مقالات متنوعة

محمد لطيف : من تعاليم.. ود البلة


أن نسمي الأمر صدفة.. فلا ينبغي أن يتجاوز التكرار مرتين.. إن لم يكن ثلاثا كحد أقصى.. أما أن يبلغ التكرار أربع مرات فهذا لا يحتمل ولا ينبغي أن يسمى صدفة بأي حال من الأحوال.. فدعونا نبحث عن تسمية أخرى.. أو صفة أخرى لحالة التكرار هذه.. فعلى مدى أربع مرات أصل فيها إلى مدينة عطبرة في شأن خاص.. إلا وأفاجأ بدعوة من معتمدها السيد صلاح حسن سعيد.. لحضور نشاط رسمي لمحلية عطبرة.. كانت المرة الأولى حين دعيت لحضور تدشين الدفعة الأولى من آليات إصحاح البيئة.. ثم كانت المرة الثانية حين دعيت لجولة مع المعتمد وبعض ضيوف المدينة نشهد فيها حملة إضاءة شوارع المدينة.. أما المرة الثالثة.. أو الصدفة الثالثة فقد كانت حين وصلت عطبرة لأفاجأ بالمعتمد يدعوني لحضور افتتاح القرية الذكية.. وقد أسهبت هنا في شرحها من قبل.. فقد كانت واحدة من المنجزات الباهرة المبهرة.. كان ظني.. أن التكرار حتى المرة الثالثة مقبول وممكن.. وإن بدا عصيا على التصديق.. أما الذي أعيتني الحيلة في استيعابه فهو أن يتكرر تكرار الصدفة للمرة الرابعة على التوالي.. فما إن وصلت مدينة عطبرة نهار أمس الأول الجمعة إلا وكان السيد المعتمد جاهزا كعادته.. وللمرة الرابعة على التوالي.. لدعوتي لتدشين مشروع جديد.. سألته مندهشا.. إنت ما بتفتر..؟ افترت شفتاه عن ابتسامة خفيفة وهو يقول لي.. نحن لسع ما عملنا حاجة للمواطن عشان نفتر..!

هكذا وجدت نفسي صباح أمس مرجئا عودتي من عطبرة إلى الخرطوم ساعتين.. ثم متجولا بين زكيبة من الآليات الثقيلة والخفيفة.. تعتبر المرحلة الثانية من آليات إصحاح البيئة بمدينة عطبرة.. وقد تراصت على امتداد الشارع تعلن للقاصي والداني أن عطبرة موعودة بمرحلة جديدة من النظافة.. ومن ثم إصحاح البيئة.. والذي لا يقال هناك.. كما علمت.. أن ذات الآليات.. يمكن أن تلعب دورا مهما في تهيئة وتأهيل البنى التحتية الخاصة بالتصريف السطحي وذلك قبل حلول فصل الخريف.

غير أن الجديد في كل هذا.. كان ظهور الوالي الجديد لولاية نهر النيل في فعالية الأمس.. السيد محمد حامد البلة.. الشهير بود البلة.. وهو ليس غريبا عن الوسط الصحفي.. فقد مر من قبل بمجلس الصحافة والمطبوعات عضوا.. بل ونائبا للرئيس.. حصد هو الآخر من التقدير والإعجاب من كثيرين في هذا الوسط.. وود البلة هو صاحب الهتاف الشهير الذي أطلقه أهل مروي يوما وقد كان محافظا عليها.. ود البلة يحفظك الله.. الشاهد أن ود البلة الذي حل واليا على نهر النيل.. قد حل أمس ضيفا على محلية عطبرة ومعتمدها.. ولعل أبرز واقعة لفتت نظري صباح أمس.. كانت حين لاحظ ود البلة أن الكاميرات تلاحقه.. أن سارع بتوجيهها لتصوير الآليات المتراصة على طول الشارع قائلا.. بصوت يبدو أنه تعمد أن يسمعه من حوله.. المواطن عايز يشوف الإنجازات ما عايز يشوفنا نحن.. عايز يشوف الآليات.. مش عايز يشوف صور المسؤولين.. وفيما هرول المصورون نحو الآليات إنفاذا لتوجيهات الوالي هرولت أنا نحو سيارة كانت تنتظرني.. وأنا أقول في سري شكرا معتمد عطبرة.. الذي جعل الصدفة قابلة للتكرار أربع مرات متتالية.. وشكرا ود البلة الذي يسعى لتعليم من حوله أن ما يهم الناس ليس هو المسؤول.. ولكن ما الذي أنجزه هذا المسؤول..!