مقالات متنوعة

منى عبد الفتاح : عاصفة الحزم ومحاولات صالح


«إنّها الحرب»، وهو يوم لم يفرّق فيه التحالف العشري بقيادة المملكة العربية السعودية بين دول تابعة لمجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول العربية التي نهضت متوحدة بعد أن ظنّ القوم ألّا تلاقيا.
إنّ هدف عملية عاصفة الحزم الأساسي هو دعم الشرعية والجيش اليمني، وتنظيف ووقاية المنطقة من كل ما يشكّل خطرا ومهدّدا على المقدسات الإسلامية.
وهذا الهدف السامي والمحرّك الداخلي هو ما عمل على بعث الأمل من جديد في أنّه عند الجد فالكل يدٌ واحدة.
هذه إحدى حسنات هذا التحالف الكثيرة والمقدّرة.
وبالرغم من الكثير مما يسيء من مواقف الهزء التي لا تفرّق بين الجد والهزل، ومما يبثه البعض خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي ممن يسخرون من هذا التحالف، فالحمد لله أن لا وقت لدى قيادات العمليات والجنود في ميدان القتال ليطلعوا على مثل هذه التعليقات المحبطة.
وقد كان حريا بكل من تجري في عروقه نقطة دم أن يكون حريصا على الروح المعنوية لهؤلاء الجنود في الميدان بمختلف جنسياتهم، لأنّهم توحدوا على هدف أسمى من مكوث البعض خلف شاشة حاسوب يبث ترهاته وينفث عدم مسؤوليته.
الكل يشهد للمملكة العربية السعودية بحسن وقارها وعدم تهافتها عند صغائر الأمور، وحتى الحروب فيها صغائر ومحركّات ضعيفة، وفيها من الدواعي العظيمة، ولكن لم تستطع زحزحتها من مواقفها الحكيمة.
حاول البعض جرّ المملكة من قبل إلى نزاعات وحلة، ولكنها كانت تستعيض عن التدخلات ببث المشورة وتقويم المعوّج من المواقف، وبفضل هذا كان من الممكن أن تكون المنطقة بركانا ثائرا يلقي بحممه يمنة ويسرة.
هذه الخاصية المشهودة لم يستفد منها الحوثيون الذين كان من المفترض أن يكونوا على قدر من الإدراك بأنّهم بما يفعلونه يستنفدون صبر الحليم.
والقيادة السعودية من الحلم والحكمة بمكانة للدرجة التي لم تستطع جرّها إلى الدخول في نزاعات شتى، ولكن أن يزرع الحوثيون بدعم إيران وتسليحها شوكة في خاصرة المملكة، ثم يتطاولوا بالمضي لتحقيق حلمهم الخبيث، فهذا ما لا يرضاه لا شعب المملكة ولا أي عربي تضمه جوانح الوطن العربي المكلوم.
هنا وصل الحوثيون إلى نقطة النهاية وحرقوا كل المراحل التي كان من الممكن أن تضمن لهم خط رجعة يحفظون به ماء وجوههم إن كانت فيها ذرة من قطرة.
هذه الضربات المركّزة والدقيقة والتي شملت تدمير الصواريخ الباليستية ووسائل الدفاعات الجوية ومخازن الذخيرة ومراكز العمليات، لم تترك للحوثيين أي طائرات ولا أي سيطرة على مراكز الاتصالات، وأصبحوا بعدها مثل الثيران الهائجة، فلم ينفعهم استهدافهم لمساكن المواطنين بقذائف الهاون وبث الرعب في نفوسهم، فهؤلاء لا شريعة إنسانية لديهم، وتكبدوا من الخسائر ما لم يحسبوا له حسبانا، ففي العمليات البرية قامت مدفعية الميدان وطيران القوات البرية المتمثل في مروحيات «الأباتشي»، باستهداف تحركات آليات ودبابات تابعة لمسلحي الحوثيين في المناطق المحاذية للحدود السعودية في قطاعي نجران وجيزان.
وبعد أن حرق كل روما يحاول نيرون اليمن الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح كسب وقت إضافي بمناشدته الزعماء العرب إيقاف عملية عاصفة الحزم، والأخذ باليمنيين إلى طاولة الحوار.
وهذه الخطوة محسوبة ومتوقعة، من رجل خبر فنون التحايل، وخسر كل شيء، وأبدل العمر بلحظة نشوة تخيل فيها أنّ اليمن وشعبها إقطاعية له ولأسرته الممتدة من نجله حتى أصغر عضو في قبيلته.
وباقتراح الحوار المشهود عربيا وأمميا يتمنى لو أنّه يتمكن من أن يهدي نجله والحوثيين من خلفه وقتا يستعيدون فيه أنفاسهم، فمتى كان علي عبدالله صالح معترفا بالجامعة العربية أو الأمم المتحدة؟ ومتى كان معترفا بأي شرعية وهو من عمل على تقوية ابنه ليحلّ محله، للدرجة التي مضى فيها ليفاوض على إحلاله رئيسا قادما لليمن؟ لو لم يتم كبح جماح صالح فسيتحول اليمن كله إلى رهينة يتطلب تحريرها منه ومن الحوثيين.