مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : مبادرة حركة خليل «باب النجار»!!


> حينما قرأت في صدر إحدى الصحف عنواناً لخبر يقول «حركة العدل والمساواة تطلق مبادرة لحل أزمة الرزيقات والمعاليا» ظننت أنها المجموعة المنشقة منها التي فاءت إلى أمر الله وتوكلت عليه واتجهت إلى «الدوحة» للحاق بركب السلام في نخسته الثانية، فالنسخة الأولى كانت اتفاقية أبوجا طبعاً. > لكن تفاجأت حينما وجدت في مضامين الخبر أن الحركة صاحبة المبادرة هي الحركة الأم المتمردة حتى الآن، وبالطبع أي حديث يصب في اتجاه الأشواق إلى وقف الصراعات القبلية سواء كان عاطفياً دينياً وطنياً متجرداً أو سياسياً غير متجرد فهو مقبول. مقبول من زاوية أن تقف الفتنة وتحقن الدماء. > أما حركة العدل والمساواة المتمردة بقيادة جبريل إبراهيم فهي غير مؤهلة للحديث عن حل أزمة الصراع القبلي في شرق دارفور أو غيرها.. ولا حتى المؤتمر الشعبي مؤهل هو الآخر لمثل هذا الحديث، حتى ولو انشغل هذه الأيام بتعبئة العالم الإسلامي بعد وقاحة الحكومة المصرية في رعايتها لإصدار حكم «سياسي» بالإعدام تحت غطاء القضاء غير المستقل ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي. > والقتلى في دارفور سواء سقطوا في حرب قبلية أو في اعتداءات لحركات التمرد، فهم جميعاً مواطنون فقدهم الوطن وفقدتهم أسرهم وترمّلت نساؤهم وتيتم أطفالهم. > وإذا كانت حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل وقبله بقيادة شقيقه خليل قد قادت عمليات هجوم على القرى والأسواق واعتدت على المواطنين وقطعت الطريق كما أفادت تقارير وزارة الخارجية الأمريكية، فهي إذن بكل هذه السلوكيات تتفق مع الصراعات القبلية من حيث النتيجة. > ولماذا لم تقبل الحركة المتمردة هذي منذ عام 2006م مبادرة حل مشكلة دارفور وإحلال السلام؟! ولماذا لم توقع في يونيو 2006م على اتفاقية سلام دارفور الأولى في أبوجا.. وتأتي الآن لتطلق مبادرة صلح قبلي سبقها في إطلاقها في الداخل من يريدون إحلال السلام بحسم التمرد والنهب المسلح والتعايش السلمي بين القبائل المسلحة؟! > لقد سبقت مبادرة حركة العدل والمساواة المتمردة أوانها.. لقد جاءت سابقة لأوانها، لأن أوانها هي التي تأتي بعد أن تجلس الحركة في كرسي مفاوضات السلام وتوقع على اتفاقية السلام فوق طاولة مفاوضات السلام. > مطلوب أولاً من حركة العدل والمساواة أن تتفق مع الحكومة على ضرورة إحلال السلام بكل أشكاله في دارفور للاستفادة من الموارد والوقت والشباب قبل أن تزهق أرواحه في الصراعات القبلية أو اعتداءات المتمردين، بعد ذلك يمكن أن تكون مبادرتها لحل أزمة الرزيقات والمعاليا تحت النظر وأمام أعين خبراء فض النزاعات. > ثم إن حركة العدل والمساواة نفسها هل تفهم السبب التاريخي لصراع الرزيقات والمعاليا، وترى أن مبادرتها يمكن أن تحقق اختراقاً له وتأتي بحل تاريخي؟! > إن تفاصيل مبادرتها بعيدة كل البعد عن عصب المشكلة، فهي تصلح فقط للصلح بينها هي وبين الحكومة، خاصة بعد أن قصمت القوات الحكومية ظهرها في قوز دنقو أخيراً، وجعلتها لا تقوى على شيء غير اطلاق البيانات والمبادرات التي أولى بها هي نفسها. > مبادرة حركة العدل والمساواة عبارة عن «إنشاء» كانت الحركة تريد أن تمرر فيها عبارات معينة مثل «تفويت الفرصة على المستفيدين من ارتكاب المزيد من القتل والدمار والذين يحيكون المؤامرات» انتهى. ترى هل هذه الكلمات التي حوتها مبادرة الحركة المتمردة تدل على قدرتها على مخاطبة الذين تقاتلوا على الحواكير في الميدان؟! > ثم أن حياكة التآمر هل أنتجت في دارفور الصراعات القبلية أم أنشطة التمرد العدوانية؟!. إن صراع القبيلتين في واد ومضامين مبادرة حركة التمرد في واد آخر. > وكيف نتخيل أن حركة العدل والمساواة تفوقت على أعيان القبيلتين والحكومة والمجتمع المدني، وهي تعالج أزمة الصراع القبلي في شرق دارفور، وفي نفس الوقت تستمر هي في تمردها وما تكتبه عنها تقارير الخارجية الأمريكية. إن التقارير الأمريكية الرسمية قالت إن حركة العدل والمساواة تقوم بالنهب المسلح في بعض مناطق دارفور. إذن «فاقد الشيء لا يعطيه». وحركة العدل تفقد الإرادة على التفاوض، وهي الآن فقدت حتى القدرة على مواصلة التمرد، وهي تمثل باعتبارها حركة متمردة أحد أضلاع مثلث المشكلة الأمنية في دارفور «النهب المسلح والتمرد والنزاعات القبلية». > إذن ينطبق على حركة العدل والمساواة المثل الشعبي القائل «باب النجار مخلَّع». والنجار بفنه يصنع الأثاث والنوافذ والأبواب لكن بابه مخلع، فهل حركة العدل تصنع المبادرات وباب سلامها وصلحها مخلّع؟! غداً نلتقي بإذن الله.