عبد الباقي الظافر

الجنرال جاهز..!!


بعيد انقلاب الإنقاذ بأيام زار وفد شعبي من منطقة (حفير مشو) إبنهم بكري حسن صالح خيري الذي ظهر في المشهد.. كعادة أهلنا الدناقلة فقد جعلوا (البساط أحمدي) مع إبنهم بكري، وبدأوا يسألون أسئلة حساسة عن طبيعة التغيير العسكري ومن يقف خلفه.. المقدم بكري بطريقة فيها مكر ودهاء حرك إصبع السبابة على فمه وبرطانة مفصحة قال لضيوفه “الحيطان لها آذان”.. بالطبع هرب بكري للأمام من حصار ضيوفه.. المقدم بكري وقتها كان خازن أسرار التنظيم العسكري بحكم علاقته الخاصة بالعميد عمر البشير.. بل إن الجنرال بكري قام بأصعب الأدوار في ليلة الإنقلاب.. حيث كان مرابطاً في القيادة العامة حتى سلمها للقائد العام الجديد.
طوال ربع قرن من الزمان ظل الفريق بكري محتفظاً بدور مهم ولكن خلف الكواليس. طبعت له صورة الجنرال الصارم ذي النظارة السوداء.. لا يتذكر أحد أية إطلالة إعلامية للفريق بكري.. عطفاً على هذه الصورة استغرب كثير من المراقبين إسناد منصب النائب الأول لرجل بهذه المواصفات.. وبما أن النائب الأول في كل بلاد الدنيا هو رئيس محتمل في وقت من الأوقات.. بل حالة الفريق بكري من المرجح أن يخلف البشير في رئاسة الجمهورية.. وضع بكري كولي عهد يخشى عليه المشفقون ويخاف منه المعارضون.
أغلب الظن إن الفريق بكري كان يعرف هذه الصورة النمطية حينما دعا الصحافيين لمؤتمر حاشد ظهر البارحة.. بدا الرجل كمن يمارس الإحماء فلم يتحدث كثيراً وترك الكرة في ملعب الصحافة.. ولكن حينما اختبر خصومه الذين كانوا ينادون بشعارات نلبس مما نصع.. بل إن بَعضَنَا أسرف في المديح حتى كاد أن يقول للقائد الجديد نحن معك فيما قلت وفيما ستقول.. إرتاح الفريق بكري وبدأ يتحدث بعفوية وثقة في الذات.
كان من الواضح أن الفريق بكري ملم جداً بملف الخدمات.. تحدث الرجل بالأرقام عن موقف الكهرباء.. بل ألمح صراحة أن زيادة قادمة سيتحملها الموسرون.. حتى حديثه عن وثيقة إصلاح الدولة كان واضحاً وجيداً.. تجاوز الجنرال بخبرة رجل مظلات كل الأسئلة الصعبة وكان حريصاً على لسانه من حالة الفلتات التي تصيب بعض الساسة حينما ينفردون ب(المايك).. نجح الجنرال في كسب الجولة الأولى بل انتزع إعجاب الصحفيين حينما استخدم الطرفة وخفة الدم في ثنايا حديثه.
في تقديري.. أن نقطة ضعف الفريق بكري حسن صالح، كانت في عدم قدرته على قراءة المشهد السياسي أو عدم رغبته في الإفصاح عن تفاصيل ذاك المشهد الشائك.. حينما أتاه سؤال عن مرجعية لجنة (٧+٧) وقائمة خبرائها حوَّل السؤال لوزير الإعلام دكتور أحمد بلال عثمان.. صحيح أن المؤتمر الصحفي كان مخصصاً لأجندة غير سياسية ولكن مطلوب من رجل الدولة أن يكون جاهزاً في مثل هذه الظروف.
الجولة القادمة من تحديات الفريق بكري ستكون حول قدرته على الخطابة السياسية المفتوحة على فضاءات الجماهير.. هذه المهمة تحتاج إلى (استايل).. كل سياسي لديه طريقته في الخطابة السياسية.. مثلاً الشيخ حسن الترابي يفضل استخدام لغة الجسد.. فيما الإمام الصادق مولع بالأمثال الشعبية وترقيم المشاكل والحلول.. مولانا الميرغني أختار طريقة النجوم في الابتعاد عن القواعد والاحتفاظ بالإشارة عند الطلب.. بين كل هؤلاء مطلوب من الفريق أن يختار مساره الخطابي.