داليا الياس

أجيال النعيم 2


كتبنا منذ مدة مقارنة ساخرة بين الأجيال، تؤكد أن الأجيال الأخيرة في نعمة لا تعرف قدرها.. وأن الأوضاع كانت عسيرة في ما مضى.. ونواصل اليوم في ذات الفكرة والموضوع..

اللبس – في ما قبل التسعينيات – كان صعب برضو.. نحن (أولاد) كنا بنشتري الهدوم من السوق الشعبي الخرطوم والخيارات كانت محدودة.. كلنا كنا بنلبس زي بعض.. قمصان هزاز.. بناطلين قماش (توكيو وبوكت).. وجزم قماش تمبرجاك (تمبرجاك ما تمبرلاند عشان ما تلخبطو ساي.. جزم قماش زي بتاعة بروس لي).. أما البنات فمشكلتهم كانت خفيفة.. البلد كانت محكومة شريعة (كانو فايرين في الموضوع)، فكانو بيلبسو الواسع والطويل تجنبا للمشاكل.. بالمناسبة الزمن داك.. إنك تلقى ليك بنطلون جينز كان أسهل من إنك تلقى ليك قطعة استثمارية هسي, لو عندك مغترب جاب ليك جينز من شدة فرحتك ما كنت بتقدر تلبسو.

حياتنا يا شباب كانت مملة.. يمكن المتنفس الوحيد كان القراية.. أي كتاب كان بيقع في يدنا كنا بنقراهو: كتاب إسلامي, علمي, تاريخي, ثقافي, “ثقافي”, مدرسي.. المهم البتلقاو بتقراو.. لأنو ببساطة البديل كان إنك تتفرج على السماء أو التلفزيون القومي (والتفرج على السماء كان أمتع بالمناسبة).. الحاجة الأساسية كانت الألغاز والمجلات.. معظم الشباب كان بيشتركو في مكتبات ويأجروها (لاحظو الألغاز والمجلات ما كانت متوفرة لدرجة إنو ما كان في حل غير أنك تأجرها).. الحاجة الأساسية كانت رجل المستحيل (من أجل مصر) والمغامرون الخمسة (تختخ والشاويش فرقع) والشياطين الـ 13 (كان فيها شخصية اسمها عثمان من السودان ما كان بيشارك في الغامرات نهائيا, شكلو المؤلف كان قاصدو).. المجلات كانت ماجد وسمير وميكي.. بالإضافة للمجلات السوداني صباح والصبيان إلى هي للأسف وقفت بدري رغم إنو كان فيها خصوصية سودانية وشخصيات رائعة (عمك تنقو وفنجاط).

وأكتر حاجة بيستمتعو بيها الشباب بسهولة الأيام دي هي سماع المزيكة.. هسي الواحد فيكم بيسمع طرف غنية في فيلم.. بتعجبو.. بيكتب الكلمات المتذكرها في قوقل وبجيو اسم الفنان.. بيجيب عنو معلومات من ويكيبيديا.. بيمشي ينزل كل أغانيو بالتورنت يسمعها من جهاز الـmp3 بتاعو وفي خلال أسبوع بيعمل ليو قروب معجبين بالفنان في فيسبوك ..

نحن كنا شغالين كاسيت وبننسخ الشرايط من بعض ونسجل أغاني من راديو مونتي كارلو والمعلم الزول الكان بيكون عندو مسجل بشريطين.. ياخي نحن بعد نسمع الغنية كنا بنطلع الشريط ونعيدو بقلم البيك عشان ما نتقل الهيد بتاع المسجل.. والشريط كنت بتسمعو بغض النظر عن الغنا عاجبك أو لأ.. لأنو مافي حاجة غيرها تسمعها.. ولو عندك زول جاب ليك شريط ماستر من برة بيكون أكرمك.

نحن جيل ما كان عندنا خيارات.. وعدم الخيارات علمنا إنو نكيف ذوقنا للحاجة المتوفرة.. حاولو استمتعو بالحاجة العندكم يا شباب (مواليد التسعينيات).. النعيم التقني الإنت فيو ده ممكن يوم نحسدكم عليو والناس تقلع منكم الإنترنت..

وأعذرونا.. يا جيل التسعينيات إذا بدر مننا حاجة ما بتتناسب مع عمرنا لأنو ما عشنا مراهقتنا.. فما تستغربو لو لقيتو هبنّق عمرو تلاتين سنة بيفلق بالبيض في شارع المطار في راس السنة!

تلويح:

تفاصيل كثيرة تؤكد أن حياتنا كانت صعبة.. ولكنها كانت طاعمة وحلوة.. الآن برغم التطور والوفرة.. حياتكم مسيخة.. وده العزاء الوحيد.