سياسية

المتهم بالتجسس: لم أسلّم الأمريكي قاعدة بيانات.. ولم أقل إنه رجل مخابرات قط


تضاعفت أعداد ذوي المتهمين بالتجسس صباح أمس (الخميس) حضوراً في قاعة القاضي “بشرى التوم أبو عطية” بمجمع محاكم الخرطوم شمال، وبالمقابل عززت شرطة المحاكم تأمينها وضاعفت جنودها داخل وخارج قاعة المحكمة حفظاً لسير إجراءات المحاكمة.
شقيقة أحد المتهمين انفعلت مع أحد أسئلة محامي الدفاع لتصدر صوتاً سمعه القاضي الذي أمرها بالخروج من القاعة، ونبه بقية الحضور إلى احترام المحكمة والالتزام بضوابطها.
القاضي “بشرى” قبل بداية الجلسة اعتذر للمتهمين اللذين مثلا أمام القاضي من داخل قفص الاتهام لعدم استطاعة السلطات القضائية إحضارهما إلى المحكمة من (سجن الهدى) في الجلسات السابقة، وأكد تذليل الصعاب التي واجهت السلطات وقال إنهما لن يرجعا مرة أخرى إلى (سجن الهدى) وسيحبسان بإحدى الحراسات بالخرطوم، هذا الأمر أدخل بعض الارتياح في نفوس ذوي المتهمين الذين أبدوا امتعاضهم بسبب غيابهما عن الجلسات الأخرى.. (المجهر) لاحظت حميمية عالية لم يؤثر عليها السياج الحديدي لقفص الاتهام بين المتهمين وذويهما عقب إعلان الحاجب لنهاية الجلسة.
وكيل نيابة أمن الدولة المحقق في القضية المستشار “محمود عبد الباقي” تلى أقوال المتهمين التي ذكراها في التحري معهما وبدأ بتلاوة أقوال المتهم الأول قائلاً: (أنا أساساً رئيس قسم البرمجة في وزارة الخارجية والمتهم الثاني كان يعمل موظفاً متعاوناً في العام (2004) بالوزارة، وبعدها ذهب إلى دبي وظلت علاقتي معه كويسة.. في العام (2013) قابل أجنبي أمريكي يدعى “جون فوهر” وبعدها اتصل بي موضحاً أنه وجد لي فرصة عمل مع رجل أمريكي يريد خبيراً في التقنية بصدد إنشاء شركة في أفريقيا فكان ردي أنني لا أمانع في العمل معه).. واستطرد المحقق في تلاوة أقوال المتهم الأول قائلاً: (المتهم الثاني أعطى الأمريكي رقم هاتفي وقد اتصل الأخير بي مؤكداً أن المتهم الثاني قد أخبره بمؤهلاته التقنية وطلب مني أن أرسل جوازي له لتكملة إجراءات السفر إلى دبي لكنني لم أرسل له الجواز نسبة لانتهاء صلاحيته وعجزت عن تجديده وبعدها اتصل بي الأمريكي خمس مرات، وفي المرة الأخيرة أخبرني بأنه تبقت له ثلاثة أيام في دبي، وبعد آخر اتصال أرسلت له الجواز وهو أرسل التأشيرة)، ومضى: (قابلت الأمريكي فور وصولي بمركز دبي التجاري وأفصح لي عن رغبته في إنشاء شركة في أفريقيا.. في هذه المقابلة- أي التي تمت بمركز دبي التجاري- أطلعته على عملي وشرحت له كل قاعدة البيانات لنظام عمل السفارات الموحد والموارد ونظام المكاتبات ونظام المخازن والحقيبة الدبلوماسية ونظام القنصليات، وهي تشمل الراجعة والتكافل الاجتماعي).. وأكد أن هذه الأنظمة كانت على الـ(لابتوب) وقال إن الأمريكي أطلع عليها، وسلمها له في فلاش وتقاضى مقابلها (3) آلاف درهم ووقع إيصالاً بتسلّمها.. وواصل المحقق تلاوة أقوال المتهم الأول قائلاً: ظللت أراسله عبر الإيميل وقابلته أربع مرات وسلمته قاعدة بيانات وتسلّمت منه (3) آلاف درهم و(8700) دولار.. وأكد في أقواله أن المهمة التي ظل يقابل بها الأمريكي مهمة شخصية وليست لها علاقة بوزارة الخارجية وقال: (ضبط بحوزتي اللابتوب وبه قاعدة البيانات والقرص لأنسخ به بمطار الخرطوم قبل أن آخذ كرت المغادرة) وأضاف: (أنا شكيت في أنه الأمريكي عايز يأخذ مني معلومات فعملت حذري).. وتابع: (كان بعض الموظفين بالخارجية لديهم علم بسفرياتي).. وذكر المحقق أربعة سماهم بالاسم وقال إنهم وردوا على لسان المتهم..
{ المتهم الأول يرد
القاضي وجه سؤالاً للمتهم الأول مفاده: هل ما ذكره المحقق من أقوال صحيح أنك أدليت به؟ فرد المتهم الأول: بعضه صحيح وبعضه غير صحيح.. أولاً أنا سلمت الأمريكي أنظمة وليس قاعدة بيانات، وهناك فرق كبير بين الأنظمة وقاعدة البيانات، والأشياء التي ضبطت بحوزتي لا يوجد بها ملف واحد يخص وزارة الخارجية، وما ذكره المحقق بأن هناك أربعة من موظفي الخارجية يعلمون سفري بينهم اسم سيدة لم يكن لدينا بالوزارة ولم أسمع به.. وأكد أن الذين يعلمون هم ثلاثة معه في قسم البرمجيات.. وقال المتهم الأول إن المحقق تحرى معه في غضون (10) دقائق فقط وبعدها اقتادوه لتسجيل الاعتراف القضائي، وأكد أن وسائل الاتصال بينه والأمريكي كانت هي الهاتف والإنترنت.
{ المحقق يتلو أقوال المتهم الثاني
واصل المحقق “محمود عبد الباقي” تلاوته لأقوال المتهمين وقال إن المتهم الثاني ذكر في أقواله: (كنت أبحث عن عمل فوجدت وظيفة مطروحة عبر الانترنت وتركت بها هاتفي فاتصل بي الأمريكي وطلب مقابلتي في دبي وقابلته وحده وبدأ يسألني عن الكمبيوتر، وضرب لي مثلاً بأنه إذا أراد أن يربط بنكاً في دبي بفرع آخر في العين كيف تتم هذه العملية؟ فقلت له اعطني مهلة، فذكر لي بأنه بصدد إنشاء شركة في أفريقيا وسألني مرة أخرى عن الربط الشبكي وسألني عن إمكانية ربط وزارة الخارجية السودانية بالسفارات.. واسترسل المحقق في تلاوة أقوال المتهم الثاني قائلاً إن المتهم الثاني قال: (تخوفت بعد سؤاله عن ربط وزارة الخارجية بالسفارات وقلت له لا أعرف وإذا كنت أعرف فلن أجيب عن هذا السؤال.. وبعدها طلب مني أن أعمل له مسحاً لأكبر (20) شركة اقتصادية في أفريقيا وأنجزت له مهمة مسح الشركات وكلها عملتها من الإنترنت وبدأ يسألني عن المتهم الأول وقال إنه يريده أن يعمل معه وقال إنه سيعطيه راتب كويس).. ومضى المتهم الثاني في أقواله: (في المقابلة الثانية خفت منه وشككت في أنه رجل مخابرات وبعد أن سلمني العقد بحثت عنه في الإنترنت وجدته صحيحاً وبعدها اتصلت بالمتهم الأول وأعطيته هاتف الأمريكي والتقى به، وقد زارنا في القنصلية وحدث لنا النظام)، وأكد المتهم الثاني أنه لم يسلّم أو يسرب للأمريكي أية معلومات.
{ المتهم الثاني يرد
أنكر المتهم الثاني بعض أقواله قائلاً: (أنا لم أذكر أن الأمريكي رجل مخابرات).
{ الدفاع يناقش المحقق حول أقوال المتهمين
استهل محامي المتهم الأول الأستاذ “نور الدين محمد زين” مناقشته للمحقق (هل إفادة أنه ترك اللابتوب مفتوحاً هل وردت على لسان المتهم الأول؟).. فرد المحقق: نعم هذه الإفادة وردت على لسان المتهم الأول وقال إنه ترك اللابتوب مفتوحاً بمركز دبي التجاري وأخبر الأمريكي بقاعدة البيانات والأنظمة الموجودة بوزارة الخارجية.
وأعقب الدفاع سؤاله بآخر قائلاً إن عبارة المتهم دخل إلى غرفة (السيرفر) لم ترد في أقوال الشاكي والشهود ولم ترد في أقوال المتهم.. فأجاب المحقق: وردت على لسان المتهم.
{ دفاع المتهم الثاني يناقش المحقق
استهل محامي المتهم الثاني د. “عادل عبد الغني” أسئلته للمحقق بأن موكله لم يقدم للوظيفة مباشرة بل قدم لها عبر الإنترنت.. فرد المحقق بنعم، وأضاف الدفاع إن موكله وضع في موقع التوظيف كامل مؤهلاته.. المحقق: نعم.. واسترسل “عبد الغني”: بإطلاعك على مؤهلات موكلي في المجال التقني هل تتفق معي بأن أية جهة تريد كفاءة ستطلبه؟ فأجاب المحقق: من خلال تحرياتي معه عرفت أنه عالي التأهيل في هذا المجال.. ومضى الدفاع: هل تعلم أن موكلي يجيد ثلاث لغات بينها اللغة الكورية وحاصل على جائزة أفضل موقع إلكتروني شخصي في العام (2011)، وحاصل على جائزة أفضل ثالث موقع حكومي؟ المحقق: لم يكن لديّ علم.. الدفاع: أنت استجوبت في هذه القضية ثلاثة فقط من شهود الاتهام؟ المحقق: نعم.. الدفاع: هل استجوبت أي شاهد عن أي شيء دار خارج السودان؟ المحقق: لم استجوب لأنه لم يكن هناك شهود من هذا النوع.. وواصل “عبد الغني”: المتهم لم يقل لك أية كلمة تدل على أنه سلّم الأمريكي أية معلومات سرية عن السودان؟ المحقق: لم يرد في أقواله.. وأضاف: المتهم الأول والثاني أوقفهما جهاز الأمن والمخابرات الوطني قبل تاريخ البلاغ.. الدفاع: متى تم ذلك؟ المحقق: المتهم الأول أوقف بتاريخ 17/10/2014 والثاني في 25/10/ 2014.. الدفاع: تم فتح البلاغ بتاريخ 3/12/1014 هل سلمك جهاز الأمن تحريات مكتوبة طيلة هذا الفترة؟ المحقق: لا، لم أتسلّم منهم تحريات.. الدفاع: ماذا كان يفعل جهاز الأمن مع المتهمين؟ المحقق: كان يتحرى معهم.. الدفاع: (جابوهم جاهزين للاعتراف القضائي)؟ المحقق: لا أوافق على هذا.. الدفاع: فتح البلاغ والتحري وتسجيل الاعتراف القضائي تم في يوم واحد وهو يوم 3/ 12 هذا صحيح؟ المحقق: نعم.. الدفاع: النيابة استخرجت أمر تفتيش لمنزل المتهم الأول قبل تاريخ فتح البلاغ؟ المحقق: نعم أصدرت النيابة أمر تفتيش لمنزل المتهم بتاريخ 6/11/ 2014 وذلك بموجب إجراءات.
وواصل الدفاع مناقشته للمحقق: كل ما فعله المتهم الثاني للأمريكي مسح لشركات أفريقية وتقاضى مقابل هذا العمل المبلغ المالي، وأنه لم يربط الأمريكي بالمتهم الأول إلا بعد أن قلت حدة الشك لديه في الأمريكي؟ المحقق: نعم.. الدفاع: هل تحريت عن أن وزارة الخارجية تصنف معلوماتها بدرجات السرية؟ المحقق: لا لم أتحر.. الدفاع: معروف أن درجات السرية تتراوح بين (محظور، سري، سري للغاية، سري شخصي وسري شخصي لا يفتحه إلا الشخص نفسه)؟ المحقق: نعم.. الدفاع: هل تتفق معي بأن كل البيانات والمستندات التي قدمها المتهم للأمريكي لا يوجد مكتوب واحد كتبت عليه درجة محظور؟ المحقق: ممكن.. الدفاع: هل تعلم أن المعلومات التي قدمتها جزء كبير منها يوجد بالموقع الرسمي لوزارة الخارجية؟ المحقق: وارد.. الدفاع: عند تنفيذ أمر تفتيش منزل المتهم الأول هل كان مع القوة شاهدان محايدان؟ المحقق: لا لم يكن هناك شاهدان.. الدفاع: هل حررت كشفاً بالمضبوطات؟ المحقق: لا لم أحرر كشفاً بها.
{ ممثل الاتهام يناقش المحقق
ممثل الاتهام المستشار “أحمد عبد اللطيف” استفسر المحقق: لما لم تستجوب شهوداً من خارج السودان؟ رد المحقق: لأنه لم يكن هناك شهود.
وسأله: لماذا زججت بالمتهم الثاني في هذه التهمة؟ رد المحقق: لأنه كان حلقة وصل بين المتهم الأول والأمريكي وهو قابل الأمريكي سبع مرات وتسلّم منه مبلغ (1000) دولار في غرفته الخاصة، بينما الأول قابله أربع مرات في مركز دبي التجاري.. الاتهام: هل تحريت عن أنه تسلًم الوظيفة التي تقدم لها؟ المحقق: لم يتسلًم وظيفة.. الاتهام: لماذا صدر أمر تفتيش لمنزل المتهم الأول؟ المحقق: بناءً على إجراءات اتخذت بنيابة أمن الدولة وفتح بموجبها البلاغ المنظور أمامنا هذا.. الاتهام: عقب اضطراب الأمريكي هل توقف المتهم عن مده بالمعلومات؟ المحقق: لا لم يتوقف.. الاتهام: ما هي المكاتبات التي تسلّمها الأمريكي؟ المحقق: هي مكاتبات حكومية رسمية.
{ القاضي يسأل المحقق
وجه قاضي المحكمة “بشرى التوم” عدداً من الأسئلة للمحقق بدأها بـ: هل أرسل المتهمان أية معلومات للأمريكي عبر الإنترنت؟ رد المحقق: لم يرسلا عبر الإنترنت بل كان التسليم (يداً بيد).
القاضي: الأسباب التي ذكرت بشأن المتهم الثاني هل هي سبب الزج به في هذا البلاغ؟ المحقق: نعم.. القاضي: هل (سيرفر) وزارة الخارجية متاح عبر الإنترنت؟ المحقق: لا لم يكن متاحاً لأنه شبكة خاصة.. القاضي: من ضمن الأشياء التي سلمها المتهم الأول للأمريكي خطاب وزير العدل لنظيره الليبي؟ المحقق: نعم.. القاضي: ما هو تأثيره على البلاد؟ المحقق: هذا يشكل تهديداً للأمن القومي والسياسي وهذه الأشياء التي سلمها تكشف ما يدور في أضابير حكومة السودان حتى إذا لم تكشف بظاهرها يستفاد منها في التحليل، وبإمكانهم الوصول من خلال التحليل إلى خطة الحكومة المستقبلية.. القاضي: الشاكي قدم لك فئتين من المعروضات هل أجريت مطابقة بينهما؟ المحقق: لا لم أفعل.. القاضي: هل تحريت مع وزارة الخارجية عن أن المتهم الأول متعاون ويسند له مهمة رئيس البرمجيات؟ المحقق: إجراؤهم غير صحيح، وحسب تحرياتي من المفترض أن يكون موظفاً ثابتاً كي تسند إليه كل هذه الأعباء.

المجهر السياسي