يوسف عبد المنان

إرهاصات التعيين!!


حتى موعد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، فإن الصحافة الورقية والصحافة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تصبح (ملهاة) وساحة لعرض أسماء وزراء وولاة يعتقد البعض أنهم فرسان الحكومة القادمة وقادتها.. ولا تستطيع جهة رسمية نفي أو تأكيد الأخبار المتداولة عن عودة “فلان” وذهاب “علان” وترشيح “زيد” وإعفاء “عبيد”، في الوقت الذي يملك رئيس الجمهورية وحده (الحقيقة) من يذهب ومن يأتي.. ولا يبرر الرئيس الأسباب التي أدت لإعفاء “فلان” وتعيين “علان”.. وفي السنوات الأخيرة أصبح إعفاء المسؤولين لا يحتاج لقرار معلن في وسائل الإعلام.. وتعيين وزير للكهرباء يعني ضمناً إعفاء الوزير الحالي.. وتعيين والٍ يفهم منه ذهاب آخر إلى رصيف الانتظار الطويل.
{ لكن ما بين الأوهام والأمنيات هناك حقائق، مثلاً لجنة تقويم أداء الولاة والوزراء ووزراء الدولة التي تم تكليفها من قبل القيادة العليا للدولة برئاسة الوزير “جمال محمود”، وقد أنهت أعمالها ورفعت تقاريرها التفصيلية وفق منهج علمي دقيق في تقييم أداء الوزراء والولاة.. واتخذت معايير عادلة جداً في التقويم والتقييم، وهي لجنة خاصة بحزب المؤتمر الوطني.. والآن أمام رئيس الجمهورية والمرجعيات العليا في الحزب تقرير شامل اضطلعت به لجنة “جمال محمود” المتفق عليه من شيوخ المؤتمر الوطني وقادته لما عرف عنه من نزاهة.. وتجرد ونكران ذات، حتى رشحته القيادة لمنصب نائب رئيس الحزب. فضرورة وجود شخصية لها ثقلها السياسي وعلاقات واسعة بالطيف السياسي ومقبولية لدى الأحزاب قد ترجح هذا القائد او ذاك.
{ قبل الحديث عن عودة “فلان” وإعفاء “علان” ثمة سؤال مهم جداً: هل الولاة مثلاً سيتم تعيينهم من خارج المنطقة؟؟ وهل بالضرورة أن كل الولاة الذين جاءت بهم الانتخابات الماضية فاشلون في مناطقهم وأنهم استخدموا أساليب غير ديمقراطية في الوصول إلى مبتغاهم؟؟ إن التعميم المطلق ضار جداً.. هناك ولاة تم تعيينهم من قبل الرئيس ناجحون جداً.. وهناك آخرون لم يحالفهم الحظ.. وولاة انتخبوا وحققوا نجاحات كبيرة والتف حولهم الناس.. وولاة منتخبون لكنهم فشلوا في تحقيق أي قدر من الاستقرار!! إذن ليس بالضرورة أن أي والٍ يتم تعيينه من المركز سيحقق نجاحاً في مهمته.. ولا كل من كان منتخباً سيحقق الرضا وسط القاعدة.
{ البعض يعتقد أن التعيين يجعل المركز هانئاً قرير العين.. وستشهد المرحلة القادمة استقراراً في الحكم الولائي.. تلك أمنيات بعيدة عن الواقع.. التعيين سيفتح على المركز أبواب الاحتجاجات والمطالبات بإعفاء الولاة، خاصة إذا كان الفاقد التنفيذي الوظيفي كبيراً في الولايات التي حينما يفقد دستوري فيها مقعده تضيق أمامه فرص الحصول على وظيفة في المركز أو ولاية أخرى.
{ هناك ولايات لو بقي كرسي الوالي فيها شاغراً لن تتأثر مطلقاً وهي الولايات المستقرة إدارياً وسياسياً، والتي لا تعاني نقصاً في الخدمة المدنية ونصيبها من المال يأتيها مسرعاً.. وهناك ولاة يلتقون الرئيس عشية وضحى وتبذل لهم الحنايا والمطارف.. ويتم تكريمهم من قبل وزير المالية الاتحادي.. وهناك ولاة لا يلتقون الرئيس إلا إذا زارهم في ديارهم.. و(تقتر) عليهم أبواب الرزق، فكيف يتم تقييم هؤلاء وأولئك بمعيار واحد؟؟
{ إن الوزراء الذين جاءت بهم التغييرات التي لم تبلغ حتى الآن الثلاثة عشر شهراً.. هؤلاء بعضهم حقق نجاحات كما يعتقد على نطاق واسع وبعضهم حقق صفراً كبيراً في الأداء.. لكنهم في بداية الطريق لم يكتسبوا الخبرات بعد ويتعلموا تقاليد الحكم.. وحتى يقول الرئيس كلمته، فإن كل ما يكتب عن ذهاب “فلان” وغياب “علان” ضرب من التخمين والأمنيات.. وأحياناً التسريب لأغراض (جس النبض)!!