احلام مستغانمي

بلى . . سمعتُ الموج يُسبّح (1)


أتعايش مع قهري منذ أشهر.تخونني لغتي كلّما جلست أكتب عن فاجعتي أمام الأخبار العربية التي تفتك بي ، أجدني عاجزة عن نقل وجعي في مقال أكتبه على شاشة الكمبيوتر ، بذلك الاشتعال اللغوي الذي كتبت به في الماضي .
وقعت البارحة على اكتشاف فاجأني ،لم تخُني لغتي ، بل خانني حبري . أحتاج إلى أوراقي وأقلامي لكتابة النصوص الأكثر التصاقاً بروحي ، أصدَق ما كتبته كان على ورق ، وبأقلام التلوين المدرسية الرخيصة تلك ، التي كثيرا ما كنتُ أنساها مفتوحة ، فتكلّفني ألوانها بما تترك من أثار على سريري ، وحقيبة يدي، وأريكة الصالون ، خسارات لا تُقارن بثمنها . لكنني أقبلها دون حسرة أو ندم ، فقد اعتاد أفراد عائلتي رؤية ثيابي وشراشفي ملونة بالحبر ،ثيابا كنت كثيرا ما أخسرها وأنا ألقي بها لتغلي في الغسالة، برغم ثقتي أن لا أمل في إنقاذها من لوثة الحبر.
ثمّ تطوّع الجميع لإخراجي من تخلّفي ، وإيقاف معركتي الخاسرة ضد التكنولوجيا ، وراح أولادي يتنافسون على إهدائي أحدث كمبيوتر وإقناعي بخفة وزن هذا ، وسرعة ذاك . مع الوقت ، كسبتُ بعض الوقت، لكني خسرتُ النبض . وها أنا بعد عامين مازلتُ أنقر على الكمبيوتر بإصبع واحدة ، وأكتب بجزء مني فقط . لكأن هذا الجهاز ينقصه كيمياء الإحساس ، إنّه يظل عازلاً لحرارة القلب ، عاجزا عن نقل المشاعر الكبيرة إلى جسد الكلمات . . ( يتبع )