أبشر الماحي الصائم

لم يعد الصمت ممكناً 6


عندما دخل الإسلاميون الأتراك المعترك السياسي بحزب اختاروا له اسم (العدالة والتنمية), فلعمري أنهم يعنون ما يسمون على أن نسختهم الإسلامية ستنهض من أول يوم على فلسفة قوة الاقتصاد، وقد تمكنوا بالفعل من وضع بلدهم ونموذجهم الإسلامي على مصاف الدول الاقتصادية الكبرى، يكفي في هذا الضرب أن تركيا الدولى الأولى أوروبياً في مجال الإنتاج الزراعي بعائد بلغ ثلاثة وستين مليار دولار و.. و..

* وفي المقابل لما اختار الإسلاميون السودانيون مسمى (المؤتمر الوطني), فلعمري هذا يعني أن مشروعهم سيتميز (بالمزاج السياسي) والنكهة المؤتمرية، على أنهم سيخرجون من مؤتمر إلى مؤتمر، فالجواب من عنوانه، ومن استفتاء إلى انتخابات ومن محادثات إلى جوﻻت و.. و.. وسأنشط ذاكرتكم بآلاف السمنارات والمؤتمرات السياسية، وفي المقابل أطلب منكم تزويدي وتذكيري بندوات وسمنارات يتيمة مغايرة على شاكلة، ورشة الصناعات التحويلية، وذلك لتدارك محصوﻻت مثل الطماطم التي يتدحرج سعر صفيحتها لجنيهين في الموسم, ثم تتلف ونذهب ﻻستيراد الصلصة بالعملات الأجنبية, فنحن الأمة التي تأخذ الطماطم التالفة إلى مكب النفايات ثم نذهب إلى السوبرماركات لشراء الصلصة المستوردة!!

على أن ذات مصير الطماطم ينتظر أخواتها المانجو والموز والبطيخ والتمور والبصل, أخبروني عن ورش زراعية إنتاجية حيوانية سمكية تعج بها قاعاتنا السياسية, أخبروني عن ورشة محضورة تتناول الميزات التفضيلية (لزراعة القمح بين الجزيرة والشمالية), وأخرى عن (إمكانية زراعته من قبل المطاحن الثرية !! وسمنارات عن معوقات التخزين والتسويق و(المستثمرون العكاكيز المضببة.. سبل الحل والنجاة)ـ وفي المقابل أستطيع الزعم بأن الندوات التي عقدت عن تأثير السلم الخماسي في ثقافة القرن الأفريقي!! أضخم وأعظم ألف مرة من ندوات تنوع المناخات وتأثيراتها الإيجابية و.. و..

* ومع ذلك كله نعود ونقول إن عناصر نهضتنا متوفرة إذا ما توفرت الإرادة, فعلى الأقل إن وزارة الزراعة المصرية التي نستهلك برتقالها هذه الأيام بكثرة، تسمى وزارة الزراعة و(استصلاح الأراضي), ونحن في المقابل أرضنا مستصلحة وصالحة ومناخاتنا متنوعة تجري من تحتها الأنهار و.. و..

* كنت أسائل نفسي كثيراً, لماذا ﻻ نجرب استقدام شركات صينية وتركية زراعية, وذلك وفق شراكة ذكية بين الحكومة والشركة المستقدمة والمواطن صاحب الأرض, المواطن يساهم بالأرض والحكومة بثمن تصديقها وضرائبها والشركة بآلياتها واضطلاعها بكل العمليات الفلاحية الممكننة, فالصينيون الذين استخرجوا النفط من أعماق الأرض لن يعجزهم إخراج الثمار من ظاهرها و.. و..

* فثمة أزمة أخرى تطل برأسها كلما جلسنا مع مستثمرين جادين, فنحن في كل مرة نخرج بعبارة (سنسعى لتجهيز مشروعات بعينها) خالية من الموانع والاحتكاك, ويزداد قلقنا الآن ونحن بين وزيري الزراعة السعودي والمصري, ذلك إن كنا قد منحناهم مشروعات جاهزة, أم أنهم قد عادوا أدراجهم على وعد البحث لهم عن مشروعات خالصة في بلد المائتي مليون فدان بلقع!!

يتبع