قائمة الإرهاب السودانية


لم أفاجأ بالأخبار التي تحدثت عن تمكن تنظيم داعش من التسلل إلى الجامعات وتجنيد أعداد من الطلاب وإقناعهم بالسفر إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
في السودان توجد بيئة دينية مهيئة ومواتية لعمليات الاستقطاب شواهد ذلك كثيرة طالما أن هناك تصريحات تصدر من شخصيات إسلامية تتبوأ مواقع تكليف بإصدار الفتاوي والآراء الدينية النافذة مثل تصريح أمين عام مجمع الفقه الإسلامي عبد الله الزبير الذي قال إنه اختار أن يدخل اتحاد الفنانين برجله اليسرى.. ليضطر رئيس المجمع دكتور عصام البشير أن يحتوي الموقف والغضب الذي أحدثه هذا التصريح (اللئيم) ويقوم بزيارة لاتحاد الفنانين يدخل فيها مقرهم برجله اليمنى ويجالسهم ويطيب خاطرهم.
وزيارة دكتور عصام البشير التي تؤكد وجود حكماء وفقهاء من أصحاب خط الوسطية والاعتدال لكنها لا تنفي وجود آخرين من فقهاء المدارس الدينية المتزمتة يجلسون بجوارهم على طاولة إصدار الفتاوى وهذه هي المشكلة الكبيرة.
المشكلة في ثقافة (الوزنة) التي تسيطر على العقلية السياسية لمتخذي القرار في تكوينهم للِّجان والمجالس والهيئات المختصة في المجالات المختلفة بغرض استيعاب الآراء المختلفة.
ثقافة (الوزنة) في أمور الفقه والدين يجب أن تعزل أصحاب المدارس المتطرفة وتبعدهم نهائياً لسببين الأول هو أن الرأي المتطرف أو المتشدد غير قابل للتعايش مع غيره من الآراء في كيان واحد وإلا لما وصفوه بأنه متطرف ومتشدد أي نهائي وقاطع وغير مرن.
والسبب الثاني أنه حتى ولو افترضنا أن الرأي الذي يصدر رسمياً من المجمع الإسلامي أو الهيئة الإسلامية التي تجمع المتطرف بالوسطي هو الرأي الوسطي في مسألة من المسائل فإن الرأي المتشدد سيبقى موجوداً وسيروج صاحبه عنه في منبره أو في الصحف التي لو وجدت خبر به رأيين الأول عادي والثاني غير عادي وغير مألوف فإنها وبالتأكيد ستبرز الرأي غير المألوف وتقدمه على الرأي العادي والمألوف.
شرعنة وجود المتطرفين مبدءاً وإتاحة الفرصة والمجال لمنابرهم ومساجدهم المنتشرة في أحياء المدن والقرى، حتى ولو لم تأخذ الدولة بآرائهم فإن مجرد إقرار الدولة بوجود تلك الآراء واحترامها في الساحة يعطيهم بطاقة عبور إلى المجتمع وفرصة لتلويث فكر الناس بأفكارهم المتطرفة التي هي عبارة عن مشروعات لأعمال إرهابية..
ومن لا يجد فرصة لتفريغ شحنته الفكرية الإرهابية المفخخة هنا في السودان فإن أرض التطرف واسعة وميادينه صارت (على قفا من يشيل).. ليبيا.. سوريا.. العراق وغيرها..
نحتاج حقاً لقرار جريء من الدولة تعلن فيه رسمياً عن قائمة سودانية للمنظمات والجماعات الإرهابية التي يحظر نشاطها في السودان.. وتدرج فيها كل الجماعات المتشددة.
نحتاج لقرارات حاسمة بتوقيف ومنع الكثير جداً من أئمة المساجد في الخرطوم ومدن السودان المختلفة منعهم من اعتلاء المنابر وحظر نشاطاتهم واستبدالهم بأئمة وخطباء من أصحاب مدارس الوسطية والإعتدال.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.