منوعات

شعراء آخر زمن


قرنفلة للدخول

كنا ومنذ أعوام نشتكي من أننا نصحو كل صباح لنجد الأسعار في زيادة، وما بين الحمى ونزولها يرتفع سعر الدواء، وأنّا أمسينا نخشى النوم لأننا نعلم أن الغد سيكون أعلى سعراً في كل شيء.

وبات من بديهيات التفكير اليومي ومن ثوابته كم ستكون الزيادة، وأي السلع أو الخدمات ستزداد أكثر، حتى صرنا كالنمل نخزن في أحايين كثيرة الاحتياجات خوفاً من ارتفاعها الجنوني.

قرنفلة ثانية

رسالة على موقع التواصل الاجتماعي (واتس آب) من الشاعر السوداني المقيم بالمملكة العربية السعودية؛ عبد العال السيد، طالباً رأيي بكثير من السخرية والغضب في كلمات تتغنى بها فنانة شابة، صاغ كلماتها رجل سوداني يقول إنه شاعر. وعبد العال بكثير تلميحات غاضبة أرسل كلماته وهو يرجوني أن أفتيه، وأبدي رأيي في الكلمات وأخبره إن كانت بالفعل قصيدة، وهل هي إحدى المدارس الحديثة الجديدة في السودان.

وأنا أجد للمرهف عبد العال كل العذر، فالرجل قدراته الشعرية وخياله وفكره أصابه الذهول، كون أننا البلاد التي أنجبت محجوب شريف والكتيابي، ومصطفى سند، وسيف الدين الدسوقي، وغيرهم كثر، وإذا بمغنية تردد كلمات كهذه.

وعبد العال الذي أرهقته الأشجان، وهو يكتب الشعر ويمنحه للمغنين سلافاً، أن يدرك حقيقة الوضع في السودان الآن، والرجل الذي تغنى له مصطفى سيد أحمد والهادي حامد وترباس، وأغلب الكبار في البلد لم تسعفه أخيلته البديعة الجموحة أن يعي أزمة الوطن وإلى أي درك أسفل سافلين قد وصلت ثقافتنا.

وعبد العال الذي قال بروايته مصطفى سيد أحمد (من بعد ما عز المزار والليل سهى وملت نجومو الانتظار) ثم كرر رواياته (الدنيا ليل غربة ومطر) وروى عنه الهادي حامد (افتقدتك يا صبا عمري وشبابي) وكمال ترباس الكثير من الاغنيات، وحتى جيل الشباب تحدثوا برواياته ونظمه صعب عليه جداً أن يرى من منفاه الاختياري إلى أين نتجه بشعرنا وأغنياتنا، وثقافاتنا، ووجدان شعبنا، وإحساسه.

كل الذي يمكننا أن نقوله لــ(عال) الآن يمكن لأي فتاة صاحبة عيون واسعة وملامح جميلة أن تصبح شاعرة، تستضاف في القنوات، ويرحب بها ترحيباً كبيراً تحسدها عليه روضة الحاج.

واليوم في بلاد الشعر صار بإمكان أي رجل له كثير مال أو جاه أن يكتب الشعر، ويدفع لصغار وكبار المغنين كي يرددوا أغنياته، وصارت بلاد علاء الدين حمزة وبرعي محمد دفع الله، يلحن فيها الرأسمالية بمالهم ونقودهم، وصارت سيدي عبد العال، الأغنيات تكتب في كافوري، وتلحن في المجاهدين، وتغنى في حي النزهة حيث أحياء الأثرياء. وأضحت ثقافتنا يعبر عنها من الجيوب بدل القلوب سيدي المرهف.

سأواصل معكم أنتم والجميل عبد العال ما انقطع من حديث بإذن الله، لنرى ونشاهد بعض سماسرة الأغنية وتجار المشاعر السودانيين، ونرقب معاً كل الذين يكتبون على حساباتهم الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي الشاعر أو الملحن أو المفكر فلان الفلاني.

قرنفلة للخروج

الدنيا ليل غربة ومطر..غربة ومطر

وطرب حزين.. رجع تقاسيم الوتر

شرب الزمن فرح السن

والباقى هداه السهر

صحيفة التغيير