تحقيقات وتقارير

إجلاء الرعايا السودانيين في اليمن.. هل أصبح قراراً مرتقباً؟


عقب قرار الحكومة بالمشاركة عسكرياً في التحالف العربي أو ما أطلق عليه (عاصفة الحزم) الذي تقوده المملكة العربية السعودية بجانب السودان ودول أخرى لضرب معاقل الحوثيين في اليمن ودك حصونهم وإعادة السلطة الشرعية للرئيس اليمني “عبد ربه منصور هادي”.. في هذا الخضم المشتعل بزخات الرصاص ورائحة البارود وأزيز الطائرات تعرض المواطنون السودانيون المقيمون في دولة اليمن لتهديدات واستفزازات شملت رعايا الدول الأخرى المشاركة في التحالف العربي العسكري كافة كان آخرها ما تعرض له شباب سودانيون من احتجاز إلا أنه تم إطلاق سراحهم، حيث شن التحالف عدة ضربات عسكرية قصمت ظهر الحوثيين ودكت قوتهم.. وأصدرت عدد من الدول التي يوجد لديها رعايا مقيمين في اليمن قراراً بإجلاء رعاياها وأولاها دولة باكستان التي أجرت تنسيقاً مع دول التحالف قضى بإيقاف الطلعات الحربية لمدة ساعتين من نهار أمس الأول ليتم في هذه الفترة إجلاء الرعايا الباكستانيين من اليمن عبر الطيران.. الرعايا السودانيون باليمن الذين يبلغ عددهم (5) آلاف مواطن في عدد من مدن اليمن وغالبيتهم في صنعاء ــ بحسب الأمين العام لجاز المغتربين السفير “حاج ماجد سوار” ــــ تعرضوا لتهديدات وإن كانت لم تبلغ مرحلة الاستهداف لمقار سكنهم بصورة مباشرة إلا أنها تستدعي صدور قرار رسمي بإجلاء السودانيين بصورة مباشرة وسريعة.. وهو ما أكده السفير “حاج ماجد سوار” الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج (جهاز المغتربين) في تصريحات صحفية أشار فيها لتلقيه اتصالاً أمس الأول (الأحد) من النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول “بكري حسن صالح” وجه فيه بوضع كل الخيارات لعملية إجلاء السودانيين من اليمن، كما وجه غرفة العمليات بمتابعة الأوضاع والالتزام الصارم بالتوجيه بعدم تحرك السودانيين في الأماكن العامة والشوارع. وأكد “سوار” استعداد الدولة لإجلاء الرعايا السودانيين الموجودين في اليمن في أي لحظة.
صدور القرار الرسمي من الدولة بإجلاء السودانيين عن اليمن أصبح من الضرورات الملحة نسبة للظروف العصيبة التي يعيشها هؤلاء المواطنون في “صنعاء” و”تعز” وغيرها من مدن اليمن، وباعتبار ما ستؤول إليه الأوضاع في الأيام المقبلة عقب اشتعال فتيل الهجوم الكاسح من التحالف العربي الذي يشارك فيه السودان مشاركة أساسية ضد مقار (الحوثيين)، والأوضاع في اليمن تسير في تطورات عسكرية متدرجة أدت إلى إحكام قبضة التحالف وبسط سيطرته على الدولة اليمنية.. مما يشير باحتمال تعرض رعايا جميع الدول المشاركة في (عاصفة الحزم) إلى استهدف منظم في الشوارع والمقار وبالتالي تعرض سلامتهم للخطر.
قرار سحب السفارة والبعثة الدبلوماسية السودانية من موقعها الحالي إلى موقع أكثر حماية الذي أكده وزير الخارجية “علي كرتي” في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس الأول (الأحد) فور وصوله إلى الخرطوم قادماً من القاهرة عقب مشاركته في القمة العربية.. هذا القرار الذي قضى بنقل السفارة من منطقة التمثيل إلى موقع آخر أكثر أمناً هو مؤشر قوي لإمكانية تعرض السودانيين إلى الاستهداف والهجوم.. حيث قال “كرتي” في رده على سؤال حول تعرض الجالية لاستهداف مباشر في اليمن بسبب مشاركة السودان في (عاصفة الحزم)، قال: (حتى أهل اليمن يتعرضون الآن للتهديد ويشكون من مثل هذه المضايقات وأن السفارة تعرضت لهجوم)، مشيراً إلى أنهم اضطروا لنقل السفارة من موقعها الحالي إلى موقع آخر.. وأشار الوزير إلى أنهم كلفوا السفارة بالاتصال بالجالية ورفع كل من يستطيعون الوصول إليه للخروج من مناطق الحرب.. وقال: (إذا كان هناك إحساس بتعرض السودانيين إلى مضايقات فنحن لا نريد من أحد أن يدفع الثمن).
مراقبون قرأوا تصريح وزير الخارجية في سياق يهادف إلى أن يخرج السودانيون من تلقاء أنفسهم.. دون مساعدة الدولة بصدور قرار بإجلائهم؟.. معضدين ذلك بأن هناك تجارب للرعايا السودانيين في دولتي سوريا التي شهدت ومازالت تشهد انفراطاً كبيراً في عقد الأمن بجانب دولة ليبيا التي تزعزع فيها الأمن وساءت بها الأوضاع.. إلا أن المراقين أشاروا إلى أن الخارجية السودانية لم يسبق لها أن أصدرت من قبل قراراً صريحاً بإجلاء رعاياها في أي من الدولتين.. وهذا لا ينفي ما قامت الدولة من مساعدة للراغبين في العودة الطوعية بالعودة، وعاد بالفعل عدد أقل بكثير من الذين ظلوا في الدولتين خصوصاً ليبيا التي تكتظ بأعداد كبيرة من المواطنين السودانيين حتى الآن في مختلف المدن الليبية.
وهناك تساؤل مشروع وملح متى تستدعي الأحوال والأوضاع صدور قرار الإجلاء؟ إن لم يكن خلال اليومين القادمين، وهل هناك خطر ماثل ومحدق أكثر من الآن في اليمن؟ فلماذا تصر وزارة الخارجية على عدم اتخاذ إجراءات سريعة وفعلية بإجلاء جميع السودانيين من اليمن؟ أو بمعنى آخر ما هي اللحظة التي تنتظرها الخارجية للوصول إلى قرار صريح يقضي بإجلاء الرعايا؟.
ولأهمية القرار المتعلق بأوضاع سلامة المواطنين السودانيين المقيمين باليمن، وما ينبغي أن يكون قد اتخذ من إجراء توجهت الصحيفة بالسؤال للناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير “علي الصادق” الذي أشار إلى أن الخارجية تجري الآن اتصالات مع السفارة السودانية في اليمن وأنهم بصدد جمع معلومات عن الجالية المقيمة حتى يتسنى اتخاذ الإجراء المناسب بالخصوص.
تصريحات الأمين العام لجهاز المغتربين السفير “حاج ماجد سوار” الذي أكد اهتمام الدولة ممثلة في قيادتها العليا وفي شخص النائب الأول للرئيس وتوجيهه بوضع كل الخيارات لإجلاء الرعايا السودانيين من اليمن، إذا ما قورنت بحديث وزارة الخارجية حول الأمر يتضح أن التعويل في صدور القرار ينصب نحو مؤسسة الرئاسة التي حققت نجاحاً كاسحاً بقرارها المشاركة في التحالف العربي.. وليس نحو الوزارة التي يتأرجح صدور قرار الإجلاء داخل أضابيرها وبين كواليسها.. ويرى محللون أن تصريحات الخارجية تسير وفق الروتين البارد الذي تتصف وتتسم به أعمال الدبلوماسية عموماً.
التحول الكبير والانفراج الواسع في العلاقات بين السودان وشقيقتها المملكة السعودية بسبب قرار السودان بالمشاركة في (عاصفة الحزم) يمكن أن يلعب دورا كبيراً في انسياب إجلاء السودانيين بسلاسة من دولة، إذا ما قامت الخارجية باتخاذ خطوات فعلية بالتنسيق مع سلطات السعودية التي تربطها حدود برية مع اليمن بغرض قيام المملكة بتسهيل دخول الرعايا السودانيين إلى أراضيها ومن ثم ترحيلهم إلى السودان، هذا إن لم يرد خيار النقل الجوي.
فهل سيشهد اليومان المقبلان اتخاذ إجراءات فعلية من قبل وزارة الخارجية حول إجلاء الرعايا السودانيين من اليمن، أم يتأتى الحل عبر جهود جهاز المغتربين بالتنسيق مع الرئاسة بعيداً ـــ أو بالتعاون ـــ مع الخارجية؟

المجهر السياسي


تعليق واحد

  1. ***معظم الدول قامت باءجلاء رعاياها من اليمن ، لماذا تأخرتم في ذلك ***خبر في جريدة الرياض – الثلاثاء بتاريخ 11 جمادي الاخرة 1436 الموافق 31 مارس 2015م ، السودان يدرس اجلاء رعاياه من اليمن بالتنسيق مع قيادات التحالف ، الدولة مستعدة لاجلاء السودانيين الموجودين في اليمن وتتابع على مستوى القيادة وضع الجالية هناك ***ياناس الانقاذ إلى متى ندفن رؤوسنا في الرمال … اذا كان الصنعانيين اهل العاصمة اليمنية صنعاء استعدوا للخروج منها هربا من غارات التحالف ( الخبر منقول من جريدة الرياض ، عائلات يمنية تستعد للخروج من صنعاء ) ده غير القتال الدائر بين المجموعات الحوثية والقوات الموالية للرئيس هادي ***وجود 5 الاف سوداني يتوزعون في مدن اليمن المختلفة وأغلبهم يقيمون في العاصمة صنعاء … وحكومتنا الرشيدة شغالة ندرس وندرس ، ما أطولك ياليل