عثمان ميرغني

هل اختلط الحابل بالنابل؟..!!


خبر مدهش.. حملت الصحف أمس خبراً عجيباً.. قاضٍ في محكمة بولاية الخرطوم أصدر حكماً ضد محامٍ بدفع غرامة أو السجن.. لاعتراضه خلال نظر قضية.
وتعمدت هنا أن لا أنقل نص الخبر أو أورد تفاصيله بدقة لأنها ببساطة لا علاقة لها بموضوعي اليوم.. فالذي أثار دهشتي ليس هو حكم القاضي على محامٍ يقف أمامه في قضية.. في الطريقة التي اختارها السادة المحامون لمواجهة حكم القاضي..
حسب الأخبار المنشورة في صحف الأمس.. ثار زملاء المحامي ونظموا وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد العام للمحامين السودانيين (نقابة المحامين).. ومصدر دهشتي.. ماذا ينتظر السادة المحامون.. هل يفترضون أن (الوقفة الاحتجاجية) هي نوع من (استئناف) حُكم القاضي.. وعليه سيرجع القاضي عن حكمه أو يصدر الجهاز للخرطوم أو رئاسة القضاء قراراً بإلغاء حكم القاضي..
إذاً فإن عشرات الآلاف.. بل الملايين من الذين صدرت من المحاكم قرارات لا ترضيهم ما عليهم إلا أن يختاروا أفضل مكان ينفع لـ(وقفة احتجاجية).. ثم على قدر مهابة الوقفة وجلالها تصدر رئاسة القضاء قراراً بإلغاء الأحكام.. بل ويتطور الأمر.. فيعمد بعض الخصوم الذين لم تعجبهم قرارات المحاكم للاعتصام بمبانيها واحتلالها حتى يصدر أمر بإلغاء الأحكام.. وتستمر تطور الفكرة فيذهب البعض إلى منازل السادة القضاة ويعتصمون بها أو يحتلونها أو يهددون القاضي فيرجع إلى المحكمة فيلغي قراره..
بصراحة هذه صورة (سريالية) بالغة التخلف والفوضى لو أصبحت الاعتصامات أو الوقفات الاحتجاجية من أدوات (استئناف) الأحكام القضائية..
من حق أي إنسان أن يعترض على حُكم القاضي.. لكن وفق الدورة المعروفة.. استئناف لدرجة أعلى.. وهي نفسها قابلة للنقص بالاستئناف لدرجة أعلى منها (المحكمة العليا) وهي أيضاً تمنح فرصة إضافية في دائرة المراجعة.. فيكون مجموع القضاة الذين ينظرون قضية واحدة (12) قاضياً.. ومع ذلك تظل هناك فرصة ما بعد الإضافية في المحكمة الدستورية..
في تقديري أن سلوك السادة المحامين هذا يفتح باباً خطيراً نحو الاستهانة (وهي مرحلة ما بعد الإهانة) بالقضاء.. وعندما تنتهي مرجعيته في الفصل بين الخصوم ويصبح على قدر أهل العزم تؤتي الأحكام.. من استطاع لي الذراع بأي وسيلة هو الذي يكسب النهاية السعيدة.. فيتحول الوطن إلى (غابة) كبيرة الغالب فيها من يغلب بقوة عضله لا بقوة حقه..
إن لم يأتِ توقير القضاء وتحريم المساس به من السادة المحامين فمِن مَن.. فالمحامي جزء أصيل من القضاء بل ويطلق عليه القضاء الواقف.. وتوقير المحامين للقضاء يرفع من شأن المحامين أنفسهم.. قبل القضاة..
هل اختلط الحابل بالنابل؟..!!


‫2 تعليقات

  1. والله اول مره اعرف ان كلمه ضيق الافق ( بالمعنى الدارجى مخو صغير ) ممكن تكون لصحفى ورئيس تحرير .ياخى فى حاجه اسمها تاليب الراى العام ما سمعت بيها