تحقيقات وتقارير

“نوركم.. شوفوا” تأكيدات الوزير الحاسمة تذهب أدراج الرياح.. العارض والطارئ والمبرمج في قطوعات الكهرباء


نازك شمام لم يمر وقت طويل على الحدث، ففي الخامس من شهر أبريل الماضي وبعد لقاء تم بين النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق بكري حسن صالح ووزير الكهرباء معتز موسى، جاءت تأكيدات حاسمة بعدم وجود قطوعات كهربائية ابتداءً من أبريل الماضي على خلفية توجيهات صادرة من صالح لوزارة الكهرباء بضرورة إجراء عمليات الصيانة لمحطات التوليد الكهربائي في وقتها، تحوطاً لفترتي الصيف والخريف، إلا أنه وخلال الأيام الماضية ذهبت تأكيدات الوزير أدراج الرياح بعد أن شهدت أحياء متفرقة من العاصمة قطوعات كهربائية على مستوى واسع ولساعات طويلة تزامنت مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة، الأمر الذي رفع من وتيرة الاستياء عند المواطنين. أمس وأمس الأول عاشت أحياء العاصمة واحدة من أسوأ أيامها المتعلقة بالخدمات بعد أن انقطع التيار الكهربائي عن أحياء العاصمة لفترة زادت عن العشر ساعات دون أي تبرير من وزارة الكهرباء أو شركة التوزيع، مضى اليوم ثقيلا على ربات المنازل والأسر التي تحاول أن تقضي يوم العطلة بعيدا عن ضغوطات العمل، غير أن ذلك لم يكن بالإمكان بعد أن ساءت الأوضاع داخل المنازل وتحولت إلى بؤرة من الجحيم بعد الارتفاع الشديد في درجات الحرارة ما رفع درجة المعاناة وتحولت معها عطلة السبت إلى يوم كئيب. التبريرات التي جاءت على لسان وزير الكهرباء معتز موسى بصفحات الزميلة (السوداني) في عددها، أمس، أن القطوعات التي شهدتها ولاية الخرطوم خلال الأيام الماضية ليست مبرمجة، ووصف القطوعات التي شهدتها الخرطوم يوم أمس الأول بالقطع العارض والطارئ، مبينا أن الأسباب تتمثل في تجهيز الوحدة الأخيرة بمحطة كوستي بغرض إدخالها الشبكة عقب اكتمال العمل فيها وإشراكها في الشبكة القومية مع توقعاته بعدم تكرار القطوعات. ما ذكره الوزير يبدو صحيحا فيما يتعلق بتجهيز الوحدة الأخيرة من محطة كوستي لإدخالها الشبكة، ففي الفترة الماضية وقعت حكومتا الخرطوم وجوبا، اتفاقا بالأحرف الأولى على مستوى اللجنة الفنية بين البلدين، يتم بموجبه مد محطة كهرباء كوستي (أم دباكر) بالسودان، بخام النفط من حقول عداريل بدولة الجنوب، لإنتاج الكهرباء وذلك بعد مباحثات استمرت على مدى ثلاثة أيام بالخرطوم، وكشف حينها وكيل وزارة النفط عوض الكريم محمد خير، رئيس اللجنة الفنية بالسودان، أن المباحثات قد توصلت إلى اتفاق شامل في كافة التفاصيل الفنية المتعلقة بإمداد الخام للمحطة وكيفية جدولة رسوم الدفع، بالإضافة إلى مد دولة الجنوب بالكهرباء من المحطة، وأكد أن تشغيل المحطة يسهم في زيادة حجم الطاقة الكهربائية المنتجة بالبلاد لمقابلة احتياجات فصل الصيف، ورغم مجهودات وزارة النفط لإتمام الاتفاق المبدئي وإنزاله أرض الواقع إلا أن ثمة معوقات عرقلت إتمام ذلك. وبحسب متابعات (اليوم التالي) فإن وفد من دولة جنوب السودان زار الخرطوم خلال الأسبوع الماضي كان أحد أجندته الرئيسية متابعة تنفيذ هذا الاتفاق المبدئي، غير أن الاتفاق يواجه عددا من الإشكاليات تتمثل في أن دولة جنوب السودان لا تستطيع منح النفط للمحطة في الوقت الحالي، لجهة أنها قامت ببيع نفطها حتى شهر يونيو المقبل بعقود سابقة للاتفاق المبرم بينها والخرطوم، وكشفت مصادر مطلعة أن الوفد الذي زار الخرطوم مؤخرا تقدم بطلب لوزارة النفط بشراء النفط للمحطة عبر طريقة الدفع النقدي المقدم على خلفية تراجع أسعار النفط العالمية وعدم اللجوء إلى الخصم من رسوم النفط كما هو متفق عليه مسبقا، وأشارت المصادر إلى أن الطلب أحيل لوزارة المالية وبنك السودان لدراسته والرد عليه، ولعل ذلك هو أحد أسباب تأخر دخول محطة (أم دباكر) حيز الخدمة والتي يعول عليها في إنهاء القطوعات الكهربائية الصيفية. ورغم توقعات الوزير بانتهاء عهد القطوعات إلا أن يوم أمس (الأحد) شهد قطوعات في أحياء الخرطوم وأم درمان وبحري، وتعالت شكاوى تجار سوق أم درمان من انقطاع الكهرباء بالسوق منذ الصباح الباكر مستمرا خلال ساعات العمل ما أدى لشل الحركة التجارية ليوم أمس وسط بيئة وصفها العديد من التجار الذين تحدثوا لـ(اليوم التالي) بالمتردية لجهة عدم وجود منافذ تهوية أو ضوء بمعظم المحلات التجارية المقامة في بنايات قديمة. ولم يكن سوق أم درمان وحده ضحية القطوعات يوم أمس فقد طالت حتى الأحياء السكنية بأم درمان. وقالت المواطنة (فاطمة أحمد) التي تسكن حي أمبدة: إن التيار الكهربائي انقطع عن الحي منذ الصباح الباكر ولا تتوقع وصوله قبل حلول المساء؛ فيما رهن (الزبير إبراهيم) بالفتيحاب انتهاء الفترة الانتخابية بقطوعات الكهرباء، وقال ساخرا: (ذهبت السكرة وجات الفكرة)، مبديا استنكارا لتصريحات المسؤولين التي وسمها بأنها غير مسؤولة وأن وعودهم راحت هباء منثورا بعد انتهاء حلم الانتخابات- على حد تعبيره، مشددا على أهمية أن تعمل وزارة الكهرباء على تنبيه المواطنين حال وجود قطوعات مستمرة لفترات طويلة. انقطاع التيار الكهربائي خلال هذه الأيام أعاد الأذهان للعام الفائت، فقد شهد الصيف الماضي قطوعات كهربائية مبرمجة لم تعلنها الهيئة رغم الخطة التي نفذتها الهيئة على الأحياء السكنية في محافظات الولاية الثلاث، ورغم تأكيدات الوزير بعدم اللجوء لانقطاع التيار الكهربائي عن وسائل الإعلام إلا أن ذلك قد يحدث، الأمر الذي يجعل قضية قطوعات الكهرباء أمرا مستعجبا لما تفعله وزارة الكهرباء نفسها، ففي شهر نوفمبر الماضي قامت الوزارة بتوقيع عقدين مع شركة صينية لأعمال الصيانة لإنهاء القطوعات الكهربائية غير أن ذلك لم يحدث رغم التزام الوزارة. مصادر عليمة أخرى أكدت أن إنهاء عهد القطوعات الكهربائية في ولاية الخرطوم من الصعوبة بمكان تنفيذه في ظل التنامي السكاني الهائل والطفرة الاستهلاكية التي تشهدها أحياء العاصمة، مما يصعب التحكم في الاستهلاك ويولد الضغوطات على الإمداد الكهربائي.

اليوم التالي