صلاح حبيب

(10) سنوات والغموض ما زال يلف وفاة “قرنق”!!


على الرغم من مضي عشرة أعوام على رحيل الدكتور “جون قرنق” رئيس الحركة الشعبية النائب الأول لرئيس الجمهورية الأسبق في تحطم طائرته إلا أن الغموض مازال يكتنف وفاته، ولم تصدر أي تلميحات أو معلومات عن أسباب تحطم طائرته، ومن وراء وفاته.. فأرملته “ربيكا قرنق” حتى الآن لم يصدر عنها ما يفيد من وراء رحيل زوجها ولا ابنه ولا أحد من أسرته ولا الحركة الشعبية نفسها سواء كان الأعضاء الجنوبيين أو الشماليين أمثال دكتور “منصور خالد” أو “ياسر عرمان” أفادوا أو ألمحوا لتلك الوفاة.
إن الدكتور “قرنق” وبعد توقيعه لاتفاقية نيفاشا مع الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول السابق في 2005م، جاء إلى القصر الجمهوري وهو أكثر تفاؤلاً بوحدة الجنوبيين أكثر من الانفصال، ولكن بعض القيادات الجنوبية تقرأ في عيونهم ووجوههم الانفصال أكثر من الوحدة فسعوا إلى الانفصال ودقوا الطبول للبسطاء من شعب الجنوب لنيل استقلالهم من الشمال الذي يظنون أنه كان وراء جعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، ولكن المتعلمين والبسطاء من أبناء جنوب السودان كانوا يعلمون جيداً أن المعاملة التي وجدوها من الشماليين لم يجدوها من بني جلدتهم أو من الدول التي اتخذوها موطناً جديداً لهم بعد اندلاع الحرب بعد اتفاقية أديس أبابا.
إن الأخوة الجنوبيين كانوا يعيشون في أمن وأمان وسلام، فلم يحسوا بالاضطهاد داخل دولة السودان، ولكن دعاة الانفصال من الذين أسهم الشمال في تربيتهم وتعليمهم كانوا وراء الانفصال.. فالدكتور “جون قرنق” كان بمثابة الأب الروحي لهم بعد الاتفاقية، وكان بمثابة المخلص لهم من الشماليين، ولذلك وفاته كانت صدمة كبيرة لهم، فضاع كل الأمل الذي ينتظرونه.. فأما أن يعيشوا في الشمال مثلهم ومثل الشماليين حتى ولو أخذوا بيوت الشماليين وفق الأحاديث التي راجت قبل وفاته بأن بعض الجنوبيين كانوا يحددون المنازل التي سيأخذونها من الشماليين ليتخذوها سكناً لهم.
لا أحد يعلم الغيب ماذا سيحدث لدولة السودان شمالاً وجنوباً إذا لا قدر الله أن يبقى “جون قرنق” على قيد الحياة، هل يتوقع أن يبقى السودان موحداً أم ينفصل كما انفصل الجنوب؟ هل ستكون علاقة “جون قرنق” والجنوبيين سمن على عسل أم أن الأمر عبارة عن تهدئة خواطر، ومن ثم ينقلب على الشماليين ويحاول الاستيلاء على السلطة ويكون حكومة جنوبية، وهل يتوقع أن تتمدد الحرب من جديد في حال تمرد الأخوة الجنوبيين بالشمال، كما حدث منهم بعد وفاة “قرنق” وقتلهم للأبرياء من الشماليين، هل هناك مخطط في الخفاء كان يجري نظم حياته لطرد الشماليين ليصبح الجنوبيون هم المسئولون على الحكم من نمولي إلى حلفا.
إن وفاة “جون قرنق” ربما كانت رحمة للشمال من حياته، وقد شاهدنا كيف كانت معاملة الأخوة الجنوبيين للشماليين في المواصلات العامة وفي الاحتكاكات الجانبية، كثير من الساسة تأملوا لانفصال الجنوب، ولكن ما حدث أرحم لأبناء الدولتين‘ فالأخوة الجنوبيين ثقافاتهم مختلفة عن الشمال، فالرحمة منزوعة من قلوبهم وقد شهدنا كيف قتلوا ابن الدكتور “نهار” عندما صدم أحدهم بالطريق العام، كيف قتلوه، قتلوه أبشع قتل رجموه بالطوب كما ترجم الزانية، حتى ضاعت معالمه.. إن وفاة “قرنق” كان فيها خير للطرفين، فالآن أبناء جنوب السودان شكلوا دولتهم وأصبحوا أصحاب سيادة وانتهت نغمة نحن مواطنين من الدرجة الثانية ولتبقى العلاقات الأخوية بين الجيران بدون حساسيات أو مرارات.