الطاهر ساتي

أما التصفية.. فلا ..!!


:: الشفافية خير من الخفاء، فلتعلن وزارة المالية للناس عن تلقيها توجيهاً بتصفية شركة الخطوط البحرية السودانية (سودان لاين).. وليس في الإعلان ما يدهش..قبل عام، سأل البرلمان وزير المالية السابق عن عدم تصفية سبع شركات حكومية، و وعدهم الوزير بالتصفية..والشركات المستهدفة بعضها بقطاع السكر، وبعض المصارف والفنادق، ثم ( شركة سودانلاين)..سودان لاين لم يتبقى منها غير الاسم والشعار والمباني وباخرة مسماة بالدهب، وهي إحدى مخلفات الملاحة المصرية وإشترتها الشركة بالتقسيط ..وقبل أشهر، بأمر مجلس الوزراء، تم تشكيل لجنة عليا لتضع خطة تطوير سودان لاين.. ولكن يبدو أن خطة التطوير تحولت إلى ( خطة تصفية)..!!

:: ومع كامل الدعم لسياسة تقزيم الدور الحكومي في الإقتصاد وتوسيع دور القطاع الخاص، ثمة مرافق في الدولة بمثابة مرافق إستراتيجية و (مهمة للغاية)، وخير للناس والبلد والحكومة أن نعض عليها بنواجذ التطوير بدلا عن الشروع في التصفية.. نعم، سودانلاين من الشركات الخاسرة والفاشلة..وبالفساد وسوء إداراتها أهدرت أسطولها البحري الذي كان عظيماً (15 باخرة)، وباعتها – باخرة تلو الأخرى – بالأطنان ( إسكراب).. وإنقاذها من بحر هذا الفشل ثم تطويرها بحاجة إلى (إدارة مهنية ليس إلا).. و إتاحة الفرصة لإدارة مهنية لتطوير هذا المرفق الاستراتيجي خير من تصفيتها..بيع سودانلاين لن يجلب للناس والبلد غير الندم ثم التباكى على اللبن المسكوب، وهذا ما حدث بعد بيع المرفق الاستراتيجي الآخر ( سودان إير)..!!

:: سودانير – قبل بيعها لعارف والفيحاء – كانت تُحي مطارات البلد، وكانت تنقذ السودانيين من ويلات حروب الدول العربية، وكانت تساهم في نقل المرضى والطلاب والشباب بقيمة مناسبة..ولم يكن العائد المادي لسودانير – رابحاً كان أو خاسراً – يشغل بال المواطن كثيراً، إذ كانت لها فوائد أخرى (ذات قيمة)..وتلك الفوائد هي المسماة بالمهام الاستراتيجية و( الخدمية)..ولكن منذ بيعها لعارف والفيحاء، ماتت الحياة بأكثر من نصف مطارات البلد ..وكذلك بعد بيع سودانير لعارف والفيحاء، إرتبكت الدولة في إخلاء السودانيين من بنار الحرب في ليبيا.. أي فقدت الدولة الدور الإستراتيجي الذي كان يلعبه ناقلها الوطني، وإرتبكت ..وهكذا..فوضع مرافق كسودانير وسودانلاين والسكة حديد – بأي دولة نظامها يعرف معنى المرافق الاستراتيجية- لا يقل أهمية عن (وضع الجيش)..!!

:: ولكن النهج في بلادنا كما الإبن العاق الذي يتخلص من أمه وأبيه بالإلقاء في دار المسنين لينفذ شروط الزيجة لمحبوبته..نعم، فالحكومة لا تتوانى في التخلص من مرافق إستراتيجية – كما سودن لاين وسودان إير – و تزاحم رجال الأعمال و التجار وتصارعهم في إمتلاك الفنادق وبيع وشراء السكر والعدس والفاصوليا..حكومة وزاراتها ومؤسساتها تؤسس وكالات سفر وسياحة في شوارع الخرطوم ، وفي ذات اللحظة تتخلص من نقالها (الاستراتيجي الجوي) وتخطط للتخلص من ناقلها (الاستراتيجي البحري)، أوهكذا التناقض المسمى – مجازاً – بسياسة (التحرير الإقتصادي).. وعلى كل حال، نعم لإعادة هيكلة سودان لاين بواسطة إدارة مهنية، ونعم لشراكة مثالية مع شريك إستراتيجي يعمل في ذات المجال بأسهم لا تتجاوز (49%)، ولكن ليست من الحكمة تصفيتها ..( سراً)..!!


تعليق واحد

  1. قال كما الجيش مثلا!!!!!! الجيش ذاتو صفو والا ما عندك خبر امال الدعم السريع دا شنو