حيدر المكاشفي

أين هاشم صاحب الهتاف الشهير


أذكر أنني حدثتكم مرة عن صديق لي ولا شك أنكم لديكم أيضاً أصدقاء من شاكلته، ممن يصدق فيهم قول أبو الطيب المتنبئ (ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدواً له ما من صداقته بد)، يقول ما يشاء وقت ما يشاء وبمناسبة ومن غير مناسبة وبداعٍ وبلا داعٍ، وما عليك إلا أن تذعن وتصمت وتسمع وتهز رأسك بالموافقة، وإياك أن تعترض فستدفع ثمنه غالياً بفساد باقي يومك وإضاعته كله في الاستماع للحكي والرغي والبري (عمّال على بطال)… صديقي هذا زارني بالأمس وقبل السلام و(حق الله بق الله) وبالمناسبة ماذا تعني (بق لله)، فاجأني بسؤال عجيب لم أملك معه إلا أن أقول له (الله يجازي محنك يا فلان) ثم أطلق ضحكة مجلجلة.. السؤال العجيب هذا سبقته مقدمة قال فيها (ياخي الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) دا حزب عجيب)، قلت ما عجيب إلا الشيطان، قال (هذا الحزب أبرز لنا أولاً جعفر الصادق ابن مولانا محمد عثمان الميرغني وجعله مساعداً للرئيس، ثم ها هو الآن يقدم لنا ابناً آخر من أبناء مولانا الميرغني هو محمد الحسن الذي صار الكل في الكل في الحزب فأصبح (سيد الحواشة وسيد اللبن) وصاحب الكلمة في الحزب، ونحنا موافقين وما عندنا اعتراض)، وبعد هذه المقدمة القى بسؤاله العجيب قائلا (بس نفسي أعرف هاشم وين وما موقعه في الحزب والطريقة ولماذا لم يقدموه لنا)، قلت من هاشم هذا، قال هاشم ابن مولانا الميرغني الذي ظل الاتحاديون والختمية يهتفون باسمه كل هذه السنين (عاش أبو هاشم، عاش أبو هاشم ونظرة يا أبوهاشم).

أصدقكم القول أن هذا السؤال فاجأني وحيرني بقدر ما أضحكني، وأظن أنني مثل كثيرين، كنت أمر على هذا الهتاف مرور الكرام دون أن أتوقف للحظة لمعرفة من أين جاءت كنية (أبو هاشم) هذه التي التصقت بمولانا محمد عثمان الميرغني؛ رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وراعي الختمية، فطفقت أتحرى سبب هذه الكنية، خمنت أولاً أنها ربما جاءت على طريقة السودانيين في (تكنية) الرجل على اسم ولده أو بنته البكر، ولكن خاب تخميني إذ لم أجد بين أبناء مولانا الستة من يحمل اسم هاشم وهم على التوالي (علي، محمد الحسن، عبد لله المحجوب، جعفر الصادق، محمد، وأخيراً أحمد آخر العنقود)، ثم افترضت أنها ربما كانت كنية ورثها مولانا محمد عثمان من والده السيد علي الميرغني من بين ما ورث، وأيضاً لم أجد ما يعزز هذا الافتراض، حيث لم يكن لمولانا السيد علي غير ابنين هما مولانا محمد عثمان والسيد أحمد (رحمه الله) وبنت وحيدة هي السيدة نفيسة، إذن لم يبق غير ما تعارفت عليه العرب في إطلاق الكنيات التي لا علاقة لها بالأولاد، مثل تكنية الأسد بــ(أبو الحارث)، والضبع بــ(أم عامر) إلخ، ولكن حتى لو صح هذا، يظل السؤال قائماً عن سبب هذه الكنية، فهل من مجيب.