مقالات متنوعة

عادل ابراهيم حمد : تعريف ديون الهلال


إذا اشترى شخص قطعة أرض بإسم أحد زملائه بدون علم الزميل أو موافقته ثم بنى له فيها بيتاً بدون طلب من الزميل أو علمه, ثم جاء يطالب بدين مزعوم على الزميل يتحمله أبناؤه من بعده في حال عدم سداده لهذا الدين, فلن يكون الزميل بحاجة لبذل جهد كبير لإثبات أن هذا الدين لا يخصه.. وهكذا الحال إذا بنى رجل موسر مسجدًا في قرية ثم سجل تكاليف المبنى ديناً على أهل القرية يتوارثه مواطنوها جيلاً بعد جيل, فليس أمام أهل القرية لإسقاط هذا الدين الوهمي سوى قولهم إنهم لم يطلبوا من هذا الرجل بناء مسجد في قريتهم؛ فإذا كان البناء تبرعاً منه, فلا بأس. وإلا فإنهم غير معنيين بتكاليف بناء هذا المسجد.
ما كان لي أن أورد هذه البديهيات لولا أن ديوناً مزعومة على نادي الهلال, تراكمت على النادي بهذه الطريقة من (الاستهبال), حيث يقوم شخص واحد في إدارة سابقة بتسجيل لاعب بقرار فردي, وبطريقة فهم منها في يومها أن تسجيل اللاعب أو استجلاب المدرب هو تبرع من القطب الكبير, وعزز الإعلام هذا الفهم حين نسب المجد للإداري الكبير الذي يبذل ماله من اجل النادي الذي عشقه.. ثم تفاجأ إدارة لاحقة بأن المدرب الذي انتهي عقده منذ سنوات ما زال يطالب النادي بمبالغ مهولة وأن ذلك اللاعب الذي أصبح نسياً منسياً ما زالت له (حقوق) على النادي.
هذه الطريقة الفوضوية تتحمل وزرها وزارة الشباب و الرياضة التي لا تتابع ولا تراجع الأداء المالي في الأندية الكبيرة حتى أصبح التبرع ديناً. ويعرف أن أهلية النشاط الرياض لا تعني أن يسجل نادي بدون إتباع الضوابط الإدارية في تسجيل الأندية والجمعيات والمنظمات, ولا تعني ألا تخضع ميزانية النادي للمراجعة.. للجهة المشرفة على الأندية حق معرفة موارد النادي و كيفية الصرف, مثل أن تحدد الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة أوجه الصرف, فإذا حدث عجز يقدم الأعضاء تبرعات لا يجوز بطبيعة الحال استردادها. وإذا استدان النادي يكون القرار جماعياً, لا فردياً يتخذه وينفذه رئيس النادي بطريقة أشبه بالبنود السرية ليفاجئ إدارات لاحقة بين حين وآخر بأن النادي ما زال مديناً, وكلما ظنت الإدارة الجديدة أنها قد أغلقت هذا الملف جيء لها بدين قديم سجله رئيس سابق على النادي.
ما دفعني للكتابة حول هذا الأمر هو التصريح الذي أدلى به أمين خزينة نادي الهلال وكشف فيه أن إدارة ناديه ما زالت (تتفاجأ) بديون خارج التقرير المالي الذي أعدته لجنة مراجعة شكلت بواسطة وزير الرياضة بولاية الخرطوم لحصر ديون الهلال.
واضح من التصريح أن وزارة الرياضة الولائية قد تحركت متأخرة جداً, وأن في تشكيل لجنة لحصر الديون اعترافاً ضمنياً بوجود فوضى مالية استلزمت حصر و(تبويب) ديون النادي. وهي حالة يفترض أن تنبه الوزارة لوضع خطير في الأندية الكبيرة, فتسارع إلى وضع أسس وضوابط تضع حداً لهذه لفوضى حتى لا يكون النادي مكبلاً بديون (تبرع) بها الكبير قبل سنين طويلة.
وأقترح على إدارة الهلال إستصدار قرار قضائي بعدم قانونية إعتبار التبرعات ديوناً على الكيان.