أبشر الماحي الصائم

قُطَّاع طرق على الطريق القومي !


احتشدت منذ أيام مواقع التواصل الاجتماعي بمقالة مؤثرة للداعية السعودي الدكتور العريفي، يحتفل فيها بواقعة كرم سودانية قلَّ نظيرها في العالم الإسلامي، بحسب العريفي نفسه، وهي أن قضية قد رفعت إلى محاكم ولاية الجزيرة السودانية، بين شخصين اشتجرا حول ضيوف رمضان على الطريق القومي، بحيث أبلغ أحدهم الشرطة بأن غريمه يفتأ يسوق الأضياف الذين في طريقهم إلى مائدته، فيقطع عليهم الطريق ويغير اتجاههم إلى مائدته هو، القضية التي عرفت صحفيا (بقطاع طرق سودانيين في شهر الصيام على الطرق القومية) !!
* وبالأمس يتكرر المشهد الأثير، القصة كما يرويها صديقنا الأستاذ معاذ الفاتح، الأمين العام لجمعية القرآن الكريم بولاية الخرطوم، وهو يبلغ عن حالة (قطاع طرق على الطريقة السودانية) أكثر إدهاشا، تقول حيثيات الواقعة، إن جماعة على قارعة الطريق أجبروني على عدم مواصلة سيري إلى بيتي وتناول الإفطار معهم. فتعرفت عليهم إنهم بالكاد مجموعة عمال ميكانيكية.. فوضعوا أمامي صحن فول (كاااارب) بسلطة الدكوة مسقى بزيت السمسم، وصحن طعمية كبكبي من الصاج مباشرة، وعصيدة طاعمة بالروب والتقلية، مع صحن شطة خضراء غامق لونها تسر الناظرين، ثم بجوارنا (أربعة جكوك) عصير تعوم فيها قطع الثلج يزيد سكرها عن المعدل الطبيعي، لكل واحد منها لون مختلف و.. و.. يقول الرجل أجبرتني المجموعة على شرب كباية من كل واحد منها (عرديب وتبلدي بالكركدي وآبري وبرتقال) و.. و.. ثم يواصل سرد الحكاية الجميلة فيقول: لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من الدهشة والإبهار.. فبعد أن فرغنا من الإفطار قمنا للصلاة.. فأمنا أحدهم بتلاوة خاشعة وصوت ندي فحبر القرآن تحبيراً، كما لو أنه أحد الأشعريين هبط للتو من ذلك الزمن المهيب، ولا تعرف أتحتفي بالإفطار السخي أم بالقرآن الندي أم بهذا القطع الجميل للطريق!!
نظرت لحالنا ونحن نأكل ونشرب ونصلي ونشكر، ثم نجلس مرة أخرى لنحتسي أكواب الشاي والقهوة، وكل ذلك يحدث تحت أجواء من الطمأنينة، فجال نظري على الطرقات الخالية الآمنة والهدوء الذي يغمر الشوارع والسكينة التي تطوف بالقلوب، فذكرت سوريا وأطفالها الجوعى واليمن وحربها الضروس ومصر وظلمها الرهيب وليبيا والاختطاف في شوارعها، والشام ودواعشها وتونس ولبنان وأفريقيا الوسطى والصومال ومالي وزائير و.. و.. و..
* فرأيت أننا نحتاج إلى أن نبذل المزيد من الشكر والعرفان لرب العزة والامتنان الذي غمرنا بالأمن والإيمان والسلامة والأمان، لنقيد النعم بالشكر.. وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين..
* مخرج.. فلئن لم نكن أثرى العرب ماديا، فليس أقل من المنافسة قيمنا على مقعد المروءة.. كأننا أحفاد ذلك الأعرابي الذي أنشد ذات يوم:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله
ويخصب عندي والمحل جديب
فما الخصب للأضياف أن يكثر القرى
ولكنما وجه الكريم خصيب