جمال علي حسن

الصمت الإيراني.. والعزم بعد الحزم


ما يخدم إيران ويشفع لها أمام حلفائها عن صمتها وتأخرها عنهم وإفشالها لتوقعات وكلائها وعملائها والخلايا الطائفية التابعة لها في المنطقة العربية هو أن علاقة تلك الخلايا وتلك الجماعات – حوثيين أو غيرهم – مع إيران هي علاقة عقائدية وبالتالي فإن كل تصرفات إيران غير خاضعة بالنسبة لهم لأي نوع من التقييم والنقد.. هم عليهم فقط السمع والطاعة المطلقة للولي الفقيه.. وقف معهم هذا الولي الفقيه أو تأخر عنهم أو رجح مصلحته المباشرة فغض الطرف عنهم أو خاف من التورط في مواجهة عسكرية مع حلف عربي واسع وكبير مثل حلف (عاصفة الحزم).. تقديرات إيران في موقفها تجاه الحوثيين ليس من المهم عند الحوثيين معرفتها والاقتناع بها لأنهم عبارة عن أتباع طائعين لأسيادهم الفرس لا يتجرأون على انتقادهم بكلمة واحدة.. علاقتهم مع إيران علاقة تقديس وليست علاقة حليف سياسي عادي حتى تتخذ تلك المجموعات موقفاً تجاه إيران بسبب خذلانها لهم وعدم وقوفها معهم أو تأخرها عنهم حتى الآن وهم يواجهون الحملة العربية العسكرية (عاصفة الحزم)..
لكننا وبالمقابل يجب أن نحاول فهم موقف إيران بشكل صحيح فحينما تضرب الصواريخ العربية معاقل الحوثيين فإن تلك الضربة تصيب إيران في موضع الألم خاصة وأن العرب في هذه المرة يتجهون لجرد حسابهم بالكامل مع إيران في العراق وسوريا بعد اليمن..
الموقف حساس جداً بالنسبة لإيران لكنها برغم ذلك تلتزم الصمت الرهيب لأنها تخطو خطواتها الأخيرة نحو الاتفاق النووي الوشيك ولا تريد تعطيل الفرصة التي تتوفر أمامها الآن بعد أن قطعت شوطاً كبيراً في مفاوضاتها الشاقة والطويلة مع الدول العظمى الست.
وحسب تقديرات إيران لمصالحها الآن ليحترق الحوثي ويتحول الى رماد وفي (ستين داهية) لو كانت مناصرتها له تكلفها حرق وتمزيق اتفاق يقضي باعتراف دولي بمكانتها كدولة نووية عظمى.. ليحترق الحوثي طالما أن مسودة رفع العقوبات على إيران في طريقها للتوقيع دخل مجلس الأمن..
إيران لا تريد التفريط في أوراق الصفقة النووية التأريخية بينها وبين أمريكا ودول الغرب لذلك هي لا تجرؤ الآن على اتخاذ أي موقف عملي لمساندة حلفائها في اليمن وهذه هي الفرصة أمام الحلف العربي بأن يسابق الزمن وينجز مهامه قبل أن تنجز إيران اتفاقها النووي.
القوة العربية المشتركة هي خط الدفاع العربي الذي يجب أن يحرص هؤلاء على تقويته وتدعيمه بالعزم بعد الحزم الذي يجري الآن.. فالحزم هو مشروع وموقف يمكن أن يأتي بسبب الظروف لكن العزم والإرادة هي التي لا يمكن أن تتحقق إلا بقناعة راسخة بأن خيار (عاصفة الحزم) ليس موسماً مؤقتاً يأتي بعده صيف الخمول ثم شتاء العقول ثم ربيع الزهور..
لا زهور ولا ورد في أياديكم والعراق تتمزق وسوريا تتفتت.. لا مواسم سياحية للنزهة في عواصم أوروبا قبل أن يتوقف سيل الدماء في أرض العرب.. هذا هو الفرق بين الحزم والعزم.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.