أم وضاح

“أيلا” و”وارغو”!!


تقول النكتة التي أظنها آخر النكات التي صدرها الواتساب، أن واحداً من أصحاب “الخيال الواسع”، سألوه رأيك شنو في تعيين “أيلا” والياً للجزيرة، فقال ليهم: “والله خوفي يطلع ذي “وارغو” الذي تألق في أنيمبا وطلع ماسورة في المريخ!”. والنكتة بكل ما تحمله من سخرية تحمل أيضاً مقداراً كبيراً من التشاؤم والترصد، وربما قدراً من تحليل الواقع المر، الذي تعانيه ولاية الجزيرة التي فشل، وبدرجات متفاوتة، كل من تولوا حكمها في أن يجعلوها الولاية الأعظم والأكثر حراكاً وبريقاً، وهي تحمل عوامل ذلك على أجنحة الإبداع الذي تتميز به الجزيرة، الأم التي تلد المبدعين وتهديهم بعد ذلك للمدن. والجزيرة خيرها في جودها ماءً زلالاً ورزقاً حلالاً زرعاً وضرعاً، لكنها لم تخرج بأهلها من حوش الفقر، لأن المحيطين والمنتفعين والشلليات كانوا بالمرصاد للإدارة ولمحاولات التعبيد، لذلك فإن مهمة “أيلا” صعبة ليس لأنه (كمّل) لياقته في بور تسودان وحيطلع ماسورة في الجزيرة، ولكن لأنني أظن أنه سيواجه بلوبيات ومراكز نفوذ، أحسب يقيناً، أن الرجل بما عرف عنه من جسارة وقوة شخصية ونشاط سيقضي عليها تماماً، لكن هذا يلقي عبئاً ثقيلاً على أهل ولاية الجزيرة أنفسهم والذين ليس كافياً أن يؤيدوا ويرحبوا بـ”أيلا”، بالاستقبالات الحاشدة وذبح الذبائح احتفالاً بمقدمه . فعلى أهل الجزيرة أن يعينوا “أيلا” بالإنتاج والعمل لأنه لا يملك عصا موسى في يده، ولا معجزة أن يحول كل ما يلمسه إلى ذهب.. الرجل محتاج إلى عقل وفكر وأيادي أبناء الولاية الخضراء لتحويل مشروع الجزيرة إلى واقع (يشبع) أهل السودان جميعاً، وحتى الطير يجيه جعان ليشبع من أطراف (تقية) كما قال الراحل “إسماعيل حسن”!!
أعتقد أن القيادة السياسية وضعت “أيلا” في ولاية الجزيرة لحسابات ما عادت سرية، ولأنها تعلم جيداً أن يده ستكون سيفاً يقطع رقاب المفسدين والمتنفذين اللذين أثروا واغتنوا على حساب إنسان الجزيرة الجميل البسيط والنقي، الذي تتفتح عيونه على الماء والخضرة منذ ميلاده فأكسبه ذلك حلاوة اللسان وطلاوة القلوب، فلا يحمل حقداً ولا كرهاً ولا نفاقاً!!
ولأن التحدي يواجه كل الولاة بلا استثناء، وولايات السودان أجمعها تتشابه مشاكلها وتتقارب، فعلى كل والٍ، ومنذ الشهر الأول، أن يضع على أرض الواقع أول مدماك في مشروع حقيقي وإستراتيجي يهم الولاية، التي يقودها دون انتظار لاجتماعات أو لجان أو مستشارين كده بس. المكان الفلاني ينفذ فيه المشروع الفلاني برأس المال العلاني، في الوقت الفرتكاني، وإلاّ يحاسب من أوكلت إليه المهمة، ليكون عظة لغيره، وما عادت الأيام حبلى بلحظات الانتظار، وقد فاتنا الكثير ولا زال اقتصادنا (يتوكع) ولا يقوى على الوقوف على قدميه، ولأن ولايات السودان جميعها هي سوق رابحة للاستثمار الأجنبي، على الولاة أن يستقطبوا المستثمرين عبر منفذ واحد إلى مكتب الوالي شخصياً، (وكثرة الدريبات) جعل الكثير من المستثمرين يفرون بجلدهم، وبعضهم أوراقه تتعطل عمداً ومصالحه تتأجل قصداً. وكل واحد داسي المحافير، رغم أن الجنازة حقت أبوه.
في العموم ،لا أظن، أن “وارغو”، أقصد أن “أيلا” حيطلع ماسورة في الجزيرة، أتوقع أن يحرز الرجل أهدافاً حلوة وملعوبة، لكن قدره أنه سيلعب في خانتي الهجوم والدفاع معاً، وربنا يعينه!!
كلمة عزيزة
أكثر ما يغيظني ويهزني نفسياً عدم الوفاء والانسلاخ من الجلد بطريقة أسرع من فعل الأصلة. أمس حدثني صديق أن الوزير الذي كان يتبجح بصداقته مع الوالي المحترم نقل قريبة الوالي من منصبها، بل وحل الإدارة التي تتبع لها، رغم أنها مؤهلة، وتحمل درجة علمية رفيعة. وقراره جاء ثاني يوم من صدور التشكيل الحكومي. وآخر، مدير مؤسسة إعلامية تتبع لذات الوالي، ظل محل تندر، لأنه يسبح بحمد الوالي جهراً وعلانية، كان أول تعليق له أنه لم يكن يقدم دعماً للمؤسسة التي يقودها!! يا سادة أسوأ أنواع الرجال، هو ذلك الذي يبذل الوفاء من أجل عيون المنصب ويقدم الاحترام زلفى وتقرباً لأصحاب القرار، لكنهم سرعان ما يديرون ظهورهم لهؤلاء، إن ابتعدوا عن المنصب الرفيع!! للأسف هذا هو الواقع المؤلم الذي سيصدم به كثيرون. أعتقد أنهم سيتمنون لو عادت بهم الأيام، ليبذلوا كل ما يستطيعون للمواطن الذي وحده يحفظ الفعل والجميل.
كلمة أعز
غداً أعود لكارثة التعليم، والمدارس العشوائية وغير المرخصة التي تتساقط وتنكشف!!


تعليق واحد