مقالات متنوعة

مني ابوالعزائم : المعاليا والرزيقات


الاستاذة الفاضلة مني ابوالعزائم
سلاما قولا من رب رحيم
استميحك عذرا في ان احتل مساحتك المقروءة..الكلام المباح..الذي ننتظره شوقا مع شروق كل صباح جديد..لما نلمسه من مصداقية التناول وشفافية الطرح..وشجاعة القلم ..ونبتئس عند غيابه ولذلك نلتمس من سيادتكم الحرص علي الاطلالة اليومية..
اليوم اخترت مواصلة حديثنا اليومي بعد احداث ابو كارنكا..واثق في ر ؤيتكم
اخوك/ علي منصور
رغم ان إقليم دارفور عرف بمجتمعاته المتنوعة ثراءً في الأعراف والتقاليد في تراثه الثقافي الشفاهي خلال العصور المختلفة وهناك كثير من التقاليد والأعراف تحض على القيم التي تعلي من مكانة الأخلاق والتعايش السلمى. هذه الأعراف والتقاليد التي تحترم الحياة والسلام تعرضت لهزات عنيفة في تاريخ دارفور الحديث منذ اندلاع الصراع مع بداية القرن ووهنت هذه الأعراف وتآكل مردودها الاجتماعي لعوامل الاضطراب وعدم الاستقرار وينبغي دراسة وإحياء هذا التراث الثقافي النبيل لإعادة النسيج الإجتماعى حتى لا تستمر معاناة دارفور من مشكلة الصراعات القبلية كما حدث مؤخراً بين الرزيقات والمعاليا ما اضطر السلطة الإقليمية بدارفور وفي توقيت مناسب وعضوية مناسبة لتكوين لجنة تعمل علي الوقوف على حقيقة الأمر في الواقع ومن ثم تعمل على معالجته لاحقا لعل الدكتور تجاني سيسي رئيس السلطة الإقليمية بدارفور وهو يكون اللجنة استدعي خبراته التراكمية ومعرفته بالإقليم جعلته يرمي بآخر كنانته لرأب الصدع بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا أو قل المعاليا والرزيقات لحلحلة الصراع الدامي الذي راح ضحيته مئات الأنفس خلال كافة مراحله ويأتي إختيار الدكتور عبد الكريم موسى عبد الكريم وزير الإعلام بالسلطة الاقليمية لعله يسترجع أيامه الخوالي حينما عمل علي حلحلة صراعات سابقة مثل صراع (بني هلبه _قمر) ذلك الصراع الذي يمثل صورة كربونية للصراع الحالي لتشابه الأسباب والمسببات وكان حينها اقتحم الدكتور عبد الكريم أرض المعركة مما جعل طرفي الصراع يوقفون المعركة وأسرع الي إصدار قرار صار مرجعا للحل أثناء مجئ الدكتور حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية في رحلة ال-18يوما والتي انتهت بطئ الأزمة نهائياً كما أن الدكتور عبد الكريم موسى مطالب بأن يستدعي هو الآخر تجاربه السابقة في حل المشكلات التي حدثت بين السلامات والتعايشة والسلامات والهبانية والهبانية والفلاتا حيث كان له دور متعاظم في حلها
ان توجه السلطة الاقليمية في السعي للحل وان جاءت متأخرة أفضل ألف مرة من أن لا تأتي وأولى دلائل الإهتمام مستوى اللجنة من حيث العضوية بضمها وزراء السلطة حيث يوجد الأستاذ تاج الدين نيام كبير المفاوضين في اتفاقية الدوحة وبعض الجولات السابقة وأزهري شطة رجل الإدارة الأهلية وأعضاء من مجلس تشريعي السلطة الإقليمية بدارفور كما أن الوصول إلى كل من الضعين وأبو كارنكا في هذا التوقيت من شأنه أن يحقق اهداف اللجنة في تهدئة الأوضاع وتطييب الخواطر وظهرت بشريات نجاح اللجنة من خلال أولى جلساتها بكل من الضعين مع اعيان قبيلة الرزيقات بحضور ناظر القبيلة والإجتماع الآخر الذي عقد بمنطقة أبو كارنكا مع أعيان قبيلة المعاليا بحضور ناظر القبيلة ولم تنس السلطة الإقليمية دورها في تقديم المساعدات الإنسانية من كساء وأيواء وغذاء هذا الدور الفعال الذي كانت تتركه للمنظمات العالمية طوال أزمة دارفور مما كانت بداية الدخول الي معسكرات النزوح مخصصة لتلك المنظمات و يشكل الصراع على الأرض بدارفور خلال العقود الماضية وحتى اليوم أحد أهم أسباب الحروب القبلية والأهلية بدارفور الأمر الذي أدى إلى عدم استقرار هذه المجتمعات كما أطال من بقاء أعداد هائلة من النازحين حول مدن دارفور و كانت ومازالت الأرض وإدارة مواردها أي نظام الحواكير التقليدي مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالإدارة الأهلية والقيادات التقليدية بإقليم دارفور والآن بعد تعدد الصراعات في دارفور وضعف دور الإدارة الأهلية لا يمكن أن يستقيم عود هذه الإدارة دون معالجة أمر الأرض (الحاكورة) الأمر الذي يحتم رسم سياسات واضحة وربطها بالإدارة المحلية القبلية والمجلسية وتنفيذ هذه السياسات بما يقوي من دور الزعماء التقليديين وإعادة تنظيم شؤون هذه المجتمعات المحلية فالحل الجذري للصراعات القبلية قد تستدعي طرح الدكتور عبد الكريم موسى الرامي الي ضرورة حشد الإرادة الشعبية واظهار الرغبة الاكيدة والصادقة لمكونات أهل دارفور الاثنية والإدارات الاهلية والسياسية كالاحزاب الموالية منها والمعارضة وقادة الرأي من اساتذة الجامعات واتحادات الطلاب والمرأة والشباب وكل ركائز منظمات المجتمع المدني لتمكين القيادة التنفيذية لبسط هيبة الدولة لاعمال القوة للفصل بين المتقاتلين من القبائل باستخدام القوة اذا لم يفئ طرف او كليهما الي امر الله بوقف الاعتداء والعمل بسيادة القانون….ويري عبدالكريم ان اعادة النظر في مسالة الحواكير اضحت ضرورة ملحة يمليها الواجب الديني والوطني وهي بمثابة صرخة داوية في وجه هذا المسكوت عنه… نعم الحواكير كانت نتاجا لرؤية ادارية حينها في سياق مواكبة التطور الاداري والسياسي والاقتصادي للسلطة ولتقصير الظل الاداري وخلق رضاء سياسي لمكونات دارفور حينها…وقد مضت قرون علي هذا النظام …وحدثت كثير من المتغيرات انحرفت بمقاصد الحاكورة وغدت خميرة عكننة ومسبب ومزك رئيس لنار الحروبات والفتن بين القبائل في عموم دارفور… نعم هنالك عرف وتقليد وعقد اجتماعي ان لا قدسية لهذه الابعاد ان كان دماء الشعب السوداني المسلم هو الثمن فلتذهب الحواكير الي الجحيم ولتبق وحدة اهل دارفور واهل السودان ولتحقن الدماء المسلمة الذي يسألنا الله يوم القيامة بفقه (اذا تعثرت بغلة بالعراق لكان عمر مسؤول عنها) يجب ان تكون الحاكورة حاضنة بالعرف المعمول به بين القبائل باعتراف متبادل بين المسمي الحاكورة باسمهم وبين القبائل الاخري الذين يعيشون في هذا او تلك الحاكورة دون نكران منهم ودون استعلاء من اولئك وعلى ان يعلو كل هذا الدستور الذي هو ام القوانين والذي يكفل حق كل سوداني بالاقامة اينما شاء وكيفما شاء ووقتما شاء وفق قانون الدولة المنظمة لهذه الاقامة وفي إطار الدستور وحفظ حقوق المواطنة مع بسط سيادة الدولة وفرض هيبتها علي الجميع…ويري عبدالكريم ضرورة تجسيد هذه الارادة الشعبية لمكونات دارفور لاسناد الإرادة السياسية للدولة ان تتنادي كل المكونات الدارفورية وليحتشدوا ضحى لتقديم وثيقة عهد في صورة إقرار من تلك المكونات الرئيسة لمكونات دارفور لاسناد ظهر الدولة وهي تمضي لحسم مثل هذه الصراعات القبلية العبثية بالقوة اللازمة حفظا لأرواح أبناء دارفور الذين هم في المقام الاول ابناء السودان نقول هذا ونحن نعلم ان الحكومة او الدولة ينبغي ان لا تستجدي احد لانزال هيبتها علي مواطنيها ولكن خصوصية دارفور وتجزر القبلية وقبلنة كل شيء فيه وممارسة التسول السياسي وتدويلها جعلنا ان نطرح الفكرة حتي لا يستغلها البعض من نفس ابناء دارفور والمعارضة ذريعة سياسية عندما تضطر الدولة من استخدام القوة لوقف الاقتتال القبلي حقنا للدماء كما يري الدكتور عبد الكريم موسى أن الدولة لا يمكن أن تضع قوة عسكرية تحت أي شجرة في هذه الأرض المترامية الأطراف المسماة بدارفور أو حتى تجند عسكريا قصاد اي مواطن لذلك لابد من تنشيط مثل هذه الرؤى هذه هي الفكرة التي ظل يطرحها دكتور عبد الكريم موسى في كثير من المنابر يبدو أنها طوق النجاة لأهل دارفور ليسارعوا في إعادة هيكلة الإدارة الأهلية وفق الأعراف والتقاليد التي قامت عليها وإبعادها من التسييس والتحزب مما يعيد لها الحيادية حتى تتمكن من أداء دورها المنوط بها في السابق ويجذب الاحترام والتقدير وسط مجتمعاتها ويجعل منها أداة فعالة في خلق الاستقرار الاجتماعي ويعيد للقضاء الأهلي والعرفي دوره في حفظ أمن وحقوق الناس.
وتوعية وتدريب وتأهيل القيادات القبلية على المفاهيم الحديثة مثل حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل وطرق الحماية الضرورية تجاه هذه الشرائح الاجتماعية الضعيفة على أن تكون هناك حوافز معنوية ومادية من الدولة والمنظمات العاملة في هذا المجال للقيادات التي تبلي بلاء حسناً في إدارة مثل هذه البرامج أن العمل علي معالجة الأزمة لا يعني عدم حدوثها بل أوجب الواجبات في تطبيق مثل مقترحات دكتور عبد الكريم التي ظل يرددها دون أن تجد طريقها الي التطبيق أن أراد أهل دارفور العيش بسلام ووئام ويبقى أن توجه السلطة الاقليمية بدارفور لتحمل مسؤولياتها وخطورتها في تطييب الخواطر وتهدئة الأوضاع بعيدا عن التصعيد والعدائيات والوقوف علي خطوات منع تكرار الأحداث المؤسفة التي جرت مؤخرا بين القبيلتين واطمئنانها علي موقف القوات العازلة بين الطرفين والتي إنتشرت طوال الحدود الفاصلة بين طرفي النزاع يؤكد إهتمامهم بنشر السلام الإجتماعي ودعم الجهود الرامية الى نزع فتيل الأزمات والصراعات بدارفور فالخطوة يجب دعمها من قبل رئاسة الجمهورية وكافة المهتمين بارساء السلام في دارفور والدعوة لأهلنا من أعيان قبيلتي الرزيقات والمعاليا أن يحتكموا الي صوت العقل والنزول عند رغبة أبناء الإقليم لطي صفحة الصراع باعجل ما يكون لأن في ذلك حقنا لدماء شباب دارفور وحفظا لثروات دارفور البشرية والاقتصادية والاجتماعية.. إن مبدأ القبول بالآخر كان أبرز سمات أهلنا في دار رزيقات ودار معاليا وكان وما زالت قيادات القبيلتين من أحكم الناس ولهم وجود مؤثر في كافة مؤتمر الصلح القبلى في دارفور.