تحقيقات وتقارير

صفحة جديدة: الحرب والسلام قضية أساسية في الخماسية المقبلة.. هل سيفلح الطاقم الحكومي المنتظر في تحقيق طموحات الأمن والاستقرار للشعب السوداني


ترى كم أنفقت الحكومات الوطنية في الحرب منذ استقلال البلاد وحتى الآن؟ السؤال محوري ومطروح بكثافة حدت بالبعض لأن يشددوا على ضرورة تمسك جميع السودانيين وكياناتهم بالحوار لجهة أنه يمثل مفتاح الحلول لجميع القضايا الراهنة، إلى جانب دعوتهم إلى بناء عقد اجتماعي جديد يقود بدوره إلى وقف الحروب التي تفشت في جسد الوطن.

بحسب الواقع الماثل فإن الحروب التي شهدتها البلاد خلفت آلالاف القتلى منذ حرب الجنوب وشرق السودان وحرب دارفور التي لازال جرحها ينزف، فضلا عن الحرب الدائرة حاليا في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بين الحكومة السودانية وفصائل الجبهة الثورية.

ويؤكد الواقع أن الحرب لا تخلف إلا الدمار والخراب ومن الأقوال العسكرية التي ذكرت بشأنها أن (الحقيقة هي الضحية الأولى) وهذا يتضح جليا من خلال الاتهامات التي يتبادلها الخصوم السياسيون أثناء الحروب والتي عادة ما تغيب الحقائق أثناء نشوبها ومن ثم فإن (النيران القادمة لها الحق في المرور) وهذا يتضح من خلال الضحايا الذين يسقطون في تلك الحروب التي يصفها البعض بأنها (عبثية).

في سياق متصل بالمسألة يؤكد المشير عمر البشير رئيس الجمهورية في خطابه الذي أعقب أداءه اليمين الدستورية أمس (الثلاثاء) في قبة البرلمان أن برنامج حزبه للسنوات الخمس المقبلة يستشرف المستقبل وتابع البشير قائلا: “نريد مستقبلا نفتح اليوم فيه صفحة جديدة نكتب فيها بإرادة جديدة معاني الوفاق وجمع الصف الوطني”. وبحسب البشير فإن الصفحة الجديدة يريد أن يكتب فيها معاني السلام الشامل والنماء الكامل للسودان ورفاهية الشعب السوداني.

وتعهد البشير في عهده الجديد الذي بدأ أمس بنبذ النزاعات والثارات والجهويات والحروبات والاتجاه نحو إعمار السودان.. وتعهد بحقن الدماء وأكد التزامه باستكمال السلام والسعي إليه وأضاف قائلا: “نريد سلاما يغلق أبواب الفتنه ويفتح أبواب الإلفة والمحبة والخير لأهلنا في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، سلام نصنعه بأيدينا وإرادتنا وتصميمنا على تحقيق الاستقرار لهذا الوطن العزيز”.

ومضى البشير في خطابه إلى أكثر من ذلك ودعا أحزاب المعارضة التي ما زالت تقف مترددة أو رافضة للحوار والحركات المتمردة التي اختارت طريق العنف، دعاها جميعا إلى الحوار وأضاف: “وأقول لهم جميعا إن حضن الوطن مازال مفتوحا لاستقبالهم وإن أبوابنا مشرعة ولن توصد في وجه القوى السياسية الوطنية التي ترفض العنف وترتضي الحوار منهجا ووسيلة”.. دعاهم جميعا في خطابه إلى حوار وطني جامع وشامل لكل القوى الوطنية ولكل القضايا والموضوعات.

وجدد البشير العفو الكامل عن حملة السلاح الراغبين بصدق في العودة والمشاركة في الحوار وأعلن ترحيبه بهم جميعا حول مائدة الحوار للخروج بوثيقة يرتضيها كل أهل السودان من أجل لم الشمل وتوحيد الصف وبناء المجد كي يكون الوطن قويا وشامخا بين سائر الأوطان.

على الضفة المغايرة ينظر تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض للخطاب بأنه طرح الحوار بصورة ضبابية ما يوضح أن النظام -بحسب وجهة نظر الكتلة المعارضية المناوئة- لازال يمارس سياسته المحببة والمتمثلة في المراوغة ومواصلة رحلة البحث عن حوار ضبابي جزئي في أجواء غير ملائمة. ويطالب التحالف في بيان صادر يحمل توقيع رئيس لجنته الإعلامية المهندس بكري يوسف تحصلت (اليوم التالي) على نسخة منه، يطالب البشير بأن يعلن مباشرة قبوله التام بمتطلبات وشروط الحوار الوطني المتفق عليها من معظم المكونات السودانية.

وينظر تحالف المعارضة إلى الخطاب الرئاسي بأنه لم يقدم معالجات واضحة حول التنمية والتهميش والحرب والسلام والعدالة الانتقالية والأزمة الاقتصادية والفقر وغياب التنمية.

الحروب التي لا زالت تدور في مناطق (دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق). إلى جانب الحروبات القبلية التي تفشت مؤخرا بشكل عنيف بين عدد من القبائل في ولايات دارفور. علاوة على موقف تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض من مسألة الحوار وتمسكها بموقفها الداعي إلى تشكيل حكومة انتقالي؛ كل هذا وذاك بحسب مراقبين سيبقى رهناً لإرادة فرقاء الأزمة السياسية في السودان؛ فالحكومة الجديدة عليها المضي في سعيها لإحداث اختراق حقيقي بشأنها، بصفتها اللاعب الأكثر فعالية على المسرح السياسي، وربما سيمثل الاختراق المطلوب محددا رئيسا لنجاح رئيس الجمهورية في دورته الرئاسية الجديدة والتي يبدو أن مسألة الحرب والسلام والحوار الوطني ستأخذ حيزاً كبيراً ضمنها. في الأثناء ينبغي على الأحزاب السياسية المعارضة والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء (الجبهة الثورية) الجلوس في طاولة حوار واحدة مع الحكومة السودانية بغرض التوصل إلى اتفاق حد أدنى يفضي إلى استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي على الأقل، كما يمضي بعض المحللين، يجعل السودانيين يحلمون بغد مشرق ووطن سعيد يسعهم أجمعين

 

 

اليوم التالي