منوعات

تجارب قاسية: الهجرة غير الشرعية.. حلم الثروة وحصاد الموت


حقق مؤشر الهجرة غير الشرعية رقماً قياسياً في تيرمومتر الحياة الاجتماعية، التي أصبح تأثيرها بالغاً، بعد أن ضرب الفقر والجوع والعوز ركيزة المجتمع السوداني، وباتت تهدد برحيل الشباب بحثاً عن وضع أفضل ينتشلهم من غياهب الظلمات إلى نور الحياة المفعم برغد العيش.

أو أقلها توفير حياة كريمة لهم ولأسرهم، لكن هذا الحلم تحفه العديد من المخاطر والمصير المجهول، وربما لن يستطيعوا تحقيقه، عندما يفقد أحدهم حياته، فيصبح الحلم كابوساً يراود أسرته.

انعدام الفرص

وكشفت الدراسات وكذلك التجارب أن دوافع الهجرة غير الشرعية تتمثل في تدهور الحالة الاقتصادية في البلاد، وانعدام فرص العمل التي أدت إلى تفشي العطالة وارتفاع نسبتها، الأمر الذي زاد من رغبة الشباب في الهجرة من أجل تحسين أوضاعه المالية، حتى يتمكن من مجابهة متطلبات الحياة، لكن ما إن تسد البوابات الرسمية أبوابها أمام تحقيق حلمه، يتجه مباشرة دون تردد إلى حلول أخرى ربما يكون ثمنها حياته، لكنه يتعلق بحبل الأمنيات.

تحسين أوضاع

دائما ما تبدأ القصة بأحلام وردية رسمها في مخيلته، لكنها سرعان ما تتبدد وتتحول إلى كابوس انتهى بالموت غرقاً أو بسبب الجوع والعطش، وإذا ما حالفه الحظ ووصل الضفة الأخرى من الأبيض المتوسط يكون أمام خيارين، إما السجن بالحراسات، وإما أن يمارس إحدى المهن الهامشية ويصبر على ذلك.

اضطهاد سياسي

وفي السياق، يرى الباحث الاجتماعي محمد مجيدي أنّ الفقر والوضع المزري ليسا وحدهما من يقفان وراء الهجرة غير الشرعية للشباب وإنما الشعور بالاضطهاد السياسي إيضاً يدفع البعض للهجرة، بالإضافة إلى التوترات الاجتماعية والاقتصادية  التي تهزّ  البلد، وتمد جذورها في ظل ظروف العمل السيئة، وتدنّي مستوى الأجور، الأمر الذي يجعل من إمكانية الظفر ببارقة أمل لبناء مستقبل مستقرّ ضئيلة للغاية، وهو أمر يتّفق معهم فيه الشباب أنفسهم.

ضحايا تجارة البشر

إن معظم الذين يضطرون للهجرة غير الشرعية ذوو كفاءة منخفضة، وبالتالي من العسير عليهم أن يجدوا فرصة عمل بطريقة مشروعة في الدول الأوروبية، فيتجهون للسفر بدون أوراق رسمية، ويعملون إما في مطاعم أو أسواق، أي أعمال ذات دخل منخفض إذا ما قورنت بالدخول المرتفعة في هذه الدول، ومن جهة أخرى ربما يجد المهاجر غير الشرعي نفسه ضحية لعصابات الإتجار بالبشر، فهناك حالات عديدة بدت أنها عمل تهريبي، اتضح في نهاية الأمر أنها تجارة بشر، فهناك علاقة وثيقة بين عصابات التهريب وعصابات الإتجار بالبشر، ما يجعل الأمر يقع في إطار الجريمة المنظمة.

خرج ولم يعد

أشار والد أحد ضحايا الهجرة غير الشرعية إلى أن ابنه ذا الـ (26) ربيعاً خرج ولم يعد إلى أن تلقى مكالمة هاتفية أخبرته بوفاة ابنه في عرض البحر، بعد محاولة عبور غير شرعية برفقة عدد من الشباب، وأنقذ خفر السواحل من أنقذ من الموت المحقق فيما غرق آخرون سُجلوا في قائمة المفقودين، ليتم العثور على جثة ابنه.

تجربة قاسية

قرر أحد الشباب الهجرة هو وصديقه دون علم أسرتيهما ماذا حدث لهما، قال الناجي من الغرق: مات صديقي غرقاً، وتم الزج بي في السجن حين أُلقي القبض عليّ، ولم يفك أسري إلا بعد أن أرسلت أسرتي مبلغاً من المال يمكنني من العودة، برفقة أخي.. وأضاف: كانت من أقسى التجارب وأمرها في حياتي لاسيما موت صديقي الذي لم أستطع إنقاذه.

محيط عائلي

وترى الاختصاصية النفسية حواء حامد أن الهجرة غير الشرعية تعود إلى طبيعة المحيط العائلي، فالاضطرابات الأسرية تؤدي إلى الإحباط النفسي، وعدّت أن حب المغامرة لدى الشباب والاندفاع وفقدان المنطق تعود أساساً إلى أسباب نفسية، تصل حد الانهيار العصبي، فيقترف خطأً ضد نفسه.

 

 

اليوم التالي