مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : فساد.. وديمقراطية!!


> كان بعض المحتجين على إجراء الانتخابات الفائتة في موعدها الدستوري يتحدثون عن أن الميزانية المرصودة لها من خزينة الدولة عالية جداً وأولى بها خدمات وتنمية المواطن بدلاً من أن تنفق في انتخابات معلومة النتائج.
> والمقاطعون للانتخابات يريدون تأجيلها إلى ما بعد إحداث تسوية سياسية ترضي كل الأطراف بمن فيهم اليساريون والجمهوريون الذين لا يعجبهم إلا الحديث عن إسقاط النظام، وتأجيل الانتخابات كانت عندهم بلا معنى سياسي، فهم في الحالتين يريدون إسقاط النظام وفي الحالتين ضائعون. لكن أجريت الانتخابات في موعدها الدستوري بتكلفة مالية قدرها أربعون بالمائة من الميزانية المرصودة لها. فالمبلغ المخصص للانتخابات الذي يصل الى «088» مليون جنيه قد صرفت منه مفوضية الانتخابات فقط«036» مليون وهذا ما أعلنته المفوضية.
> إذن.. كانت الانتخابات (لا تأجيل ولا بزار ولا فساد)، فقد كانت عملية ديمقراطية معافاة في بدنها الدستوري وآمنة في سربها الوطني. وأمينة في المال العام. فقد كلفت إجراءات العملية الانتخابية أربعين بالمائة من المبلغ المخصص. والتحية هنا للبروفيسور مختار الأصم الذي كان قد اختاره وزكاه للمفوضية منذ أكثر من خمس سنوات الصادق المهدي وياسر عرمان، والأول معارض ومقاطع للانتخابات والثاني مستأنف تمرده بعد انفصال «الجنوب» وكان مخرباً للانتخابات. وفي الفديو المتداول يظهر عبدالعزيز الحلو وسط جنوده في منطقة نائية أو في عمق جنوب السودان وهو يوجه المتمردين بتخريب الانتخابات قبيل انطلاقها. وكان يقول لهم إن البشير يريد بهذه الانتخابات أن يستمر في الحكم ويحكم خمسة أعوام أخرى، ولذلك نريد أن نخرب عليه الانتخابات. لكن هل هذا غباء سياسي أم أن سيد قومه المتغابي؟!. فهل كان في فهم جنوده المتمردين أن تخريب الانتخابات أو تأجيلها يعني سقوط الحكومة؟!. طبعاً لم تكن هناك فرصة نقاش من الجنود الجالسين لمناقشة ما كان يخاطبهم به الحلو.
> اذن.. هذه هي الديمقراطية لكن أين الفساد؟! وهل الأجواء الديمقراطية في السودان تصلح أن تكون حاضنة لعمليات الفساد؟! والمساحة هنا لا تسع لذكر عشرات حالات الفساد التي وقعت من قبل، منذ انطلاق عملية التحول الديمقراطي الكامل في أبريل 0102. لكن آخر حالات الفساد الآن هي تخزين كمية كبيرة جداً من السكر الفاسد تصل الى ستين ألف جوال ضبطتها السلطات المختصة. وبروز حالة فساد مالي في مشروع تشغيل يتبع لجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا هو مشروع الحضانة البيطري، وحكايته حكاية.. نشرتها بعض الصحف يوم الخميس الماضي.
> وقبل هذي وتلك، نجد ناشر صحيفة (المستقلة) علي حمدان يواصل كشف الفساد المالي في ولاية النيل الأبيض، ويعد بكشف المزيد من حالات الفساد والمسخرة في غيرها، ونسأل الله له التوفيق في توعية وتنبيه المواطنين. فالأجواء الديمقراطية لابد من الاستفادة منها إعلامياً في الوعي الاجتماعي لمحاصرة هذا الفساد وهذه المسخرة. وها هي السلطات المختصة من مباحث جنائية وأمن اقتصادي يتبع لجهاز الأمن والمخابرات الوطني ومراجعة عامة تتعاون مع الصحافة في اعتماد مبدأ الشفافية في الكشف عن الفساد. فحتى ضبط ستين ألف جوال سكر فاسد كان للمباحث وجهاز الأمن يد فيه.
> أصلاً حكومة البشير قد جاءت في 03 يونيو 9891م على أنقاض حكم منتخب لكنه هش يمكن أن يكون ثغرة كبيرة ينفذ منها أعداء الوطن الى مكتسباته واستقراره. وجاءت حكومة البشير لإيقاف الفساد بكل انواعه رغم أن الفساد المالي كان قليلاً جداً، لكن ما اتضح هو أن بطانة الصادق المهدي وقبله الرئيس نميري هما الأفضل.. وهذا مؤسف ومحسوب على المشروع الحضاري الاسلامي.
غداً نلتقي بإذن الله.