زاهر بخيت الفكي

ودارت طاحونة المعاليا والرزيقات..!!


فى نومٍ عميق كانت تغُط..
لعن الله من أيقظها..
العام 2002 ودارفور ما زالت تتمتع بسلام لا يخاف المرء فيه على نفسه من شئ ، ربما قُطاع طُرق هنا وهُناك لا تؤثر كثيراً عمليات النهب التى يقومون بها على حياة أهل دارفور العامة ولا على حركتهم ، مع بداية خريف العام نفسه ونحن مجموعة صغيرة لا يتجاوز عددنا أصابع اليد الواحدة تحركنا من الأبيض فى سيارة لوحدنا فى طريقنا إلى نيالا عاصمة جنوب دارفور ، لم تنشطر الولاية بعد وكانت تمتد حدودها شرقاً إلى كردفان ، الضعين حاضرة شرق دارفور الحالية ومعقل الرزيقات والمعاليا كانت محلية تتبع لولاية جنوب دارفور..
عامرة كانت القرى والمدن الصغيرة بالناس وهم يتهيأون للموسم الزراعى والخريف على الأبواب ، يُحدثونا كانوا عن حياتهم وجميل تعايشهم مع بعضهم البعض إلا من بعض الاحتكاكات العادية فى المرعى التى تحدُث بين الرعاة والتى لا تخلوا منها منطقة يمتهن أهلها الزراعة والرعى ، استقبلتنا أبوكارنكا المنطقة التجارية الجميلة حزينة جداً وقد وجدنا الناس فيها يتحدثون بأسى وحزن عميق عن مأساة حدثت قبل دخولنا إليها بساعات فى إحدى مناطق شرق دارفور أهريقت فيها دماء الكثير من أبناء المعاليا والرزيقات والسبب لا يستحق ومازال الصراع قائماً والتوتر يتسيد الموقف ، أبناء عمومة هم للأسف وما يجمع بينهما أيضاً من علاقات تاريخية عميقة أسهمت فى دعم التعايش بينهم ، لا يجب أن يتركوا فيه للشيطان (إنس وجن) مساحة للتحرك بينهم لإنهاء هذه العلاقة المتينة بهذا الشكل المأساوى.
السبب لا يستحق ولكنها القبلية ( النتنة )..
حادثة كبيرة جداً كانت راح ضحيتها الكثير من الأهل ربما كانت نواة لما بعدها من أحداث تتابعت ، تدخل الأجاويد لمحاولة رتق ما تهتك فى العلاقة بين الرزيقات والمعاليا وتمت الكثير من معاهدات الصلح ولكن لعن الله الفتنة ومن أيقظها ، ها هى الطاحونة قد دارت من جديد لطحن المزيد من أرواح الأبرياء العُزل من النساء والأطفال ، لعن الله من أيقظها هذه الفتنة وقد تجدد الصراع وما قد يُستعمل فيه من أسلحة فتاكة هذه المرة حصد وسيحصُد من أرواح الناس الكثير وما يجرى من قتال الأن سيُعمق الجراح الدامية أصلاً وتتسع به الهوة وتضيق به الأرض رغم رحابتها عليهم ..
لقد أشعلوها مرة أخرى ولكن لماذا..؟
وماذا يُريد هؤلاء ..؟
عودوا إلى رشدكم يا أهلنا وما من شئ يستحق أن تقتلوا فيه أنفسكم الحُكماء العقلاء بينكم أجلسوا استمعوا وأنصتوا إليهم ، لا منصب سياسى زائل ولا غيره يُساوى نفساً بريئة تُقتل منكم ، إنها حرب لا منتصر فيها حتى لو أفنى طرف فيها الطرف الأخر فكُلُكم خاسرٌ خاسر..
والله المُستعان..