أبشر الماحي الصائم

لم تعد البندقية وسيلة للسلطة


عاصمة شمال دارفور فاشر السلطان أرض المحمل والقرآن، جدَّد المرشح الرئاسي المشير عمر البشير عزم الدولة السودانية على وضع حدٍّ لنشاط الحركات المسلحة.. التي تعيش أسوأ مواسمها في ظل استمرار عمليات الصيف الحاسم.. غير أن الجديد في الأمر هو قطع الرئيس البشير

( قطع أخضر) بأن لا وجود لمناصب عبر البندقية بعد اليوم.. وأتصور – والحديث لمؤسسة الملاذات – أن هنالك حزمة من المطلوبات لو أننا عملنا بها منذ وقت مبكر لأمكن محاصرة التمرد في مهده.. من هذه الخطوات ما ذكره السيد الرئيس في خطابه الأخير، بأن البندقية ليست وسيلة مقبولة إلى حسم مسائل الثروة والسلطة، على أن يتبع هذه الخطوة الجريئة خطوات أخرى على مقدمتها محاصرة أجندة وفعاليات التمرد أخلاقيا.. على أن إزهاق الأنفس التي حرم الله إلا بالحق ﻻ يجوز شرعا وﻻ عرفا دارفوريا سمحا.. فضلا عن ترويع المواطنين وتشريدهم وتهجيرهم من مناطقهم.. مقروء كل ذلك مع تدمير سبل الحياة ومقوماتها من المشافي والمدارس وصهاريج وآبار المياه وشبكات الكهرباء والاتصالات.. على أن المفارقة الكبرى تكمن في أن الحركات المتمردة تهزم مسوغاتها التي نهضت عليها بأن الإقليم يعاني أزمات خدمية.. وأول ماتفعله هذه الحركات المتمردة هو تدمير ماهو موجود ثم وقف عمليات التنمية وتهديد مسيرة صناعة المزيد من الخدمات.. وتكمن عبقرية محاصرة التمرد أخلاقيا وقيميا في عمق تدين إقليم دارفور نفسه.. لو أن حملة قيمية انتظمت منابر المساجد ودور العلم ووسائل الإعلام.. بعدم جواز قتل الأنفس وحرمة دم الإنسان التي تعدل إزالة الكعبة المشرفة.. فضلا عن مآﻻت السعي في الأرض بالفساد.. لتمكن مجتمع القرآن والمحمل على أخذ الأمر على محمل الجد و.. و.. ولكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أصلا لإحياء هذه القيم والمبادئ والمفاهيم ..

أتصور أن هنالك مجموعة مكتسبات تجعل المرشح الرئاسي عمر البشير يقطع بقرب نهاية الحركات المتمردة.. ونلاحظ هنا أن معاليه لم يستخدم تعبير (الحركات المسلحة).. التعبير الذي تستخدمه وسائل الإعلام الرسمية الكتف بالكتف والحافر بالحافر مع تعبير (القوات المسلحة).

ومن تلك المكتسبات أن السودان على الأقل يعيش مرحلة ما بعد (عاصفة الحزم) التي إن لم تفعل غير أن تلجم قنوات العربية وأخواتها من نهش لحم هذا البلد العربي.. لكان ذلك نصرا مبينا وفتحا عظيما لطالما (برطع) المتمردون في هذه القنوات.. التي أنزلتهم منازل المناضلين وفتحت لهم شاشات كبار الثوار واستضافتهم في الفنادق من ذوات الخمسة نجوم.. فضلا عن المزاج العالمي الذي انصرف من هذه القضية إلى قضايا أكثر إلحاحا وتهديدا للأمن العالمي.. غير أن الحكومة أصبحت مسنودة الظهر من أهل الإقليم نفسه الذين لم يجنوا خلال عقد من الحركات المسلحة إلا الموت والدمار والنزوح والمرض.. فأينما هبط طائر الرئيس البشير.. في الجنينة أو نيالا والفاشر والضعين ثمة جمهرة واحتشاد يسد الشمس والعين.. وذلك لدرجة التساؤل المقلق.. هل هذا هو الإقليم الدارفوري الذي ذهبت بسمعته الركبان !!

وليس هذا كل ما هناك.