داليا الياس

مجرد ظل


# مشكلة كبيرة تعيشها بعض الأسر في صمت.. تنتهي أحياناً بمأساة ما لم تكن ربة المنزل (مستورة حال) تضع استقرار أبنائها الأسرى في أول قائمة حياتها ولا تألو جهداً في سبيل ذلك.
أزواج عاطلون عن العمل بملء إرادتهم! وأحياناً مع سبق الإصرار والترصد! وبدلاً من أن يكون رب الأسرة (معيلاً).. يصبح (عالة) على غيره لا سيما الزوجة التي تعيش ألم القهر كل يوم.. وليس أمامها سوى أن تصبر على ما تشعر به من حنق وهوان ما لم تقرر علاج هذه الحالة بالبتر وتبعاته.
# إنني مع المبدأ المقدس الذي يفرض على الزوجة الصبر على زوجها ومعاونته على الحياة واحتمال أوضاعه المتذبذبة والرضا بنصيبها معه في الدنيا.. غير أن القضية تتبدل تماماً إذا كان هذا الزوج مستكيناً لهذه الإجازة الطويلة، ولا يحرك ساكناً في سبيل التغيير أو تحسين أوضاعه.. فلو كان يخرج طلباً للرزق ويعود خالي الوفاض أو في جعبته القليل لطالبنا الزوجة بذلك الصبر المر والدعاء له بالفتح المبين ومحاولة القيام بأي مبادرة إيجابية من حقها تحسين الأوضاع وستر الحال.. ولكن هذا الزوج استمرأ الجلوس في المنزل أو الخروج لبعض شأنه دون أن يعنيه القيام بمسؤولياته وكأنها رفعت عنه.. بل يذهب بعضهم لأكثر من هذا تجده، وقد نزع عنه الحياء يترك لزوجته القيام بكل المهام، ويمضي في تأنيبها وإعلان الثورة عليها إن تعذر عليها بعض أمرها!!
# بعضهم يطالبها بمصروف يده.. وبعضهم يستعين على تقصيره بالعبوس والقطيعة.. وبعضهم (يعمل رايح) إن هي ناقشته في الأمر ويلوذ بالصمت في انتظار فراغها مما تود قوله ليعود إلى ما بين يديه من صحيفة أو ما يشاهده من مباراة، وكأن شيئاً لم يكن! وتتحول هذه العطالة الاختيارية شيئاً فشيئاً من الجانب المادي إلى الأسرى، فلا تعد لذلك الزوج صلة بتربية الأبناء أو حل مشاكلهم.. ولا علاقة له بتحصيلهم الدراسي أو سلوكهم الشخصي.. يقيم بينهم كالضيف.. ويمارس الفرجة على تفاصيل حياة أسرته من قريب حتى يتحول شيئاً فشيئاً إلى مجرد ظل تفضله الزوجة لدواع اجتماعية على ظل (الحيطة).. وأيضاً لا يقي حر الهجير ولا يركنون إليه للسمر.. لقد مات الشعور لديهم حتى ما عاد يعنيهم رأي الآخرين بهم.. يكذبون كذبة الحظ العاثر حتى يصدقونها.. ويترفعون عن ممارسة أي مهنة شريفة صغيرة تحفظ رجولتهم وتقي أهل بيتهم الحاجة وتحافظ على الصورة الطبيعية للأب والزوج المسؤول.
# لقد جعل الله القوامة للرجل من الناحيتين المادية والمعنوية, وأمر الله تعالى الرجل بتأمين مطالب أهل بيته من سكن وإعاشة وغيره, فالعاطل عن العمل ليس كفأً للزواج ولا الأبوة, ولا يتمتع بالأخلاق المطلوبة التي تجعل المرأة تحس في كنفة بالأمان وتجعله قدوةً حسنة لأبنائه, لأن التهرب من المسؤولية يجعل الزوجة مغلوبة على أمرها لا تشعر بالأمان وتجعل الأب مستحقراً لدى أبنائه. والإسلام قسَّم المسؤوليات بين الرجل والمرأة وكلف كل منهما بالالتزام بما عليه، فجعل كل منهما راع ومسؤول عن رعيته, كما جعل عمل الرجل وسعيه لتأمين حياة كريمة لأهل بيته عبادة إذا كانت نيته صالحة وخالصة, فلا يستقيم الحال طالما كان الزوج متواكلاً يعتمد في حياته على زوجته العاملة أو على الاستعانة بأهله أو حتى على ريع يأتيه من عقار أو تجارة وهو جالس في داره, مهما كان مقدار ذلك المال.
# فالجانب المظلم للعطالة الاختيارية – بعيداً عن رأي الدين والمجتمع- يتمثل في الحاجز النفسي الكبير الذي ينهض بين طرفين يشعر أحدهما بأنه ضحية لاستغلال الآخر!! ثم تجده مطالباً بتقديم كل ما عليه من التزامات وواجبات زوجية اجتماعية وجسدية، وهو في الأصل يفتقر لأبسط حقوقه المتمثلة في المعنى الحقيقي للقوامة.
كما أن تلك العطالة لا تقتصر على العجز عن توفير مستلزمات المعيشة فحسب, ولكن المشهد العام لتلك الأسرة يجعل الزوجة في حرج كبير أمام الناس والمجتمع مما يوسع الهوة بينها وبين زوجها للحد الذي يجعل هذا الزواج الذي تداخلت فية الاختصاصات وفقد ملامحه الطبيعية المفروضة على حافة الهاوية.. فماذا يمكن أن نسمي ما عليه ذلك الزوج من موت في الشعور؟ وهل هي فطرة أم اكتساب أم لأسباب تربوية أم قناعات شخصية (ولا تكون ساكت حقارة)؟
# هدف:
” وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ” صدق الله العظيم


تعليق واحد

  1. من أقوال الفاروق عمر رضي الله عنه (إني لأرى الرجل فيعجبني ،فاقول : ما صناعته ؟ فان قالوا :لا صناعة له ، سقط من عيني )
    فالعمل زينة الرجل – شكراً ذات الخمار