هيثم كابو

مفارقات “الغسيل” 2-2


* قلنا في خواتيم مقال أمس إننا قبل حوالي عام ونصف كنا نصرخ عبر هذه المساحة؛ ونتساءل والألم (يحرق الحشا) بينما تطعن الغصة في الحلق كنصل سكين حاد :
لماذا لا يكون هناك (صندوق لدعم مرضى الكلى)؟.. صندوق خيري يشرف عليه بعض أصحاب القلوب الرحيمة لمد يد العون لكل مصاب بفشل كلوي.. صندوق يساعد في زيادة عدد ماكينات الغسل خاصة وأن كثيرا منها الآن يعاني من مشكلات ويحتاج لتغيير.. صندوق يمشي على خطى (جمعية مرضى الكلى) التي تقدم مساهمات مقدرة للمرضى في حدود إمكانياتها.. صندوق نساهم فيه جميعاً اليوم لأننا قد نحتاجه غداً، فالمرض ابتلاء يداهمك فجأة دون سابق موعد أو ترتيب للقاء..!!
* غمرتني فرحة عارمة عندما طالعت أمس الأول خبراً نشرته وأبرزته (اليوم التالي) عن توزيع ماكينات غسل كلى للولايات في احتفال غداً الأحد بالساحة الخضراء يتم فيه تسليم (134) ماكينة غسل و(134) كرسياً، إضافة إلى كميات كبيرة من القساطر الدائمة والمؤقتة المستخدمة للغسل الدموي، وأدوية مجانية لمرضى الفشل الكلوي مقدمة من الصندوق القومي لدعم مرضى الكلى الذي لا أعرف متى تكون ولكني سعيد بما وصل إليه.
* ليس هناك ما يفرح هذه الأيام أكثر من نبأ توزيع تلك الماكينات على (31) مركز غسل كلى بـ(12) ولاية، لتغطي حاجة (1608) مريضاً بالفشل الكلوي، ويحسب للصندوق أنه لم ينس المراكز المنشأة حديثاً في مدن (بربر، تمبول، الفاو، بري ومركز أطفال مدينة ودمدني) من خريطة توزيعه في الوقت الذي نالت فيه الخرطوم من هذه الحصة (40) ماكينة غسل.
* قناعتي الراسخة أن دور المجتمع المدني كبير في مثل هذه القضايا، ولا بد أيضاً من التوعية بضرورة الاتجاه لإجراء عمليات زراعة كلى بدلاً من تبديد الطاقة في الغسل المستمر، كما أن ارتفاع حس الوعي الإنساني من شأنه أن يدفع الدولة للقيام بمسؤولياتها بشكل أكبر، لا سيما عندما يشعر الجميع بحجم المعاناة ويتكاتفون من أجل غد أخضر..!!
* أكثر ما يجعل التفاؤل حاضراً بيننا أن صورة معاناة مرضى الفشل الكلوي تغيرت عن ذي قبل كثيراً، ولا زلت أذكر أن صديقنا الشاعر النبيل هاشم صديق عندما قالوا له قبل سنوات عدة إن الراحل محمد وردي قرر العودة إلى السودان نهائياً.. ابتسم متهكماً ورد بسخريته اللاذعة: “معقولة وردي البغسل كلى مرتين في الأسبوع يجي من أمريكا لبلد ما بتقدر مرتين في الأسبوع تغسل فيها هدومك “..!!
* بالمناسبة: مع قطوعات المياه الدائمة هذه الأيام ستجف (كلى) الجميع وحتى ذلك الوقت وفي ظل هذا الحراك الإنساني البديع من القائمين على صندوق دعم الكلى ينبغي أن نعترف بأن (غسل الكلى) بالخرطوم بات أسهل من (غسل الهدوم)..!
نفس أخير
* يوم باكر حتماً ببقى أخير ولسه الدنيا ما زالت بخير

اليوم التالي