رأي ومقالات

تفسير اللبيب في تحديد موقع الحبيب


هل برع السودانيون اكثر من غيرهم في تطبيق (تحديد الموقع ) ..او كما يقال له بالانجليزية (شير لوكيشن )..حتى من قبل ان تدخل التكنولوجيا حياتنا ؟؟ …لا اعتقد ان هناك شعب اخر شاركنا في قصة ذكر مكان المحبوب أو المحبوبة ..منذ اغنية الحقيبة الشهيرة (انا محبوبي ساكن في الخرطوم تلاتة ) …وأغنية (ضيعني ساكن الموردة )…مرورا باغنيات كثيرة كان التصريح فيها هو الغالب بموقع الحبيبة جغرافيا ولم يتبق الا خطوط الكنتور …استمع معي لعبارة ترددت في أغنية قديمة كانت تقول (سميرة وين يا ناس …سكنوك جنوب دارفور )…اطلق المحل ..واراد من سكن المحل …ولسان حاله يقول مع الشاعر ..(امر على الديار ديار ليلى ..اقبل ذا الجدار وذا الجدارا …وما حب الديار سكن قلبي ..ولكن حب من سكن الديارا) …لم تردنا اخبار عن سميرة بعد سكنها جنوب دارفور …ولكننا تمنينا لها السعادة ..كما تمنى شاعر اغنية (من قلبي بدعو لها …في القضارف يدوم سعدها ..دا العليا عزيز اسمها )…فجاد علينا بمعلومة عن انها من سكان القضارف ..فتمنينا السعادة معه لكل من يسكن تلك الجهات …أيضا ذلك الذي طالب الفقرا برد روحه الشاردة …استطعنا ان نحدد موقع شرود الروح بكل سهولة مستخدمين تعبيره…. (بيك الفريق نور يا ست بنوت بارا).. .فكانت الاحداثيات تشير الى بارا وليمون بارا …. والى الشرق حيث قرر شاعرنا استيطان الموقع الجغرافي بذات نفسه ..فغنى (حبيت عشانك كسلا ..خليت دياري عشانها ) …ولسان حاله يقول مع ابي فراس (ارى ان دارا لست من اهلها قفر)…ثم ياتي النور الجيلاني ليحدد لنا الاسم ومسقط الرأس والموقع الجغرافي …فيغني (فيفيان يا اخواني جنوبية ..ضوت لينا الخرطوم )… كان هذا قبل ان يقطع سيف الانفصال امل كل حبيب ..اما النساء فحدث ولا حرج …اغلب اغاني البنات بها تحديد لموقع المريود ..تلك التي غنت للمذيع ضو البيت (المذيع يا ضو البيت ..انا منه ما استغنيت …لا تنشر الاخبار ..الرائد قام لي جبيت ) …الخبر نشرتيهو انت ولم ينشره ضو البيت ….كذلك تلك التي اكتوت بنار النقل الوظيفي وانشدت (يا رب يعود حسني الناقلنو لي مدني ) …ولم نعرف هل رجع حسن من قلب الجزيرة ؟؟ …ام احتضنته أرض المحنة ؟؟ .. اما ذلك الصغير الذي (ودوه خشم القربة ..يا الله عودة سلامة ) نقول له لست وحدك من (ودوهو خشم القربة ) الاف المهجرين من بني جلدتي ذهبوا الى هناك بتذكرة ذهاب بلا عودة … …السؤال الذي يطرح نفسه ..ما هي الاضافة للقصيدة عندما يذكر أحدهم اسم المكان الذي يتواجد به من يحب ؟؟ …بلا شك هو تخليد لاسم المكان عبر الزمان ..خاصة اذا كانت الاغنية من الدرجة الاولى.. كأغنية (ما هو عارف قدمو المفارق ) .. التي خلد فيها خليل فرح احياء امدرمان وشوارعها ..أغلب الظن ان الشاعر يستلذ بذكر اسم المكان الذي يضفى عليه تواجد الحبيب رونقا خاصا ويعطيه بعدا ثالثا.. يجعله مختلفا عن بقية الامكنة …ايضا ربما تختلف الرؤية كل من زاويته ..يرى البعض ..تلك الاماكن مجرد بيوت متراصة ..وشوارع متحاذية… ويراها شاعرنا قطعة من الجنة ..وبعضا من الفردوس …ولكني اميل الى التفسير الذي يعزي كل الامر الى تلك المتعة التى تنبعث في القلب بذكر أمكنة بعينها تظل ذات قيمة خاصة بانفسنا حتى ولو كانت بعيدة عنا جغرافيا فهي قريبة وجدانيا …لا يمكن ان نختم هذا المقال الا ان نذكر الاغنية التي كانت الدافع له …اذ استمعت قبل قليل الى اغنية (النور الجيلاني )…سقى الله محطة الكدرو تلك التي كنا نمر بها صباح السفر الى عطبرة …فتجدنا نردد الاغنية بمجرد دخول القطار (قلبي مشغول بصبية ..شايلا النوم من عيني …كدراوية )….وصباحكم خير

د. ناهد قرناص