صلاح حبيب

هل يعود اليمن سعيداً كما كان؟!


الحرب التي اشتعلت بين أبناء اليمن والتي راح ضحيتها العشرات منهم ذكرتني صديقي اليمني “عبده علي مريش” أو “عبده اليمني”، كما يحلو للطلبة السودانيين وقتها أن ينادوه بهذا الاسم.. “عبده اليمني” يعد واحداً من الطلبة اليمنيين المثقفين وكانت تربطه علاقة حميمة بالطلبة السودانيين خاصة سكان العمارة (25) بمدينة البعوث الإسلامية، ومن بين أولئك “كمال محمد عثمان”، “عبد الباقي محمد أحمد كمير”، “جلال علي الفكي” و”إبراهيم أبو حسبو” وغيرهم. كان “عبده” ورغم ثقافته العالية يحب الطعام الجيد، ونحن نعلم أن المدن الجامعية يتم طهي الطعام فيها بكميات كبيرة لعدد كبير، إلا أن “عبده” كان دائماً يحرص على إعادة طهي الطعام بالطريقة اليمنية. وقبل أن تستوي الحلة يدخل في نقاش طويل ودائماً حلقة النقاش تتسع باتساع الموضوع المطروح..”عبده” لم يزر السودان ولكنه كان ملماً بتفاصيل كثيرة عن مدنه وساسته واقتصاده.. وعندما أذيع في نشرة الثالثة عندما كانت الأخبار تذاع من راديو أم درمان في الثالثة ظهراً وكان الإرسال الإذاعي يصل القاهرة بوضوح، أذيع اكتشاف كميات كبيرة من البترول بالسودان. وقتها الأخ “عبده اليمني” لم يفرح كما فرحنا نحن السودانيين بل قال وقتها لا تفرحوا فإن هذا البترول سوف يؤدي إلى صراع كبير داخل السودان. وقتها لم يكن هناك تفكير لانفصال الجنوب ولم ندرك أن هذا البترول سوف يجلب علينا المشاكل والصراعات بين أبناء الوطن الواحد، كنا نحلم أن يساعد البترول في استقرار البلاد والعمل على نهضتها ونمائها.. الأخ “عبده اليمني” كانت له نظرة بعيدة رغم أنه طالب لغة عربية ومغرم بالرياضة أكثر من السياسة، ولكن عينه الثاقبة أكدت أن البترول سيسهم في تمزيق السودان أكثر من وحدته، وها هي نظرة “عبده اليمني” تتحقق، ولكن “عبده” لم ينظر بعين بعيدة لما يحدث في اليمن، ولم يتوقع في يوم من الأيام سوف يتمزق أو تظهر جماعة الحوثيين وتعمل على تشتيت تلك الوحدة بين اليمنيين.
تذكرت الأخ “عبده اليمني” لما آل إليه الوضع في السودان بسبب البترول، وتذكرته مرة ثانية لما يجري الآن في اليمن الذي كان في يوم من الأيام سعيداً وهاهي تلك السعادة تنقلب إلى شقاء، وهاهم الإخوة اليمنيون يمزقون بلادهم بأيديهم ويخربونها من كل جانب، ويفتكون ببعضهم ويشردون آخرين إلى دول الجوار.
إن الوضع الذي وصل إليه اليمن السعيد محزن وليس محزناً على أبناء الشعب اليمني وحدهم، بل على الوطن العربي الذي يشاهد يومياً عبر الفضائيات كيف تدك المدافع حصون الوطن، وكيف تسهم الآلة الحربية في فرار الآلاف من المواطنين لمدنهم وقراهم إلى عالم مجهول. هل يعود الإخوة اليمنيون إلى رشدهم ويوقفون القتال فيما بينهم ليعود اليمن يمناً سعيداً كما كان.