منوعات

ما بين الاستفزاز.. وإثبات (الرجولة).. (إنت وين؟).. سؤال يكرهه (المراهقون)!


لحظات كثيرة من الصمت تمر عندما يسألك أقرب الناس إليك: (إنت وين؟).. تتضجر كثيرا قبل أن تخرج الإجابة التي تعتريها لهجة الحدة والعنف: (أنا مع أصحابي)، وربما تصاحب تلك الإجابة الكثير من المصطلحات غير المقبولة التي تغضب من حولك وفي مقدمتها: (أنا ما شافع)!.. ذلك المشهد الذي يتكرر كثيراً ما بين الأمهات والأبناء في سن المراهقة، والذين يعتبرون في ذلك السؤال (مهانة) ويتخذونه (منقصة) كبيرة لهم!
كذب وتضليل:
الشاب علي الطاهر قال إنه يتضجر كثيرا عندما يُسأل: (إنت وين؟).. ويضيف: (ماذا سيستفيد من حولي بمعرفه مكاني.. هذا الأمر لا يهمهم على الإطلاق، فأنا إنسان سوي وعاقل لا يخرج مني الخطأ لذلك أرى أن هذا السؤال يحمل الكثير من ملامح عدم الثقة بي كرجل)، ويواصل: (هذا السؤال أيضاً يمكن أن يقود الشاب إلى الكذب فهو يمكن أن يتحجج بأنه في أي مكان آخر ليهرب منه)!
خوف وقلق:
الطالبة الجامعية نهاد عادل كان لها رأي مختلف تماماً، فقالت لـ(فلاشات) بسرعة: (بصراحة أنا أفرح كثيرا عندما أستقبل مكالمة هاتفية من والدي أو والدتى أو أخي لسؤالي خلالها عن مكاني)، وتواصل: (هذا يؤكد تماماً مدى خوفهم وقلقهم علي، الأمر الذي يسعدني أكثر مما يغضبني)، وتختتم: (لا علاقة لهذا السؤال بالثقة، فهو سؤال طبيعي يؤكد للشاب أو الشابة مدى قلق أسرته عليه).
سؤال محرج:
علي التوم -طالب بالمرحلة الثانوية- يقول لـ(فلاشات): (علاقتي بأسرتي علاقة متزنة جدا وبها الكثير من الثقة والمحبة والاحترام ولكن رغم ذلك لا أفضّل توجيه ذلك السؤال لي، فأنا ناضج بما فيه الكفاية ولدي من الأصدقاء الكثير، ولي علاقات اجتماعية على نطاق واسع وهذا السؤال يسبب لي حرجا ويقلل من قيمتي وسط أصدقائي، بينما أفهم رغبة أفراد أسرتي في الاطمئنان وفي بعض الأحيان حاجتهم للمساعدة لذلك لا أتردد في الإجابة بكل احترام وصدق عن مكان وجودي برغم استيائي من السؤال نفسه).
أسباب عدّة:
الباحث الاجتماعي محمد الخليل أحمد يقول لـ(فلاشات) إن الشباب في سن المراهقة دائماً ما يبحثون عن كل شيء يوافق قناعاتهم بأنهم صاروا رجالاً يحق لهم اتخاذ قراراتهم بأنفسهم دون عودة إلى الأسرة. وأضاف الخليل أن سؤال: (إنت وين؟).. ربما يستفز معظمهم لاعتقادهم الراسخ بأنه سؤال لا يتناسب مع رجولتهم وفق ما تصور لهم المرحلة التي يمرون بها، لذلك فالغالبية العظمى من الشباب يرفضون ذلك السؤال ويقابلونه بعاصفة من الاحتجاج الشديد والغضب الكبير، ويختتم الخليل: (بعض الشباب يحارب مثل تلك الأسئلة التي تستفسر عن مكانه وعن أشيائه الخاصة بسبب التخوف من السخرية التي قد ينالها من بقية أقرانه، بينما يفتخر ذات الشخص بترك أسرته له الحبل على الغارب وذلك لأن ذلك النهج يزيل عنه كل التخوفات النفسية الناتجة من مرحلة المراهقة التي يعيشها).

السوداني