أبشر الماحي الصائم

صناعة الموت.. الحياة


عندما سيق الشهيد سيد قطب إلى حبل المشنقة، وبين يدي لحظات تنفيذ الإعدام أتوا إليه برجل دين أزهري ليلقنه الشهادة، فقال رجل الدين الأزهري للشهيد: “قل لا إله إلا الله تنجو”، قال الشهيد: “إن لا إله إلا الله التي تقتات بها أنت، ها نحن من أجلها نساق إلى حبل المشنقة”، فلقنه درسا لن ينساه أبدا، فها هو التاريخ يعيد نفسه، ما أشبه الليلة بالبارحة، محكمة مصرية هي الأخرى هذه الأيام ترسل أوراق الرئيس المنتخب محمد مرسي وآخرين، إلى رجل دين أزهري آخر هو مفتي الجمهورية لتأييد حكم الإعدام و.. و..
* على أن الذي أكثر غرابة من حكم الإعدام نفسه، يكمن في حيثيات الحكم التي نهضت على مسوغات (التخابر مع حماس)!! فلعمري أن هذه المحكمة قد قضت بتصفية قضية بأكملها وإعدامها، قبل أن تقضي بإعدام مجموعة أشخاص، إعدام القضية الإسلامية المركزية، قضية تحرير المسجد الأقصى من قبضة اليهود المغتصبين، ذلك لطالما حملت حركة حماس، إلى جانب حركة الجهاد الفلسطينية، لواء هذه القضية دون غيرها من الفصائل الوطنية والشعوب العربية والإسلامية. حتى الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي لقبته دولة الكيان الصهيوني (بالكنز) لم يجرؤ عهده على الحكم بإعدام القضية الفلسطينية، وبدا أننا نتدهور ونتقهقر إلى ما دون تلك المرحلة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
* فهل يجرؤ مفتي الجمهورية المصرية على تأييد الحكم وإرسال الرئيس مرسي إلى حبل المشنقة، ولا ذنب له يومئذ سوى أنه قد فاز هو وحزبه في خمس جولات انتخابية نظيفة شهد بها الأبعدون قبل الأقربين !!
* المدهش أن في كل العالم يعد الثوار الذين تخرجهم الثورات من السجون والمعتقلات، يعتبرون أبطالا ويرفعون إلى درجة صناع الثورة، على الأقل حدث هذا في السودان أكثر مرة، ذلك لدرجة النشيد.. أصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باق.. وإذ الفجر جناحان.. ومن ثم يحمل الثوار السجناء على أكتاف الثورة ويكرمهم الوطن وترسل بطولاتهم إلى سجلات التاريخ، إلا في الحالة التي بين يدينا، التي عدَّت الثوار مجرد خونة هاربين من العدالة، بل إن هذه واحدة من ضمن الجرائم التي سيق بها الرئيس مرسي إلى حبل المشنقة !!
* يفترض أن الأمة الحية لا تذهب في عمليات حداد وحزن وأسى، وهي تقدم الشهداء، على أن الأمم الميتة هي التي لا تقوى على صناعة الشهداء، الموتى في عرف بعضهم، ولا يدري هؤلاء المساكين أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.. وأن دم هؤلاء الشرفاء سيزلزل الأرض تحت عروشهم إن هم أقدموا على ذلك.. وكما الشهيد هاشم الرفاعي في زنزانته (القصيدة) ليلة التنفيذ..
أبتاه ماذا قد يخط بناني والحبل والجلاد ينتظراني
هذي رسالة إليك من زنزانة صخرية مصقولة القضبان
لم تبق إلا ليلة أحيا بها وأحس أن ظلمها أكفاني
ستمر لست أشك في ذلك وتحمل بعدها جسماني
ويشدني ألمي وأنشد راحتي في بضع آيات من القرآن
إلى أن يقول:
إلى اللقاء تحت ظلال عدالة قدسية الأحكام والميزان