منوعات

يا خابت.. يا صابت زواج الإنترنت.. حُرْقةٌ وندمٌ وجراحاتٌ لن تندمل


فرضت متغيرات العالم من حولنا وإفرازات التطور التكنلوجي عدة إشكاليات باتت تأخذ جانباً مؤلماً في حياتنا؛ حيث صرف بعض الناس النظر نحو الجانب الأكثر إيجابية وإشراقاً، واتجهوا نحو السلبية رغم أن التكنلوجيا أوجدت لتساعد الناس في كثير من القضايا اليومية وليس المساهمة في هدمها خاصة وأنه سلاح ذو حدين يمكن أن يدمر حياتك اذا ما أسأت استخدمه أو ينقلك نحو مرافئ العالمية والتفوق. ومن الاستخدامات السلبية للتكنلوجيا في السودان والتي باتت تأخذ في الانتشار، هو زواج مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة، إذ وجد الشاب السوداني نفسه أمام لعبة تستنزف كل طاقته وفكرة وفي نهاية المطاف لا يجني منها سوى الدموع والندم. فكم من فارس أحلام أصبح كابوساً لتدمير حياة الآخرين.

تقول عزيزة خليفة، إحدى ضحايا عريس الأحلام الإلكتروني؛ الشابة السودانية التي تخرجت وعملت بعد جهد جهيد، لم تكن تدري أن دخولها عالم الإنترنت قد يسبب لها في ما بعد كابوساً يطاردها الى الأبد. فبعد أن تسلل الى قلبها اليأس، وفي أثناء دوامها اليومي ولجت أحد مواقع التواصل الاجتماعي وبعد تبادل الدردشة بشكل يومي مع (الحبيب الإلكتروني)، اقترب الطرفان من رؤية بعضهما البعض عن طريق “الويب كام” فاشتعل فتيل الحب بين الاثنين وقررا الارتباط وتوجهت عزيزة إلى السفارة الاماراتية بقصد طلب التأشيرة والسفر إلى الشارقة لرؤية حبيب العمر والزوج المستقبلي، وشاء القدر عكس ذلك ولم تكلل مغامرتها بالنجاح. حيث لم تجد ذاك المرهف الحس الذي قابلته في الإنترنت وإنما ذئب متنكر في زي حمل ينتظر الفرصة السانحة للانقضاض على فريسته، وبعد معاناة طويلة لم تذق فيها طعم النوم، استطاعت أن تفلت بعد أن اكتشفت بأنها لا تملك أي مال، وأن بقاءها عال عليه ولا تجلب له سوى المتاعب، وبعدها عادت محدثتنا الى حظيرة الوطن وهي مكسورة الوجدان؛ مكبلة المشاعرة؛ منحنية الرأس تندب حظها وتذرف الدموع.

الدكتور خضر الخواض؛ استشاري علم الاجتماع، قال إن الظروف الاقتصادية المتردية وعزوف الشباب عن الزواج بسبب العادات والتقاليد التي جعلت الزواج شبه مستحيل، لأجل ذلك يتجه هؤلاء الى طرق تختصر المسافة ولكنها محفوفة بالمخاطر.

وساهمت بهذا ثورة تكنولوجيات الاتصال رغم تأخرها في دخول السودان في تغيير طباع وسلوك السودانيين، ويظهر من خلال الكثير من الإفادات، انعكاساتها على العديد من العادات والتقاليد الاجتماعية الكلاسيكية. فبعدما كانت تحتكم لموروث الآباء والأجداد؛ انفتحت في حسم قرارات اجتماعية هامة على شبكات التواصل الاجتماعي والتعامل الإلكتروني. والباحث في هذه المواقع يجد بكثرة الجنسيات السودانية من الراغبين في الارتباط بشريك العمر بما تجود به عطايا النت، فهل يبقى الوضع على ما هو عليه أم نشاهد في القريب العاجل زواجاً عبر “الاسكايب”.

فتح الرحمن حمدان
صحيفة التغيير