حوارات ولقاءات

أقدم صانع ذهب في سوق أم درمان: ما في دخل..أنا بجي شايل فطوري معاي من (البيت)


يعد سوق أم درمان من أعرق الأسواق في السودان، إذ يتميز بإرث عريق وتاريخ ضارب في القدم، وينقسم هذا السوق إلى عدة أجزاء منه: سوق العناقريب والقماش وغيرهما.. ومنه أيضاً سوق الصاغة المعروف شعبياً بـ(زقاق الذهب) كلها أسماء وتقسيمات ذات جرس رنان, وكل واحدة منهم لها وقعها الخاص في وجدان السودانيين, في هذا الزقاق التقينا أحد أمهر وأقدم صانعي الذهب بكل أنواعه وأشكاله وتميز في وقته في شغل الختم وتخصص في إختراع أكثر من (500) شكل.. جلست بجانبه وروى لي حكايته وبداياته في صناعة الذهب فماذا قال:
* عرفنا عليك أولاً.. وعلى تفاصيل دخولك السوق؟
– هاشم عبد الرازق أبو شنب.. من مواليد أم درمان حي القلعة عام1940م.. وأهلي كلهم من حي القلعة.. أنا فقدت والدي وكان عمري (8) سنوات.. كنت أدرس في الأولية وأنا العائل الوحيد لأسرتي لأني أنا الكبير وده الخلاني ما أواصل تعليمي وكنت متمني أكمل دراستي الأكاديمية لأنو عندي المقدرة، لكن ظروف المعيشة غيرت إتجاهي, دخلت السوق أواخر الستينيات والحمد لله ربنا عوضني بقيت من أمهر صانعي الذهب في السوق.
* بتصنع شنو بالضبط؟
– بتشغل الدهب كلو، وزي ما قلت ليك بتوفيق من ربنا بقيت ماهر في صناعة الذهب بدل المجال الأكاديمي, وعلمت ناس كتيرين هسه بقوا أمهر مني.
* بجيكم دهب مكسور وبتعيدوا صناعتو تاني؟
– زمان الدهب المكسور ده كان بتباع في المحلات بتاعت الدهب وبتباع بالكيلو والوقية, بنمشي لدكان معروف بنشتري منو الدهب والوقت داك كانت الوقية بـ(46) جنيهاً والوقية فيها (32) جراماً.. وبجينا دهب حبوباتنا وأمهاتنا العمل ليهم آبائهم وأزواجهم دهب قديم شديد, وكل فترة بتظهر (دقة) جديدة في الدهب بنسيحوا ونصنعوا تاني وكذلك الخام, كان في دهب بجي من (مصر) لكن ما بنفع معانا إحنا السودانيين شكلاً لأنو ما زي (دقتنا), (الزمام- الفدو) ديل كانوا لبس أساسي وكان في غوايش إسمها (البحر يضحك), (فتافيت السكر) والإسم ده كان مشترك بينا وبين المصريين, وأيضاً (الكادر, البلالي, الفيونكة) وأنا متخصص في شغل الختم وعملت أكثر من (500) نوع من الختم لأنو عندي المقدرة أخترع الأشكال وكانت مقبولة وعندها رواج عالي, وكنت بحترم المحل الشغال فيهو وما بشتغل لأي محل تاني لأنو الزبون بجيبوا الشغل ولازم الشغل يكون محصور في محل واحد والشغل لما يتعرف هنا وهنا جية الزبون بتقل ولو ما قلت بتبقى خفيفة.
* بتتعاملوا مع الجمهور ولاّ مع الصياغ بس؟
– مع الجمهور والصياغ والصاغة ديل شغلهم كلو مع الناس العامة.
* المواد المستخدمة لتسييح الذهب؟
– عندنا حاجة إسمها (النفاخة) وهي من الجلد بتاع (البهيمة) بضبغوهو ويقفلوهو من وراء وقدام وينفخوا بيهو بعدها جا (الكول) والزمن إتطور جاء (الفرن), هسه في صياغ لو سألتهم عن (النفاخة) ما بعرفوها وما بكونوا شافوها أساساً وإحنا إشتغلنا بيها عشرات السنين.
* بتسيحوا الجرام بكم؟
– إحنا كنا بنسيح الدهب للزول الشاغلين معاهو بنسيحوا بنديهو ليهو بالكيلو أو الوقية وبنشتغل باليومية بـ(10- 7 قروش) وعلى حسب مهارة الزول كلما كان ماهراً أجرو برتفع.
* الشغل ده ما بدخلكم في مشاكل؟
– كيف يعني وضحي لي؟
* يعني بجيكم دهب مسروق؟
– لا.. لا.. الوقت الشغالين فيهو إحنا، كانت في أمانة متناهية ولو شكوا ساي إنو الدهب مسروق ما بمسكوهو في يدهم ومستحيل يشتروه, إلا تكون عندك فاتورة.
* في زمنك إنت محلات الدهب كانت كم والشغالين فيها منو؟
– الدكاكين بتاعت الصياغ الحالية دي ياها كانت زمان موجودة كلها.. كانوا (44) دكان، تاني ما في غيرهم، جزء منهم بشتري وببيع وجزء صنايعية.. وأنا لما جيت إشتغلت مع (محمود كوكو) و(عبد الغني كوكو إبراهيم) ديل من أمهر الصنايعية وأفضالهم عليّ كبيرة، علموني الصناعة على أصولها, وكانت في أسماء كبيرة لها شهرتها، لكن كصنايعية مهارين في الشغل ما بعرفوا وكانوا بشتغلوا ليهم وبعرضوا بإسمهم.
* النسوان ما كان بدخلن معاكم في مشاكل إنكم خربتوا ليهم شغلهم ودي ما الحاجة العايزنها؟
– النسوان ديل ما عندنا معاهم كلام عايزين يشتغلوا ليهم حاجة بمشوا للأسطى الشغالين معاهو، لأنو عندو العينات، بعدها تجينا إحنا نصنع ليها وبطلع شغل جميل أحلى من الأصل.
* المحلات الكتيرة دي ما أثرت على شغلك؟.. لأنو أصبحت في أجهزة كثيرة حديثة؟
– أيوه صاح أثرت كتير, لكن في أجهزة أساسية لحدي الآن, وأنا عندي أجهزة ألمانية أصلية مشتريها بتراب القروش الجهاز بـ(7) قروش وهسه لو عايزين يشتروهو مني بـ(20) مليون ما ببيعو لأنو تاني ما بلقى جهاز أصلي زيو, ومعتمدين على الشاكوش أكثر من الأجهزة، المهارة كلها في الشاكوش (بمدد لينا وبعرض الدهب), هسه حاجة إسمها (الجلخ) الحكاية كلها إتلخبطت والمهارة قلت والشغل كلو بقى بالآلات.
* الدخل كيف هسه؟
– ما في دخل.. هسه أنا بجي شايل فطوري معاي من (البيت) عشان أوفر حق الفطور.. ولو قلت ليك ممكن أقعد ثلاثة يوم ما أدخل حاجة صدقيني.. والحمد لله للآن عندي زبائن بجوني من بورتسودان والأبيض وغير الموصفين ليهم إلا تمشوا لهاشم في سوق أم درمان, والحمد لله بفضل الله عليّ ماكلين وشاربين ولابسين.
* الفترة الطويلة دي ما فكرت تعمل ليك دكان حقك براك؟
– بفضل الله عليّ الدكان القاعدين فيهو هسه ده حقي أنا إشتريتو بقروشي, والبترينات ديل كانوا مليانين دهب لكن هسه ما فيها جرام واحد مع الظروف والأولاد كلو إنتهى.

حاورته: سندس الناظر- السياسي


‫2 تعليقات

  1. السودان كله في طريقه إلى الإغلاق وأقترح على الرئيس الذي نجح في تدمير السودان، فخامة الرئيس عمر حسن أحمد البشير، قاتله الله، أقترح عليه أن يجلس على تلة السودان ويمسك كمنجة ويعزف بها والسودان يتهاوى أمامه كما فعل نيرون عندما كانت روما تحترق فالفاسدين من طينة واحدة!

  2. وليه يا حاج تجيبه معك المحل ؟ ما تقعد تفطر مع ام العيال بمزاج وتشرب الشاي والقهوة ثم تحضر للسوق؟