اقتصاد وأعمال

قانون الشركات 2015.. منصة جذب الاستثمارات وحماية حقوق المساهمين


مع انقضاء المهلة التي حددت لإنفاذ قانون الشركات الجديد لعام 2015 ودخوله حيز التنفيذ ابتداء من منتصف الشهر الماضي، وضع معهد العلوم القضائية والقانونية التابع للسلطة القضائية أولى لبنات مناقشة القانون أمام المختصين بالقضاء والقانون ورجال الأعمال، وفي ندوة (قانون الشركات 2015.. الملامح ورؤى التطبيق) التي تعتبر البداية الفعلية للمعهد بعد صدور إنشائه..(الصيحة) ترصد مداولات الندوة التي أجمع خبراؤها على أن قانون الشركات 2015 يشكل أكبر جاذب للاستثمارات ويسهل إجراءات تسجيل الشركات ويزيل العقبات التي تعترض طريق الاستثمار وتحمي حقوق المساهمين.

فتح أبواب الاستثمار على مصاريعها

قال رئيس الجهاز القضائي مولانا حيدر أحمد دفع الله إن القانون يفتح الباب أمام الاستثمارات بالسودان وأكد أن العبرة في القانون بـ(التطبيق) مشيرًا الى امتلاك البلاد لمحاكم مختصة ودوائر مختصة ووجه رئيس القضاء معهد العلوم القضائية والقانونية بوضع خطط تدريب وأكد أن تقديم العدالة للمواطن تتأتى بالتدريب المستمر.

وقال الخبير القانوني والمختص في القوانين التجارية بروفسور عبد الله ادريس في ورقته التي قدمها إن قانون الشركات من أهم التشريعات المرتبطة بعملية الاستثمار والتنمية الاقتصادية. وأضاف: (لكي يكون مجديًا في تحقيق الغرض الذي من أجله شرع لابد من مواكبة التطورات الاقتصادية والاستجابة لمقتضياتها) مشيراً إلى أن قانون الشركات الحالي ظل منذ عام 1925 بدون تغيير مبيناً أن القانون أسس على قانون الشركات الانجليزية لعام 1908 دون أدنى مراعاة للاختلافات العميقة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية لافتاً إلى أن قانون 1925 لم يتحرج من إباحة الربا أو إصدار أسهم ممتازة تتقاضى فوائد سنوية بنسبة ثابتة بجانب تضمن القانون بعض النصوص التي كانت سبباً في إحجام بعض المستثمرين من تسجيل أعمالهم كشركات محدودة المسؤولية لاشتراط المادة التاسعة موافقة المحكمة لتعديل أغراض الشركة.

قانون 1925.. تجاوزه الزمن

ويرى إدريس أن هناك تعديلات قانونية جذرية حدثت في البلاد لم يتابعها القانون، وقال إن قانون 1925 لم يتعدل منذ إقراره ويضيف: إن بعض المبادئ القانونية التي اشتمل عليها جاوزها الزمن) من قبيل مبدأ تجاوز الشركة لأهدافها أو نظرية العلم الحكمي التي تفترض علم الناس بمحتوى عقد ولائحة التأسيس، ويشير إلى أن بعض المبادئ في صلب القانون أدت لإجهاض العدالة لافتاً إلى النصوص التي تحكم التصفية وخصوصاً التصفية الاختيارية حيث أتاحت لبعض ضعاف النفوس أكل أموال الناس بالباطل اعتمادا على نص المادتين 160 و162 بجانب المادة 74 التي تؤدي لإهدار لا مبرر له للوقت والمال.

ويشير الخبير القانوني إلى أن قانون 1925 اكتفى أسوة بالقانون الانجليزي لعام 1908 بالنص على قدر يسير من الأحكام الموضوعية وترك ما تبقى للسوابق القانونية لذلك لم يتضمن مسائل وواجبات المؤسسين والأثر القانوني للعقود التي تبرم قبل اكتمال إجراءات التسجيل وواجبات أعضاء مجلس الإدارة وكيفية محاسبتهم عند الاخلال بالواجبات والأثر القانوني للاستفادة من معلومات غير معلن عنها للتعامل في الأسهم والضوابط القانونية لحماية أقلية المساهمين والحالات التي يجوز فيها للمساهم المقاضاة نيابة عن الشركة وتعريف الشركة القابضة وأحكامها والضوابط القانونية التي تحكم دمج الشركات .

رب ضارة نافعة

ويكشف إدريس أنه في الفترة التي امتدت من صدور القانون وحتى ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي كانت المحاكم تعتمد على السوابق القضائية الانجليزية لإصدار أحكام في المنازعات التي لم يرد نص بشأنها في القانون الحالي لسنة 1925، لكن تبدل الحال حيث حدثت صعوبة الحصول على تلك السوابق وتدني إلمام القضاة وكثير من العاملين بالقضاء والقانون باللغة الإنجليزية وصدور قانون الأحكام القضائية لعام 1983 والذي ألزم القضاة بتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في حال عدم وجود نص تشريعي وهو ما أدى للخلط بين تشريع مستمد من القانون الإنجليزي ومبادئ مستمدة من الشريعة الإسلامية مما أدى إلى تباين في الأحكام القضائية وزاد الأمر سوءًا بصدور قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 المستمد من النظام اللاتيني الذي لا يفرق بين الشركة والشركات كما درج عليه القانون السوداني. ويخلص إدريس الخبير المختص في قانون الشركات إلى أن نقائص وسلبيات القانون الحالي أضحت بحاجة لإصدار قانون جديد لاستقرار التعامل في الشركات وتهيئة المناخ لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

قانون 2015.. سرعة التسجيل

ويقول إن القانون الجديد أبقى على نصوص القانون التي لا تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية والتي ألفها المستثمرون والعاملون بمهنة القانون وأثبتت الممارسة العملية ملاءمتها لظروف السودان. ويشير إلى أن قانون 2015 وضع إجراءات لتسهيل تسجيل الشركات خصوصاً أن المستثمرين يضطرون للانتظار فترة طويلة لضمان اكتمال إجراءات التسجيل. ويقول إن هناك اشكاليات قانونية وعوائق إدارية. ويؤكد أن القانون تضمن نصوصاً ملائمة لتجاوز تلك الشكليات وتسهيل إجراءات التسجيل حيث نصت المادة 15 على منح سلطة التسجيل للمسجل التجاري دون إعطائه سلطة تقديرية مطلقة للقبول والرفض وإنما ألزمته التسجيل طالما أن الشركة استوفت الشروط المحددة. وأبان أن القانون استحدث نوعاً جديدا من الشركات يسمى الشركة محدودة المسؤولية بالضمان، وحدد الضوابط القانونية التي تحكم تسجيلها وإدارتها وقال إنها نوع من الشركات التي تعمل في تشجيع الأعمال الخيرية.

القضاء على آكلي حقوق الناس

وتطرق إدريس إلى المسؤولية المحدودة والتي استغلها البعض بإنشاء وتأسيس شركة خاصة برأس مال متواضع ثم يقترضون اموالاً طائلة من البنوك ثم يعلنون تصفية اختيارية أو إجبارية للشركة وتضيع حقوق الدائنين أو تسجيل شركات خاصة واقتراض مبالغ هائلة باسم إحداها ثم تحويل أصول الشركة وأرصدتها لأخرى وإعلان تصفيتها، وأكد أن القانون وضع حدا لتلك المسائل في المواد 11 و203 و246. وأوضح أن المواد 121 و 130 في الفصل الخامس غطت كافة عمليات الاندماج واجراءاته ومطلوباته.بينما أكدت المسجل التجاري هند الخانجي أن قانون الشركات 2015 سهل من إجراءات تسجيل الشركات مبينة أن سهولة الاجراءات شجعت المستثمرين على العمل بسرعة وأوضحت أن القانون أدخل لأول مرة ضرورة نشر التدابير بالصحف اليومية. وأكدت أن القانون الجديد سهل اجراءات تسجيل الشركات حيث اشترط التطابق فقط وليس التشابه وأضافت (في الماضي كان تسجيل شركة واحدة يتطلب رفض أكثر من 25 اسماً) مبينة أن القانون تضمن فكرة الاندماج بجانب إلزام الشركات الخاصة بإيداع ميزانيتها السنوية. وأوضح نقيب المحامين الطيب هارون أن القانون من أهم القوانين التي أجيزت في السنوات الأخيرة بينما قال خبير حوكمة الشركات الموفد من منظمة الهجرة الدولية دكتور التني بابكر كباشي إن القانون تضمن حوكمة الشركات، وقال إن الحوكمة تصب في خطط وزير العدل بمكافحة الفساد وإنشاء آلية مكافحة الفساد واعتبر أن القانون (خير معين لتضييق الباب أمام الفساد المالي). وقال ممثل اتحاد أصحاب العمل قنديل إن القانون دفعة قوية للتنمية الاقتصادية وأكد أن التنمية الاقتصادية تنهض بها شركات المساهمة العامة وليست الشركات الأسرية واعتبر أن القانون يشكل حماية لحقوق المساهمين.

الصيحة