الصادق الرزيقي

غضبة العالم


> أعادت غضبة العالم الإسلامي في أرجائه المختلفة التي انتفضت فعالياته وقطاعاته أمس عقب صلاة الجمعة، ضد الأحكام التي صدرت في مصر ضد الرئيس المصري الشرعي د. محمد مرسي وقيادات الإخوان المسلمين، أعادت تلك الأجواء التي رفضت فيها الجماهير في عام 1965م حكم الإعدام الذي صدر ضد صاحب الظلال ومفسر كتاب الله، المفكر الإسلامي الكبير الشهيد سيد قطب، فالجماهير الغاضبة التي خرجت في كل مكان ليس من طنجة إلى جاكرتا فقط، إنما من كل بقاع العالم حتى في المدن والعواصم الغربية، إنما خرجت غاضبة وراعدة ومستنكرة هذه الأحكام الظالمة.
> ولم تدر السلطة التي تحاكم هؤلاء الرجال التقاة وتتأهب لإعدامهم، أن جماهير العالم الإسلامي تحاصرها في كل مكان، وأنها مع فقدانها للشرعية ومشروعية البقاء منذ اليوم الأول، تفقد وتسقط في ميزان المشروعية الأخلاقية والسياسية والدينية بهذه الأحكام التي تسيء لتاريخ بلد مسلم عريق ورائد، ولن تحصد هذه السلطة الغاشمة من هذه الأحكام إلا البوار والخسران، فهل سأل سائل ما الذي بقي في ذاكرة التاريخ والأيام، الشهيد سيد قطب أم جلادوه وشانقوه؟ فمنذ إعدامه في منتصف ستينيات القرن الماضي حلت على من حاكموه النكسات والهزائم، وتحللت الناصرية كما الجيفة وبقي سيد قطب وفكره ودمه منارة سامقة تهدي السالكين، فما مات نهجه ولا شنقت كلماته، إنما عاش مع الأيام والحقب والسنوات شعاعاً متقداً من العلم أرادوا أن يطفئوه، ولكن أبقاه الله رغم مماته شامخاً كالنجم يسري في عقول الملايين في العالم الإسلامي.
> أصحاب الدعوة والمنهج الصادق إلى الله، لا تغتالهم الأنظمة الباغية الباطشة هكذا، ثم تطوي الصفحات، ولا تخيفهم الإعدامات وأحكامها، فكلما صدر حكم أو تم تنفيذه، ستتقد بعده آلاف القناديل والمشاعل وتتسع الدائرة وينداح الفكر الذي آمنوا به، فهم ينتصرون ولا يتراجعون، يتمددون ولا ينحسرون، فإن ظن القاتل أن ضحيته سيذهب إلى العدم السحيق، فإن العكس هو الصحيح، ينتصر المشنوق في مشنقته ويصعد إلى علياء الله، بينما يظل قاتله في مهاوي الاحتقار والظلمات يقاسي غلظة الحياة والممات.
> لقد كانت الجماهير على طول العالم الإسلامي، تنظر في وجل إلى هذه المحاكمات المضحكة والمسرحية سيئة الإخراج، لكنها تنتفض الآن وتخرج إلى الشارع متضامنة مع ساكني الزنازين وهم يواجهون الأحكام في جلد ورباطة جأش وصبر وتوكل على الحي الذي لا يموت، لقد «نامت نواطير مصر عن ثعالبها وقد بشمن وما تفنى العناقيد» كما قال المتنبي، وسينبلج من بين هذه الزنازين والتعذيب الذي لم يذكر التاريخ له مثيلاً، سينبلج فجر آخر، فمثل هذه المحن لا تزيد الدعاة إلا صلابةً وقرباً من الله ونصرة لوعده وهو وعد غير مكذوب.
> لقد ظن الجلادون، وهذا ديدينهم عبر التاريخ وفجواته، أنهم بأفعالهم سينجون، لكن هيهات.. فالجماهير التي تخرج منددة بالأحكام الجائرة في كل أرجاء المعمورة، تصل صحياتها وهتافاتها وغضبتها آذان الطغاة المتجبرين، وأحيت هذه الأحكام وبعثت من جديد روح التضامن بين أطراف الأمة الإسلامية، فما الذي يجمع الناس من الهند وأندونيسيا وأفغانستان وباكستان ونيبال والفلبين وتركيا والجزائر والسودان والمغرب والمسلمين في أوروبا وأمريكا الشمالية والقارة الايبيرية .. غير الإسلام؟
> هذه الجماهير لم يجمعها تنظيم عالمي للإخوان المسلمين، لكن جمعتهم العقيدة والحرص على قادة الدعوة الإسلامية ونصرة المظلومين ومن يقفون في وجه الجور والظلم وبطش السلطان وهو يواجهون أنياب ومخالب الطغيان الملطخة بالدماء.
> ما يجمع هذه الجماهير في مشارق الأرض ومغاربها، أنها ستتخذ سبيلها سعياً واجتهاداً في مواجهة هذه الأحكام ومعها كل الأحرار في العالم ومنظماته وهيئاته وأحزابه والحقوقيين الشرفاء في عالمنا الفسيح، ولن يفلح بعدها الساحر حيث أتى.. ولن يهنأ الطغاة والفراعنة مهما تجبروا وتكبروا وبغوا.


تعليق واحد

  1. قلت لي التقاه زي اخوانهم في جنوب الوادي… انت جادي ..ياخ اتق الله ..والله تاني ما اظن في زول ممكن يصدقكم