سياسية

الحوار الوطني هل يعصف بوحدة المؤتمر الشعبي ؟


الحوار الوطني) يصفه بعض المراقبين للوضع داخل حزب المؤتمر الشعبي بأنه أكبر “ابتلاء” في تاريخ الحزب وزعيمه د. “حسن الترابي”، الرجل الذي أدار ظهره لخط المعارضة الذي كان يتبناه حزبه، معلناً عن دخوله ذلك الحوار الذي لم يبدأ حتى الآن، ولا زال زعيم الحزب وقياداته يصرون على الاستمرار فيه رغم إعلان الحزب الحاكم عن قيام الانتخابات في موعدها والتي ترفضها القوى السياسية المعارضة وتقاطعها بما فيها المؤتمر الشعبي نفسه، والحزب أشار مراراً وتكراراً إلى أنه يرفض هذه الانتخابات بيد أنه لم يحرك ساكناً في هذا الاتجاه، هذا الموقف الداعم للحوار الوطني رمى بظلال سالبة على حزب “الترابي”. وتشير مصادر (المجهر) إلى أن العديد من قواعد الحزب خاصة في الولايات ترفض الدخول في الحوار الوطني وتدعو إلى مقاطعته، إضافة إلى بعض القيادات المركزية التي تنتقد وترفض خطوة الحزب بحسب لمراقبين، ليبقى التساؤل قائماً حول ما إذا كان المؤتمر الشعبي دخل في دوامة من الصراعات والضغوطات من قبل التيارات المنادية بإيقاف الحوار مع المؤتمر الوطني أم أن الحزب سيمضي في طريقة ولن يتأثر بالحراك الأخير؟
يرى بعض المراقبين أن الحوار الوطني واستمرار “الترابي” وقيادات المركز بالتمسك بالحوار، في ظل أن المؤشرات الواضحة تشير إلى انهيار وشيك للحوار الوطني خاصة وأن المؤتمر الوطني أدار ظهره في هذه الأيام للحوار، وبدأ تدشين حملته الانتخابية، التي أصبحت عائقاً بين لقاء القوى السياسية المشاركة في الحوار ورئيس الجمهورية بحسب تصريح للأمين السياسي للمؤتمر الشعبي “كمال عمر”، سيرمي بظلال سالبة على قواعد الحزب التي أصبحت تنتظر التحرك القادم لقيادات حزبها.
المؤتمر الشعبي أصبح يعاني من موجة ساخطة على خطه المستمر في الحوار بحسب المراقبين، وآخرها ما جاء في الصحف حول المذكرة التصحيحية التي دفعت بها بعض القيادات والرافضين للحوار الوطني إلى الأمين العام للحزب د. “حسن الترابي” تطالبه بإجراء إصلاحات شاملة في سياسة الحزب وفي الأمانة العامة وقياداتها ومؤسسات الحزب المختلفة. وأشاروا إلى أن (الشعبي) في الآونة الأخيرة صارت سياسته غير واضحة وفيها الكثير من عدم الثبات، رغم أن الحزب نفى على لسان أمينه السياسي “كمال” ما قيل عن أمر المذكرة. وأكد أن الحزب متماسك في كل مكوناته، نافياً بشدة أن يكون ما يدور يحمل نوعاً من الصحة.
لم يتوقف الأمر على ذلك، بل بدأت تتصاعد أصوات أخرى منادية بالإصلاح داخل المؤتمر الشعبي، منها البيان الذي أصدره منبر أهل الرأي على صفحته بـ(الفيسبوك)، بعد إصدار د.”الترابي” قراراً قضى بحظر أعمال المنبر، وإغلاق دار الحزب في وجه قياداته الشابة. وأشارت قيادات المنبر إلى أنها بصدد إقامة مشروع أُطلق عليه “الإحياء والتجديد”، ونص البيان على أنه (قد انفتحت منذئذٍ ساحات أرحب من الساحة التي حظر فيها النشاط، مثل ذلك سانحة طيبة للانعتاق من ربقة قيود مقعدة مشلّة لطالما ألزمناها ونحن لها كارهون، فكان الانتقال إلى حلة أخرى، إقامة لمشروع “الإحياء والتجديد”).
يبدو أن الأصوات المنادية بالتجديد داخل الحزب وتصحيح مساره بمقاطعة الحوار الوطني وإعلان موقف واضحة تجاه المؤتمر الوطني وقضايا البلاد، تنبئ ببدء الصراع الداخلي بحزب المؤتمر الشعبي، غير أن القيادات الكبيرة داخل الحزب تشير إلى تماسك الحزب وعدم وجود تيارات مناهضة لخط الحزب الجديد القاضي بالمضي في الحوار. هذا ما أشار إليه نائب الأمين السياسي “يوسف لبس” في حديثه لـ(المجهر) أمس، نافياً وجود أي تيارات داخل الحزب تنادي بالعدول عن الحوار الوطني، وأن مؤسسات الحزب متماسكة ولا يوجد بها أي خلل. وأوضح أن المذكرة التصحيحية هي مجرد بيانات مدسوسة في المواقع الإسفيرية وغير ممهورة بتوقيعات. وقلل “لبس” من أهمية هذه البيانات نسبة لأنها لم تصدر عن أعضاء الحزب، مشيراً إلى أنها من خارج الحزب. وعن منبر أهل الرأي قال “لبس”: (لا يوجد من يحظر نشاط الآخر، والمؤتمر الشعبي لم يحظر أي شخص)، مشيراً إلى أن المنبر ليس جسماً معتمداً داخل الحزب رغم أن (الشعبي) كان يستضيف أنشطته داخل داره.
بعض المراقبين يرون أن ظهور التيارات المنادية بالإصلاح داخل المؤتمر الشعبي ستقود الحزب إلى منعطف جديد ربما يشغله عما يدور في الساحة السياسية، خاصة الانتخابات التي يخوضها المؤتمر الوطني ويصر على قيامها في موعدها رغم رفض العديد من القوى السياسية لها ومناداتها بتأجيلها إلى ما بعد الحوار الوطني. بيد أن المحلل السياسي بروفيسور “حسن الساعوري” يرى أن ظهور التيارات الفكرية والشبابية ظاهرة صحية وتحيي الحراك داخل الحزب، مشيراً إلى أنه يمكن الاستفادة منها في حال وجود مؤسسية كاملة داخل الحزب تؤيد صوت الأغلبية، لافتاً إلى أن المؤتمر الشعبي لن يتأثر بهم في حال أنهم لم يكونوا الأغلبية المؤثرة في اتخاذ القرار.
يبدو أن ظهور مثل هذه التيارات داخل المؤتمر الشعبي في هذه الفترة التي تعتبر الفترة الحساسة في تاريخ الحزب تزامناً مع الحوار الوطني واقتراب قيام الانتخابات ربما يدفع بالعديد من قواعد الحزب في مختلف الولايات بالتحرك لتدارك المنعطف الذي يمر به الحزب خاصة أن مواقفه هذه الأيام لم تعد واضحة بحسب المراقبين، الذين يشيرون إلى تململ وسخط جماهير الشعبي من عدم اتضاح الرؤية في الوقت الراهن. غير أن العديد من المراقبين يرون أن المؤتمر الشعبي لن يتأثر بهذه التيارات نسبة لمحدودية نطاق أنشطتها المناهضة للخطوات التي يقوم بها زعيم الحزب د. “حسن الترابي”.

المجهر السياسي