داليا الياس

عواطف عابرة للأجواء


المشهد الملفت على إحدى الطاولات القصية في زاوية من زوايا مطعم شهير تتكئ على مرفق الطريق الممتد نحو مطارنا العاصمي اليتيم.. فتاة خالصة السودنة.. غضة الأعطاف والعمر.. تتهالك بوقاحة إلى رجل عربي من دولة شقيقة حتى تكاد تغوص بأحضانه!.. والرجل شيخ تجاوز في تقديري الستين.. لا تبدو عليه الوسامة ولا الدعة.. ولا يعدو كونه عجوزاً رث الملابس كريه الرائحة، ينتعل حذاءً قديماً، يبدو أنه رافقه لسنوات تعلوه الأتربة وأهلكه السعي بين الدروب!!
الجلسة عموماً توحي بالكثير المثير للدهشة والاستنكار.. وأعترف أنهم أثاروا فضولي بالقدر الذي دفعني قسراً لمتابعة المشهد.. وما بين النظرات الوالهة المبتذلة واللمسات العابرة المتعمدة.. والهمسات المريبة.. والضحكات المجلجلة المصطنعة.. تأكد لي بما لايدع مجالاً للشك أن الأمر لا يخلو من علاقة حميمة.. لا يمكنني أن أحزم بماهيتها تحديداً، ولكنها ليست مشروعة بأي حال من الأحوال!!
هذه الواقعة ظلت عالقة بذهني.. وكثيراً ما أعاتب نفسي على أنني لم أثر يومها لكرامة السودانيات وصفعت تلك الفتاة الفاجرة على وجهها.. فوالله لو كان الرجل أبى.. لما جلست إليه كما كانت تجلس!! وذلك ما دعاني لمراقبة الشارع العام عمداً.. وهالني أن العديد من فتياتنا يمضين حياتهن برفقة أجانب من كل الجنسيات، يتسكعن في المطاعم والطرقات وربما الشقق الخاصة، بحيث لا تحتمل تلك الرفقة أبداً أن تكون مأمونة!! فما هو السبب وراء ذلك النزوع النسائي للتورط العاطفي مع رجال ليسوا من بني جلدتهم ولأهداف غير شريفة؟ هل سنتذرع كالعادة بالضائقة الاقتصادية والأوضاع المعيشية واستشراء العنوسة وارتفاع تكاليف الزواج؟!
بعض شباب العائلة الذين استطلعتهم ألقوا باللائمة على الفتيات وأفكارهن المادية واستعدادهن لبيع أنفسهن بأبخس الأثمان أياً كان المشتري وجنسيته!!
أما البنات، فقد أضحكنني بزعمهن أن البرود العاطفي للرجل السوداني يجعلهن أحياناً يفضلن عليه بقية الجنسيات كونهم يتمتعون بميزة الكلام المعسول الذي يروي تعطشهن للعاطفة ويرضي أنوثتهن.. إلى جانب الحاجة المادية!!
وأظل.. برغم ادعائي للمرونة والتحضر.. أنفر من فكرة الركون لرجل لا يحمل جينات أجدادي وسمرتهم وروحهم وأعرافهم.
واستنكر فكرة اشتعال أي عاطفة وقيام أي علاقة مع رجل ليس من رجال بلادي.. ناهيك عن نوع العلاقة المرفوضة شكلاً ومضموناً شرعاً وأعرافاً.. فما هو رأي رجالنا في ما ذهبت إليه فتياتنا.. والعكس؟! وما رأي المجتمع ورجال الدين والحكم في هذه المشاهد القبيحة؟ وحتى متى سنسمح لمشاعر بناتنا بعبور الأجواء التي كثيراً ما تلحق بها أجسادهن للأسف؟!
تلويح:
بنحب من بلدنا.. ما برة البلد
سودانية تهوى.. عاشق ود بلد!