منوعات

الكهرباء.. اكتشاف عظيم أضاء المدن والأرياف.. في غيهب الليل الحلوك


دخلت الكهرباء معظم المدن السودانية وبعض قراها الريفية، بل إن بعض المواطنين استفادوا من الخدمة بصفة دائمة في المنازل والمستشفيات وصالات الأفراح التي تزدان بها، وأحيانا تُكسى قامات المنازل بألوان جميلة زاهية، وفي كل مناحي الحياة، حتى في الهواتف السيارة التي يحملها الناس دائماً، وكذلك استخدمت في علاج بعض الأمراض.
ورغم أن السودان زاد من إيرادات الكهرباء من توليد السدود ومساقط المياه الطبيعية, وكذلك من مشتقات البترول, ومن الطاقة الشمسية باستخدام الخلايا، وكذلك تمت تجربة استخراجها من الطاقة الهوائية (طواحين الهواء)، وأثبتت نجاحها (كما هو الحال في هولندا رغم أن هواءها بارد وهواءنا يلفح في الوجوه).
اكتشاف عظيم
والكهرباء من أعظم الاكتشافات التي قام بها الإنسان، فهل تستطيع أن تتصور حياتنا بدون كهرباء؟ فأحببناها بعمق ولا نستطيع التخلي عنها، لا يزال السودان يتوسع في استنباط مصادر الطاقة، ومع ذلك لا يزال المردود غير كاف، فنحن حبانا الله بشمسٍ مشرقة طوال العام، بل ومحرقة معظم أيام السنة، وعندما تحتجب عنا ولو سويعات نفرح بغيابها، ومع ذلك الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية ضعيفاً وقيمة الخلايا الشمسية مرتفعة، وكان يمكن للحكومة أن تدعمها أو تبيعها بأقساط مريحة، فإن لها ميزة هي عند نضوب مصدرها (الشمس)، كما أنها لا تخلف تلوثاً يضر بالبيئة أو صحة الإنسان.
تجربة شخصية
كنت أعمل في مشروع بمدينة الأبيض يتبع للأمم المتحدة، وكان من ضمن أنشطته استخدام الطاقة الشمسية في الريف، فاستفادت منها عدة قرى، وتوجد قرية في غرب مدينة الأبيض تسمى أم عشوش أدخلنا فيها الطاقة الشمسية، وهي ترقد على ربوة مرتفعة خضراء تسر النظارين، ويوجد بها عدد من أشجار التبلدي والعرديب، حيث قامت اللجنة الشعبية بإدخال أجهزة التلفاز والديجتال في نادي القرية، فأصبح شبابها يسهرون مع الفضائيات، وقد انعكس ذلك في سلوكهم إيجابياً، وكذلك استخدموها في الثلاجات لحفظ الأدوية المختلفة، ولما غادرناها مع المغيب ونظرنا إلى الخلف لا تصدق روعة وجمال المنظر والثريات المبعثرة هنا وهناك، وفي مداخل القرية كنجيمات تتمايل طرباً بجمال وهدوء الريف.
رأي السواح
وفي إحدى المرات ذات صيف قابلني أحد السواح، فقال لي أنتم ناس كرماء وتحبون الضيف، ولكن ظاهركم لا يدل على باطنكم (فاندهشت من هذا الحديث)، وبكل هدوء سألته ماذا تعني بذلك؟ فقال لما وطأت قدماي مدينة الخرطوم عشت ثلاثة أيام في توجس، لأنني أرى الوجوه في الشارع (عابسة)، وكنت أتوقع مجرد أن أقوم بسؤال شخص في الشارع سوف ينهال علي ضرباً ولكماً، وفي ذات مرة تشجعت وسلمت على أحد المارة، فتبسم ورد لي التحية ووجدته شخصاً لطيفاً جداً ثم بدأت معارفي في التوسع، فوجدتهم من أطيب الشعوب، لكن لماذا تكشرون على وجوهكم؟ فقلت هنالك سببان، الأول حرارة هذه الشمس والثاني حرارة جيوبنا، ويظهر الأخيرة لم تتضح له.
خليات الطاقة
وحقاً هذه الشمس التي هي من أكبر نعم الله سبحانه وتعالى لم نستطع استغلالها، وكان يمكن للحكومة التوسع في صناعة خليات الطاقة الشمسية، وأن تدعمها أو تبيعها للجمهور بأقساط مريحة، أما بالنسبة للطاقة الهوائية تكاد تكون معدومة وإن كان قد أجريت لها بعض التجارب وأثبتت نجاحها، ولقد اشتهرت بها هولندا وأذكر في مشروع (A.D.S) كانت هنالك زائرة من الأمم المتحدة متحمسة لاستخدام الطاقة الهوائية من أجل استخراج المياه الجوفية من باطن الأرض واستخدامها في الشرب والزراعة وتربية الحيوان، وبالتالي في استقرار الرعاة الرحل، ولكن للسودانيين عقولاً خصبة وخيال نضر، فقال أحد الشعراء في قصيدة الأوصفوك:
أنواره واصلة بدون سلوك
فهل ممكن يا أخي القارئ أن تشرح الأنوار الواصلة بدون سلوك، ويا ربي هل لها عداد دفع مقدم؟ وبالتحكم عن بعد؟

اليوم التالي