الطيب مصطفى

يا ويل السودان من كتالين الكتلا!


إذا كنا قد اتخذنا قصة الهندي أحمد خليفة الذي عزّت الحركة الشعبية أسرته بدموع التماسيح بعد 15 شهراً من مقتله الذي تم على يديها بعد أن استدرجته إلى جوبا إثر خلاف بينه وبين زعيم الحركة مالك عقار واعتراض الهندي على قيام مالك عقار بتحويل مليون دولار من أموال الحركة لحسابه الخاص..إذا كنا قد اتخذنا تلك القضية مدخلاً للحديث عن فظائع الحركة الشعبية التي روعت قبل أيام قليلة مدينة هبيلا بجنوب كردفان وقتلت 21 من مواطنيها الأبرياء وشردت الآلاف وخربت ودمرت فإن ذلك غيض من فيض من ممارسات هؤلاء الوحوش الذين سُلّطوا على السودان ليذيقوا شعبه من كؤوس القهر صنوفاً وألواناً.

لم ننس أن نذكر جانباً من مسلسل الحقد الأعمى الذي غمر حياة قرنق وعرمان والحلو وعقار من تجار الموت الذين ابتُلي بهم السودان، وقلنا إن أولئك الوحوش ظلوا هكذا يقتاتون على الأشلاء ويرتوون على الدماء وبالرغم من ذلك فإنهم بكل قوة عين يطرحون أنفسهم بديلاً لحكم السودان، بل يزعمون أن مشروعهم جدير بتحرير السودان، فيا ويل السودان من مصاصي الدماء الذين يصرون على فرض أنفسهم على شعبه بالحديد والنار.

كتبتُ عن مؤتمر رومبيك الذي انعقد في نهاية 2004م قبل أيام من توقيع اتفاقية أديس أبابا، وعن الخلافات التي اشتعلت في ذلك المؤتمر بين قرنق وسلفاكير الذي رفض دعوة قرنق لعقد المؤتمر في نيروبي خوفاً من أن يلاقي مصير القيادات المذكورة.

في مؤتمر رومبيك الذي شاركت فيه القيادات العسكرية الجنوبية في الحركة الشعبية واستبعد عرمان وغيره من الشماليين باعتبار أن الأمر لا يعنيهم وأنهم مجرد خدم لقضية الجنوب قال سلفاكير مخاطباً قرنق إنك لا تعفو ولا تنسى

You don’t forgive and you don’t forget

تلك العبارة التي رددها بعده د. جاستين ياك.

الخلاف ظل محتدمًا بعد ذلك إلى أن قُتل قرنق وكما تدين تدان. ولا أشك مطلقاً في أن سلفاكير رجل استخبارات قرنق الضالع في معظم عمليات القتل هو من صفى قرنق بالتواطؤ مع موسيفيني.

إنهم ملة واحدة.. من قتلوا الهندي حديثاً وكبيرهم قرنق الذي علّمهم السحر وأورثهم الحقد الأعمى الذي لا يزالون يمارسونه على خلق الله ويتلذذون به في الرحمانية وكلوقي وأبو كرشولا والله كريم وهبيلا والحبل على الجرار.

إذا كان مالك عقار قد صفى الهندي ثم مشى في جنازته بسبب احتجاجه على تحويل عقار لمليون دولار فإن عقار تصرف في عشرات الملايين من الدولارات عندما كان والياً على النيل الأزرق بل إن الرجل أنشأ مركزاً ثقافياً بمبلغ 700 ألف دولار سماه باسمه في مدينة الدمازين في بلد يعاني شعبه من الأمية والفقر المدقع، ولا عزاء لشعب السودان الذي ينتظر تحريره من عقار وعرمان والحلو وهم الذين يفتكون به وينحرونه نحر الخراف فما أتعس السودان وشعبه بهؤلاء القتلة.

إذا كان كاتبنا مصطفى البطل قد ذكر نماذج من سيرة قيادات (تحرير السودان) من لدن قرنق الذين يقتلون القتيل ويمشون في جنازته فإن ذلك سلوك مركوز في كل عصابات التمرد ولوردات الحرب الدارفورية وغيرها من الذين جمعهم المشروع الإثني العنصري مع قطاع الشمال والحركة الشعبية فيما يسمى بالجبهة الثورية ولكن دعونا نحاكم هؤلاء بأفعالهم لنرى ما إن كانوا يقدمون المثال الذي يجعلهم جديرون بعرض أنفسهم لقيادة شعب السودان وتقديم النموذج الصالح للحكم الراشد.

احكموا على هؤلاء جميعاً بسلوكهم وأفعالهم.. أين يقيم أبناء قيادات التمرد سواء كانوا من أبناء دارفور أو من الحركة الشعبية الجنوبية أو قطاع الشمال.

لقد كان أولاد قرنق يقيمون في أمريكا ونيروبي بينما كان الرجل (يناضل) بدماء أبناء الجنوب وكذلك كانت قياداته جميعها ممن يعيش أولادهم في أمريكا وأستراليا وأوروبا.

كان أولاد قيادات حركات دارفور ولا يزالون يدرسون في جامعة الخرطوم وغيرها من الجامعات السودانية والأوروبية بينما كان آباؤهم يخوضون معارك (تحرير) السودان بدماء أبناء دارفور.

فاقد الشيء لا يعطيه فمن يتاجر بدماء مواطني دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بدون أن يدفع أولاده الذين هم من صلبه لخوض غمار تلك الحروب ليس جديراً بتمثيل أهل دارفور والمنطقتين.

خبروني عن آخر مرة رأى فيها عبد الواحد محمد نور دارفور؟ إنه لا يقوى على تحمل أعباء الحرب ومعاناة العيش في معسكرات اللجوء التي دفع أبناء دارفور للعيش في ذلها وعارها..إنه يعيش في فنادق باريس وتل أبيب وكمبالا أما أهل دارفور الذين يحرضهم على خوض غمار حروب لا يتحمل تبعاتها فإنهم هم الضحايا وكذلك السودان وشعبه فما أتعس السودان بهؤلاء القتلة؟