جعفر عباس

حول «السقافة» والسطحية (1)


رقصت فرحا عندما فقد الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين منصبه، ولم أكن أكرهه فقط لأنه دائم العبوس، وشكل أنفه يعطيك الإحساس بأنه يشم أينما ذهب رائحة فطيس، بل لأنه ورث السلطة على أطلال دولة عظمى هي الاتحاد السوفيتي وحولها خلال خمس سنوات إلى هيكل عظمي، وفتح الخزائن للصوص وعرض أسرار بلاده للبيع ببلاش للأمريكان، وفعل كل ذلك وهو سكران، لأنه كان يستخدم الفودكا كبديل للماء والمشروبات الساخنة، وبينما كنت أتقافز شامتا في يلتسين وأنا أردد اسمه، قيض الله لي الشماتة بابنتي مروة، التي عانيت طويلا من طول لسانها خلال سنوات طفولتها، فقد كانت كلما رفضت أن أشتري لها شيئا ما متعللا بعدم امتلاكي للمال اللازم، سألت أمها: ليه ما تزوجت رجل غني؟
المهم أن مروة سمعتني أردد «بوريس يلتسين» وأنا في قمة الفرح، لأنها حسبت أن بوريس يلتسن نوع من السيارات، وأن والدها قرر أخيرًا أن يقتني سيارة تنتمي الى العصر الحديث، فأعطتني فرصة ذهبية للشماتة فيها، وكانت قبلها بأيام قليلة قد كشفت عن ضحالة ثقافتها الدينية عندما اتضح أنها تحسب إمساكية رمضان قائمة بالأطعمة التي تسبب الإمساك للصائم. وكانت تلك فرصة ذهبية بالنسبة إليّ لفضح ضحالة «سقافة»/ ثقافة مروة والترويج لجهلها بين الأهل والأصدقاء، ومنها أنها سألتني يوما ما: بابا الفلافل حيوان وللا نبات؟ ثم اكتشفت أنني ظلمت بنيتي التي كان يشفع لها صغر السن في أن تعاني من القصور المعرفي.
استنادًا إلى حصيلة استطلاعات للرأي جرت في عدد من البلدان العربية الشقيقة أي التي تعاني من الشقيقة السياسية، قال بعض الذين تم استطلاع آرائهم ان جمال عبدالناصر يلعب مهاجما في نادي الزمالك. أما المناضل الكوبي الفذ كاسترو آخر العمالقة في زمن الأقزام فقد قيل إنه نوع من زيت الخروع (ربما لأن اسمه يسبب الإسهال للمسئولين الأمريكيين، وربما لأن ذلك الزيت يسمى بالإنجليزية كاستر أويل)، والرئيس الفرنسي الأسبق ديغول أصبح عند نفر الكلمة الفرنسية لحارس المرمى في لعبة كرة القدم (غول = مرمى/ هدف). أما ميشيل عفلق فيلسوف الفكر البعثي البغدادي فقد كان حظه أفضل من سابقيه لأن نحو عشرين في المائة قالوا انه مطرب لبناني صاعد.
وكلما ازدادت الأسئلة صعوبة تفتقت العبقريات، شوفيني تعني الشخص ذا الميول الاستعراضية من إقليم الشوف في لبنان، والأجسام المضادة (ANTIBODIES) المقصود بها الشيوعيون أو من يعارضون حكومات بلادهم. وسئل البعض عن الشيخ محمد عبده فردوا في تهكم: منذ متى صار المطربون شيوخا؟ كارتر تحول إلى شركة طيران أمريكية، ورابعة العدوية هي أول امرأة تتبوأ منصبا وزاريا في اليمن (أشمعنى اليمن؟ الله أعلم)، وجهاز المخابرات الإسرائيلي الشين بيت كان عند البعض اسم حي البغاء في تل أبيب (لا بأس بهذا التخريج فهو على كل حال بيت شين وسيئ السمعة)، والهستامين هو اتحاد العمال الإسرائيلي (اسمه الأصلي هستدروت)، وهنغاريا التي هي المجر أصبحت الكلمة اللاتينية للمجاعة في حين أن البنكرياس هو البنك المركزي في اليونان (في هذه الحالة تكون اللغة اليونانية مستمدة من العربية: بنكرياس هو البنك «الريس»، يا للنباهة).
والحجاب الحاجز هو تعويذة تمنع عنك العين الحاسدة وكيد الأعداء وخاصة الحموات وماركس آند سبنسر هما مفكران من جامعة أوكسفورد وضعا أسس اقتصاد السوق، والألفية الجديدة قصيدة تحوي تعديلات على قواعد النحو وبالتحديد ألفية ابن مالك، وبوركينا فاسو حالة تنجم عن التهاب القولون، وبرج بيزا أشهر محل لبيع البيزا في إيطاليا (بالمناسبة نطق الكلمة الصحيح هو بيتزا رغم أن صوت/ حرف التاء لا يظهر في رسمها بالأحرف اللاتينية).

jafabbas19@gmail.com